أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تركيا ستجري في 14 مايو كما هو مخطط لها، على الرغم من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في 6 فبراير، وما زالت تداعياته إلى اليوم بوصول عدد القتلى لنحو 52 ألفا في تركيا وشمال سوريا وعشرات الآلاف من المصابين. واستنكر الرئيس التركي في كلمة أمام البرلمانيين من حزب العدالة والتنمية الحاكم الانتقادات الموجهة لحكومته على إداراتها للكارثة وقال "هذه الأمة ستفعل ما يلزم يوم 14 مايو إن شاء الله". وجاءت تأكيدات أردوغان للإشارة إلى أنه غير خائف من خيارات الشعب حياله وحيال توجهه السياسي الخارجي باستقبال وزير خارجية الانقلاب سامح شكري الذي زار تركيا قبل 24 ساعة من تصريحات الرئيس التركي بهدف معلن، وهو فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين بعد جبل الجليد، ولم يستبعد وزير الخارجية التركي عقد قمة بين السيسي وأردوغان في الوقت المناسب". والتقى أردوغان وزير خارجية السيسي سامح شكري، بعدما ثبت لأشهر ميثاق إعلامي للقنوات المصرية التي تنطلق من إسطنبول وتعارض النظام القائم، ثم بدأ الأتراك والمصريون تقاربا تدريجيا، خاصة فيما يتعلق بقضايا التجارة التي لم تتوقف منذ 2013 وإن شهدت تهديدات من أذرع السيسي وتضاؤلا يسير في حجم نموها بالتزامن مع ذلك. أردوغان الذي شكل سياسية خارجية لا تنفي علاقاته مع جماعة الإخوان المسلمين، والتي وضعهتا دول الثورة المضادة كأحد العقبات الرئيسية التي يجب التغلب عليها في تطبيع العلاقات الدبلوماسية. ومقابل ثقة أردوغان في الديمقراطية التركية ورأي الأمة التركية في خططه لم يؤخر الانتخابات عن موعدها، ويثق محمد بن زايد زعيم الثورة المضادة في استمرار خططه والتي منها زيارة شكري ولقاء أردوغان والسيسي وتحيتهما في افتتاح كأس العالم بقطر نهاية العام الماضي، وغيره من خط العلاقات بين الجانبين الذي يبدو أنه يجري برعايته، حيث جاءت تصريحات الرئيس التركي الأربعاء، بالتزامن مع تقرير صحيفة أمريكية يشير إلى أن العلاقات الاستراتيجية بين الإمارات وصربيا مطردة، وأنها محور استفادة جيوسياسية من أبوظبي لبلغراد. وقال موقع "يوراسيا ريفيو" الأمريكي إن "الإماراتيين يهدفون إلى دفع نفوذ تركيا خارج صربيا ومنطقة غرب البلقان بشكل عام، وإن اتفاقيات اقتصادية بين البلدين يعد فيها الصرب أنفسهم ينظرون إلى الإمارات حاليا أنها أقرب حليف وصديق لبلادهم في العالم العربي". الموقع الأمريكي قال إن "العلاقة بين البلدين تريد الإمارات من ورائها؛ منع خصمها (تركيا) من موطئ قدم لها توسع من خلاله نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي". ولفت الموقع إلى أن الإمارات التي تواصلت مع تركيا بزيارات متبادلة على أعلى مستوى قبل نحو عام من الآن، تعتقد أن بإمكانها أن تكون طرفا مهيمنا في منطقة غرب البلقان، كما تؤمن بكبح جماح منافسيها الآخرين ولذلم تقيم علاقة ثنائية قوية مع دول المنطقة. ولكن الموقع رجح أن تزيد هذه العلاقات بين بلغراد والإمارات من تعقيدات العلاقات بالمنطقة بخلق حقائق جيوسياسية جديدة. محاور سياسية وكان الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، المقرب من محمد بن زايد لفت عبر "تويتر" إلى أن المحاور السياسية العربية انتهى دورها لتفسح المجال أمام محاور أخرى، مشيرا إلى أن تلك المحاور قد انتهى دورها وأصبحت من الماضي. وأضاف المتحدث باسم مكتب الثورة المضادة الرئيسي -إن جاز التعبير- عبر حسابه في تويتر قال، إن "محور الرباعي العربي مصر، السعودية، الإمارات، البحرين، أدى دوره وانتهى مفعوله وأصبح شيئا من الماضي". وأضاف، أن "المحاور عموما آنية لا تدوم وظرفية لا تستمر، تؤدي