رغم إجبار حكومة الانقلاب مزارعي القمح على توريد المحصول لصالح وزارة التموين بثمن بخس وتهديدهم بأشد العقوبات والغرامات، إلا أنها لن تنجح في تجميع الكميات التي تعلن عنها والتي تصل إلى 6 ملايين طن قمح وهي تمثل نحو نصف استهلاك رغيف الخبز سنويا والذي يصل بحسب مزاعم الانقلاب إلى 12 مليون طن. فشل حكومة الانقلاب سيضطرها إلى استيراد الكميات المتبقية من الخارج، وهو ما لن تستطيع الوفاء به في ظل أزمة نقص الدولار، ما يهدد بأزمة في توفير رغيف الخبز المدعم، وهو ما تمهد به حكومة الانقلاب لإلغاء دعم رغيف الخبز أو تقليصه خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي، خاصة أن فاتورة واردات القمح تثقل كاهل الموازنة العامة لبلد مصنف كأكبر مستورد للقمح في العالم . وبذلك تصبح حكومة الانقلاب أكثر عرضة لتقلبات الأسعار عالميا بفعل الفجوة الكبيرة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك، وسط مزاعم بزيادة الإنتاج لخفض فاتورة الاستيراد، وتقليص عبء تدبير الدولار في مقابل شح موارد النقد الأجنبي. يشار إلى أن مجلس وزراء الانقلاب يقدر في تقرير له استهلاك البلاد المتوقع في العام المالي الجديد ب20.400 مليون طن مقابل 20.250 مليون طن للعام الجاري. أزمة الدولار كانت حكومة الانقلاب قد اتخذت حزمة قرارات الشهر الماضي، استهدفت خفض معدلات استيراد القمح من الأسواق العالمية، بسبب أزمة نقص الدولار وذلك بزعم تحفيز توريد الإنتاج المحلي، عبر صرف حافز إضافي لتوريد القمح موسم 2023 بنحو 1500 جنيه وفرض قيود على استخدام المحصول كعلف للحيوانات بجانب حظر نقله من مكان إلى آخر دون موافقة وزارة تموين الانقلاب، مع قصر تسويقه على شركات حكومية. في حين أكد تقرير رسمي لوزارة زراعة الانقلاب أن إجمالي إنتاج البلاد من محصول القمح العام الماضي،بلغ 10.6 مليون طن، وهو ما يجعل البلاد في حاجة إلى تدبير الكميات المتبقية لسد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك، عبر الاستيراد. فيما طالبت وزارة تموين الانقلاب وزارة مالية الانقلاب والبنك المركزي المصري، بسرعة تدبير المخصصات المالية المستحقة لاستلام وتوريد المحصول المحلي من القمح، خلال موسم الحصاد الذي بدأ في أبريل الماضي، المقدرة بحوالي 33 مليار جنيه بزيادة خمسة مليارات جنيه عن الموسم الماضي. أكبر مستورد في هذا السياق أكد تقرير وزارة الزراعة الأميركية عن الحبوب "الأسواق العالمية والتجارة"، أن حكومة الانقلاب ستواجه تحديات متوقعة على صعيد الإنتاج والاستهلاك، خاصة أن مصر تعد أكبر مستورد للقمح في العالم متوقعا أن تشهد مصر ارتفاعا في واردات القمح وتناميا استهلاكيا، خلال العام المالي 2023-2024. وأوضح التقرير أن مصر ستظل أكبر مستورد عالمي للقمح في الموسم المقبل بإجمالي واردات تسجل 12 مليون طن بدلا من 11 مليونا في (2022-2023)، مشيرا إلى أن النزوح المتوقع من السودان إثر الصراع المشتعل بين الجيش وقوات الدعم السريع، سوف يؤدى إلى زيادة واردات مصر من القمح، إضافة إلى استمرار النمو السكاني، وتحديات العملة المحلية. مساحات جديدة من جانبه قال خالد جاد، عضو الحملة القومية للقمح مدير المكتب الفني لمعهد المحاصيل بمركز البحوث الزراعية إن "المساحات المزروعة بالمحصول هذا العام حوالى 3.2 مليون فدان، وهي نسبة مستقرة تاريخيا، إذ تتراوح المساحات المزروعة بالقمح بين ثلاثة إلى 3.4 مليون فدان في الغالب، بإنتاجية 19.2 إردبا للفدان الواحد، و24 إردبا للفدان في الحقول الإرشادية النموذجية". وأشار جاد في تصريحات صحفية إلى أنه تم إضافة مساحات جديدة لزراعة محصول القمح الاستراتيجي في مشروعي توشكي وشرق العوينات، خاصة الأخير الذي يضم قرابة 160 ألف فدان من المقرر زيادتها العام المقبل إلى نصف مليون فدان، الأمر الذي يضيف إلى الإنتاج المحلي لمصر مليون طن إضافي. وأوضح أن مصر أضافت مساحات جديدة من الأراضي لزراعة المحصول، ولم تزاحم المحاصيل الرئيسة الأخرى مثل الأرز والذرة لصالح القمح . توريد إجباري وتوقع عبدالغفار السلاموني نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية أن يصل إنتاج القمح هذا الموسم إلى 10 ملايين طن، في حين تستورد الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة لدولة العسكر ما بين ستة إلى ثمانية ملايين طن، مقابل استيراد القطاع الخاص ل4.8 مليون طن تقريبا، وهو ما يخلق فجوة بين الإنتاج والاستهلاك تتجاوز النصف تقريبا، ويتم سدها بالاستيراد من الخارج. وقال السلاموني في تصريحات صحفية أن الحافز الحكومي لتشجيع المزارعين على توريد إنتاجهم بحوالي 1500 جنيه على كل طن، يمنح الطن المحلي أفضلية مقارنة بالسعر العالمي، إذ إن التوريد هذا الموسم إجبار ويمنع المزارع من تسويق إنتاجه أينما شاء داخل السوق المحلية. وأشار إلى أنه منذ انطلاق موسم الحصاد الشهر الماضي، جرى توريد 2.2 مليون طن لصالح تموين الانقلاب، متوقعا ألا يتجاوز حجم التوريد ما بين أربعة وخمسة ملايين طن.