تقود قطر مونديالا كرويا وآخر تربويا لمن يريد الاستفادة من الحكام العرب، إلا أنها خصت رؤساء الدول وحكامها بهدايا ثمينة بلغت مليون دولار، ولا فرق بين من جاء بالانقلاب أو الانتخاب، لذلك حرص حكام الدول العربية وجنرالاتها الذين غابوا عن قمتهم العربية الأخيرة في الجزائر، على الحضور في نسخة كأس العالم بالدوحة، بعضهم ليظفر بالمليون دولار والآخرين ليغسلوا سمعتهم القذرة. ومع ذلك أطلق السفاح السيسي عواء إعلامه ضد الدوحة، ولا عجب أن أحد هؤلاء "محمد الباز" كان يتألم أن قطر ستفتتح المونديال بآيات من القرآن الكريم؛ فالشياطين تحترق عند سماع كلام الله، وقدمت القيادة القطرية الداعية العالمي دكتور "ذاكر نايك"، كما قدمت المُغنية الاستعراضية "مريام فارس"، ومن يرجح أحد الكفتين هم الجمهور القطري الذي انتقد ظهور مريام وأسعدهم ظهور الداعية "ذاكر"، ما يعني أن الناس بانطباعها من يرجح إحدى الكفتين.
من قطر وشهد استاد البيت في العاصمة القطريةالدوحة، مساء أمس، افتتاح أول بطولة لكأس العالم لكرة القدم في الشرق الأوسط، وسط تدفق زعماء العالم ومشجعي كرة القدم. وبعد حفل افتتاحي انطلق بآيات قرآنية وشهد حضور الممثل الأمريكي الشهير مورجان فريمان واستذكار النسخ المونديالية السابقة، قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إنه "بدءا من هذا المساء وطوال 28 يوما، سوف نتابع، ومعنا العالم بأسره المهرجان الكروي الكبير، في هذا الفضاء المفتوح للتواصل الإنساني والحضاري". وأضاف أمير قطر، الذي كان جالسا إلى جانب والده: "من قطر، من بلاد العرب، نرحب بالجميع في بطولة كأس العالم 2022". وتابع: "لقد عملنا ومعنا كثيرون كي تكون من أنجح البطولات، بذلنا جهدا واستثمرنا في الخير لإنسانية جمعاء، وأخيرا وصلنا إلى يوم الافتتاح الذي انتظرتموه بفارغ الصبر". وأردف قائلا: "سوف يجتمع الناس على مختلف أجناسهم وجنسياتهم وعقائدهم وتوجهاتهم هنا في قطر وفي جميع القارات للمشاركة في اللحظة ذاتها"، لافتا إلى أنه "ما أجمل أن يضع الناس ما يفرقهم جانبا لكي يحتفوا بتنوعهم وما يجمعهم في الوقت ذاته". واستغرق حفل الافتتاح 30 دقيقة وشمل برنامجا مكونا من سبع فقرات أحياها فنانون عالميون ومزجت بين التقاليد القطرية والثقافة العالمية، بينما تم الاحتفال بالمنتخبات ال32 المشاركة وبالدول المستضيفة السابقة لكأس العالم وبمتطوعي البطولة. وتميز حفل الافتتاح بحضور عدد من الرؤساء والملوك والانقلابيين، مثل السفاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية الموالي لإسرائيل محمود عباس والرئيس الجزائري بعد المجيد تبون ونائب رئيس شيطان الإمارات محمد بن راشد وولي عهد السعودية محمد بن سلمان. كما حضر إلى الدوحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ والرئيس السنغالي ماكي سال والرئيس الرواندي بول كاغامي.