غرضها وتنتهي صلاحياتها لتفسح المجال لبروز محور آخر". وكان تحالف مُكوّن من السعودية والإماراتوالبحرين ومصر قد فرض حصارا بريا وجويا وبحريا على قطر منتصف يونيو 2017، بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، واعتبرته محاولة للنيل من سيادتها وقرارها المستقل. علاقات متنامية وشهدت علاقات السيسي مع كل من قطروتركيا، تطورا جديدا ملحوظا خلال الأسابيع الماضية، وتنحية للخلافات التي شابت هذه العلاقات منذ انقلاب 2013. والإثنين 27 فبراير، زار سامح شكري تركيا، والتقى فيها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، وزار رئيس حكومة السيسي مصطفى مدبولي قطر، والتقى أميرها الشيخ تميم بن حمد. وقال الشيخ خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء القطري، إن "المناقشات مع مدبولي جاءت حول التوظيف الأمثل للفرص الاستثمارية المتاحة أمام البلدين، بالإضافة إلى سبل توسيع العلاقات التجارية بينهما". وأضاف رئيس الوزراء القطري على تويتر "كما ناقشنا الروابط الأخوية التاريخية التي تجمع شعبينا والحاجة لتطويرها دوما، بما يخدم ازدهار شعبينا ومصالحنا المشتركة". ومن إسطنبول قال سامح شكري، خلال لقائه أوغلو إن "زيارته تأتي تضامنا مع الشعب التركي الشقيق في أزمته بعد الزلزال، لافتا إلى أن العلاقات بين مصر وتركيا ماضية في طريقها بخطوات سريعة حتى تعود لطبيعتها". ونقلت وكالة "الأناضول" في تغريدة عن شكري قوله، إن "مصر ستبقى إلى جانب شقيقتها تركيا، وإن العلاقات بين البلدين سترتقي لأفضل مستوى". واستقبل "أوغلو" "شكري" بمطار أضنة، حيث حطت طائرة الأخير، في إطار زيارته لتوصيل رسالة دعم مصرية للشعب التركي في كارثة الزلازل الأخيرة. وهي المرة الأولى منذ عشر سنوات التي يقوم فيها "وزير" مصري بزيارة رفيعة المستوى إلى الأراضي التركية، التي قدم إليها من سوريا، حيث التقى هناك الأسد المعزول سياسيا في المنطقة منذ اندلاع الحرب التي استمرت 12 عاما في سوريا. وقال شكري للصحفيين خلال مؤتمر صحفي مشترك، الإثنين، مع نظيره التركي في ولاية "مرسين" جنوبي تركيا، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" "المهم بالنسبة لنا هو إعادة العلاقات إلى المستوى القديم، ونقلها بعيدا جدا في مصلحة البلدين وفقا لمصلحتهما المشتركة". وكانت العلاقات الدبلوماسية قُطعت بين أنقرة والقاهرة، بعد الانقلاب على الرئيس الشهيد د. محمد مرسي عام 2013، والذي كانت تربطه علاقات طيبة مع رجب طيب أردوغان، في انقلاب عسكري قاده السيسي آنذاك حيث كان وزيرا للدفاع. تقارب تدريجي وقالت تقارير إن "التضخم وانخفاض قيمة الليرة التركية والأزمة الداخلية، والتضخم وانخفاض الجنيه المصري واعتماد الاقتصاد على صندوق النقد الدولي للمساعدة، جعل الظروف متشابهة إلى حد ما". وتخلت تركيا في السنوات الأخيرة عن نهجها النقدي تجاه حكومة عبد الفتاح السيسي، وفي أعقاب الزلزال، يظهر السيسي أنه غير مندفع لكسر أنقرة والتصالح معها كفرصة اقتصادية وانصياعا لرغبات بن زايد واتخاذ خطوة إلى الأمام في تلك العلاقات التي انقطعت منذ عقد من الزمان. وردا على سؤال لوكالة الأناضول حول إمكانية عقد قمة بين أردوغان والسيسي، قال وزير السيسي "سامح شكري" "بالتأكيد، ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين". وظهرت تركيا في القريب جدا من الحدود المصرية بعدما رسمت حدودها مع ليبيا، وكشفت عن المساحة التي تركتها مصر 7000 كيلو مربع وتراها بوضوح علي الخريطة، إلا أن السيسي وضمن سلسلة طويلة من الخسائر فضل خسارة 1000 كيلو متر مربع من الحدود البحرية (غاز وملاحة وصيد وأمن) بعد أن عاندت أنقرة بتوقيع اتفاقيات مع قبرص واليونان.