تتنامى المخاوف في أوساط تشكيلات ووحدات جيش الاحتلال الإسرائيلي مع تنامي الاحتجاجات والمظاهرات الرافضة للتعديلات القانونية التي تصر عليها حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو؛ الأمر الذي سوف ينعكس على الكفاءة القتالية للجيش وقدرته على مواجهة التهديدات التي تواجه الكيان الصهيوني. وينقل يوآف زيتون، المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، عن "كبار ضباط الطيارين أن أزمة عميقة في كفاءة الجيش، وهي أزمة غير مسبوقة، وأكثر خطورة مما يتم تقديمه للجمهور، وتوسعت بين مئات الطيارين النشطين والضباط في الأيام الأخيرة، حتى إنهم باتوا يتهمون قائد الجيش هآرتسي هاليفي ووزير الحرب يوآف غالانت بأنهم يكذبون حين يزعمون عدم تضرر كفاءة الجيش، لاسيما بعد اجتماع جمعهم مع أعضاء لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، لكن ممثلي الجيش امتنعوا عن تزويد أعضاء الكنيست بمعلومات معمقة حول ترتيب القوات والتهديدات الأمنية المتزايدة، خاصة من الشمال ، ربما خوفًا من تسريبها من قبل السياسيين". تمرد على القيادة ويضيف زيتون أن "الجيش قد يكون جاهزا للحرب، لكن هناك ضررا خطيرا يتزايد في العلاقات بين مختلف التشكيلات والقوات، لأن عدد الطيارين والضباط الذين أعلنوا استنكافهم أكثر بكثير من ال400 بحسب تقارير الجيش، فهناك عدد كبير من الطيارين والضباط في مناصب رئيسية، وأكثر من ألف أعلنوا تعليق خدمتهم، تمهيدا للخطوات المقبلة ضد الحكومة". وقال: "وصلنا إلى حالة قد لا يكون فيها قائد سلاح الجو على استعداد لحماية الدولة، هناك عمى كامل وخطير للواقع، بطريقة تذكرنا بالرضا عن الذات الذي سبق انتكاسة حرب يوم الغفران". وأشار إلى أن "أزمة الثقة أكثر إثارة للقلق من فقدان اللياقة للحرب، لأن العديد من الطيارين يصفون مسؤوليهم الكبار ب"المتغطرسين"، وسيكون الاختبار الأكبر للضباط الذين أعلنوا عن عدم حضورهم هو تمرين القيادة الجوية التالي، لأن المقر العملياتي للقوات الجوية يتكون في الغالب من جنود الاحتياط، والأزمة الحالية تخترق تشكيلات أخرى في الاحتياط، والخشية أن يحدث الضرر في الدقة الصاروخية لتشكيل سلاح المدفعية بكفاءة، بعد أن أعلن ضباط وحدة "موران" عن توقف وصولهم، وسيظهر هذا الضرر في غضون أشهر، لأن هذا التشكيل يعتمد بشكل أساسي على القوات النظامية". وأكد أن "العشرات من ضباط الاحتياط من مسارات النخبة وجناح المخابرات، حيث بات الشعور بالضرر ماثلا، فمئات الضباط الذين يخدمون في أدوار تشغيلية مزدوجة، في الإنترنت والفرز والتدريب، أعلنوا أنهم لن يأتوا بعد الآن، مما يعنى عدم القدرة على تحديد مكان الشباب المتميز لدورات النخبة في جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، التي يتم فيها تطوير النخبة والقدرات التكنولوجية الأكثر أهمية في الجيش، حيث يتغيب خريجو الدورات في تشكيلات الأساطيل والغواصات، ما سيؤدي قريبًا لتأخير وتعطيل قدرة البحرية على اختيار الأفضل للأساطيل المختلفة". وأوضح أن "الشعور بالضرر تحقق بعد أكثر من شهر في صفوف العشرات من مدربي الطيران، من ذوي الخبرة، ولم يعدوا يأتون للقاعدة، والنتيجة النهائية الحصول على طيار أقلّ جودة، بقليل من حوادث السلامة في الهواء التي تعرض أرواح الجنود للخطر، وسيطرح السؤال حول "أفضل قوة جوية في العالم"، لأن الجيش يعترف بأن هناك بالفعل ضعفا في القدرة على خوض الحرب الآن، وأكثر من ذلك بسبب ضعف التماسك، وسيعرف الجيش كيف سيتصرف إذا اندلعت حرب غدا". أزمة الإصلاح القضائي وبحسب تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية؛ فإن الإصلاح القضائي خلّف بيئةً أمنية صعبة تواجهها إسرائيل، مع تساؤلاتٍ حول استعدادها العسكري، علاوة على تهديدٍ متزايد من حزب الله، والعلاقات المتوترة مع واشنطن، أكبر حليفٍ لإسرائيل. قال حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، إن يوم الاثنين 24 يوليو 2023 حيث مرر الكنيست مشروع التعديلات القضائية المثيرة للجدل كان "أسوأ يوم في تاريخ الكيان الصهيوني"، وإن "إسرائيل بدأت تشهد تدهوراً في إيمانها ووعيها وثقتها بنفسها وصولاً إلى الأزمة التي تمر بها