صفر مشاكل وشهد مونديال قطر مصافحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسفاح السيسي للمرة الأولى، وهو ما أعاد إلى الواجهة مجددا ملف إعادة تطبيع العلاقات بين تركيا وعصابة العسكر بمصر وفتح الباب واسعا أمام الأسئلة حول ما إن كان ما جرى هو "مجرد مصافحة " أم "اختراق حقيقي" في مسار تحسين العلاقات الذي شهد تعثرا لافتا في الأسابيع الأخيرة بسبب عودة الخلافات حول الملف الليبي وشرق المتوسط. وعلى الرغم من استبعاد أن يكون اللقاء جرى الترتيب له بشكل مسبق، واعتبار ما جرى "مجرد مصافحة" بين أردوغان والسفاح على غرار ما جرى مع باقي الضيوف، إلا أنه يعتبر اختراقا كبيرا في العلاقات عقب سنوات طويلة من القطيعة والخلافات السياسية الحادة، عقب انقلاب السفاح السيسي على أول رئيس مدني منتخب، الشهيد محمد مرسي، وارتكابه عشرات المجازر التي أودت بحياة آلاف المصريين. كما تكمن أهمية اللقاء أنه يأتي عقب أسابيع قليلة من إعلان عصابة الانقلاب بالقاهرة تعثر المباحثات مع أنقرة حول إعادة تطبيع العلاقات بسبب تجدد الخلافات حول الملف الليبي وشرق المتوسط وهو ما يؤشر إلى إمكانية عودة قريبة للمحادثات الاستكشافية التي توقفت والتي كان يتوقع أن تتطور لمباحثات دبلوماسية ولقاء على مستوى وزراء الخارجية. وعام 2020 تدخلت تركيا عسكريا إلى جانب حكومة الوفاق في طرابلس ضد قوات حفتر والمليشيات المدعومة من سفاح مصر وشيطان الإمارات آنذاك ونجحت قوات الوفاق في الوصول حتى حدود مدينة سرت الليبية بدعم من الجيش التركي قبل أن تخيم أجواء توتر غير مسبوقة على العلاقات التركية مع عصابة الانقلاب بمصر، حيث استنفر الجيش المصري قواته وحذر السفاح السيسي من اجتياز القوات المدعومة من تركيا مدينة سرت ملوحا بالخيار العسكري وهو ما فتح الباب واسعا أمام التكهنات حول شبح المواجهة العسكرية بين البلدين. وعقب قرابة عامين عاد التوتر مجدداً مع توقيع أنقرةوطرابلس على اتفاق للتعاون في التنقيب عن الغاز والنفط في حدود مناطق اتفاق ترسيم الحدود البحرية الموقع بين البلدين والذي يتعارض ويتداخل مع مناطق اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين عصابة الانقلاب بمصر واليونان وهو ما دفع البلدين لإعلان رفض الاتفاق والتلويح بإجراءات لمنع أي تحركات تركية في المناطق المتنازع عليها.
خلافات جوهرية ومنذ أكثر من عام، بدأت تركيا مسارا لإعادة تطبيع العلاقات مع دول المنطقة ونجحت تدريجيا في إعادة تطبيع العلاقات مع الإمارات والسعودية ودول أخرى حول العالم، اضافة إلى كيان العدو الصهيوني ، إلا أن المسار المتواصل مع عصابة الانقلاب في مصر واجه صعوبات بالغة ولم يجر حتى اليوم تحقيق اختراق حقيقي يتمثل في إعادة تبادل السفراء أو عقد لقاءات سياسية على مستوى متقدم، حيث بقيت الاتصالات على مستوى الاستخبارات والدبلوماسية المنخفضة، قبل أن تعلن عصابة الانقلاب بالقاهرة عن تعثر هذا المسار بسبب تصاعد الخلافات حول ليبيا. وأبرز الملفات الخلاف الجوهري المتعلق بدعم المعارضة المصرية وقنوات المعارضة في تركيا وغيرها، كان ملف ليبيا وشرق المتوسط أحد أبرز الملفات الخلافية بين البلدين، حيث تدعم تركيا حكومة الدبيبة في طرابلس بينما لا تزال عصابة الانقلاب بالقاهرة تدعم انقلاب برلمان طبرق وحكومات الانقلابات المنبثقة عنه، إلى جانب اصطفاف عصابة الانقلاب بالقاهرة إلى جانب اليونان في حسابات شرق المتوسط التي تعتبر حالياً بمثابة القضية الاستراتيجية الأولى لتركيا. وعلى الرغم من أن تركيا اتخذت خطوات مختلفة على صعيد بناء الثقة مع عصابة الانقلاب بالقاهرة لا سيما توقيف الإعلامي المعارض حسام الغمري الذي كان من أبرز الداعين لتظاهرات 11/11 في مصر، ورغم نجاح أنقرة في قطع خطوات سريعة في مسار العلاقات مع الإمارات والسعودية حليفتي السفاح السيسي، إلا أن التطورات أظهرات أن الخلافات حول الملف الليبي كانت أعمق وأكبر من أن تحتويها الخطوات الإيجابية في الملفات الأخرى وهو ما يبقي مصير العلاقات مرهونا بالتطورات في هذا الملف.