اليوم". امتناع قوات الاحتياط يبلغ عدد أفراد الجيش الإسرائيلي 635 ألف جندي بينهم 170 ألف جندي فاعل و465 ألف جندي في قوات الاحتياط، حيث تجند إسرائيل معظم مواطنيها في الجيش لمدة عامين إلى 3 سنوات، وبعضهم يستمر في الاحتياط حتى منتصف العمر. وبينما ساعد جنود الاحتياط إسرائيل على "الانتصار" في بعض الحروب، يعتمد الجيش في السنوات الأخيرة على قوات دائمة. لكن يُنظر إلى جنود الاحتياط على أن لهم قيمة خاصة للقوات المسلحة؛ نظراً لمهاراتهم المكتسبة في الوحدات الخاصة والقطاعات الحساسة. ويمكن معاقبتهم لتجاهل الاستدعاء، وإن كان ذلك نادراً ما يحدث. ويُلزم القانون العسكري الإسرائيلي الضباط والجنود برفض الأوامر التي تعتبرها المحاكم غير قانونية، ويحذّر خبراء عسكريون من أن تعديلات النظام القضائي قد تضع الضباط أصحاب الرتب العليا في "مواقف صعبة". ويواجه الجيش الإسرائيلي والقوات الجوية أزمة متنامية لأن الآلاف من جنود الاحتياط صرحوا بأنهم لا ينوون الحضور لخدمتهم التطوعية خلال الاحتجاجات، ما أثار مخاوف من أن الجيش قد لا يكون جاهزاً في حالة اندلاع صراع خطير. وحسب صحيفة The Times البريطانية، فقد أعلن آلاف من جنود الاحتياط عزمهم سحب خدمتهم في أثناء الاضطرابات الجارية. يعتمد الجيش الإسرائيلي، وخاصة سلاحه الجوي، بشكل كبير على جنود الاحتياط. يتكون أكثر من ثلثي بعض الأسراب من طيارين احتياطيين يصلون إلى قواعدهم ليوم واحد كل أسبوع للحفاظ على استعدادهم التشغيلي والمشاركة في المهام. ووقَّع ما مجموعه ألف ضابط في القوات الجوية على خطاب مفتوح نُشر في أعقاب تمرير التعديلات القضائية بأيام، يعلنون فيه أنهم لن يحضروا الخدمة العسكرية بعد الآن. تهاوي أسطورة الجيش وتتهاوى اليوم أسطورة الجيش الذي كان لا يقهر؛ إذ أصبح المجتمع الإسرائيلي يشعر بعجز الجيش عن تقديم الحماية المطلقة له، وخصوصاً بعد الضربات التي تلقاها من المقاومة منذ أن انسحب من جنوبلبنان عام 2000 ثم من غزة عام 2005 تحت ضرباتِ المقاومة، ثم توالي الهزائم التي تلقاها في الحروب التي خاضها مع غزة بعد ذلك، فكلما حاول استعادة أسطورته وقوة ردعه سقط بصورة أكبر، حتى فرضت المقاومة قواعد اشتباك جديدة لا تسمح للعدو بتجاوزها. وقد تكللت هزائم جيش الاحتلال بشكل أوضح في معركة "سيف القدس" عام 2021 التي رسخت لمبدأ "وحدة الساحات" الذي أرّق الاحتلال وأربك حساباته، ففرضت المقاومة في غزة نفسها على طاولة صناع القرار في الكيان، في كل خطوة يخطوها في القدس أو الضفة. 58% يخشون الحرب الأهلية تلاشي قدسية الجيش سيستمر انعكاسه على تفكك المجتمع الإسرائيلي وعلى عمق الخلافات السياسية، حيث أظهر آخر استطلاع للرأي داخل دولة الاحتلال أن 58% من الإسرائيليين يخشون نشوب حرب أهلية، أيضاً ستزيد من قدرة التيار الديني الخلاصي الحريدي على تحقيق أهدافها بحسم الصراع، فقد أظهر تحقيق للقناة 12 العبرية أن حكومة نتنياهو خصصت أموالاً ضخمةً لبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، وكشفت جلب بقرات حمراء ليتم ذبح أحدها في المسجد الأقصى تمهيداً لإقامة الهيكل المزعوم. 340% زيادة في المرضى النفسيين وحسب جمعية "نتال" لتقديم الدعم النفسي لضحايا الصدمة"، في تقرير لها في مايو 2023م، فقد زاد عدد المرضى النفسيين بنسبة 340٪ في عدد الطلبات المقدمة من الإسرائيليين، بسبب الهجمات الفلسطينية، وتم تلقي أكثر من 1300 مكالمة من خلال خطوط المساعدة الخاصة، التي باتت تستقبل استشارات نفسية بنسبة 42٪ من سكان وسط فلسطينالمحتلة الأقل اعتيادًا على إطلاق الصواريخ. وفي تقرير أعدته كورين ألوش مراسلة صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن "طلب الدعم النفسي تمثل بإسرائيليين تسببت لهم الهجمات الفلسطينية بضيق عقلي تجلّى بخوفهم من مغادرة المنزل، والقلق على أنفسهم، كما وصلتهم طلبات من سكان وجنود قدامى تعرضوا لإطلاق صواريخ وهجمات في الماضي، وأثارت أحداث الحرب الأخيرة قلقهم، حيث تم استلام 25162 مكالمة على خطوط المساعدة الخاصة، أكثر بقليل من الثلث جاءت عقب إطلاق النار في شارع ديزنغوف، وتم عقد 7600 ساعة من ورش العمل حول التدخلات الطارئة في المجتمع الإسرائيلي".