أعلنت شركات الإسمنت عن رفع الأسعار عقب تعويم الجنيه وتراجع قيمته أمام الدولار مؤكدة أن رفع الأسعار إجراء اضطراري حتى لا تتعرض إلى خسائر أو تتوقف عن الإنتاج وتسرح العمالة. وأبلغت الشركات وكلاءها بتطبيق الأسعار الجديدة بمقدار 50 جنيها زيادة في كل طن، كمرحلة أولى، تعقبها زيادات أخرى أسبوعية قد تصل إلى 200 جنيه. كانت 23 شركة إسمنت قد خفضت العام الماضي الطاقة الإنتاجية بحوالي 30% في المتوسط، تنفيذا لقرار جهاز حماية المنافسة والممارسات الاحتكارية ، وذلك عقب شكاوى الشركات من زيادة المعروض عن حاجة السوق بحوالي 40 مليون طن، فيما يُنتَج 85 مليون طن سنويا. وأظهرت بيانات المجلس التصديري لمواد البناء ارتفاع قيمة صادر الأسمنت خلال النصف الأول من عام 2022 إلى 336 مليون دولار، مقابل 197 مليون دولار خلال الفترة نفسها من 2021، وذلك بعد دعم الصادرات من قبل حكومة الانقلاب إلى دول أفريقيا، عبر تحمّل 80% من تكاليف النقل. يشار إلى أن صناعة الإسمنت تُعدُّ إحدى المحركات الرئيسية لسوق التطوير العقاري المحلية، وتُقدّر مساهمتها بالناتج المحلي الإجمالي بنحو 1%، وبأكثر من 10% بالناتج القومي الإجمالي للصناعة المصرية ويحذر العاملون بهذه الصناعة من تداعيات قرارات البنك المركزي المصري التي صدرت الأسبوع الماضي وتضمنت رفع أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس وتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 15% أمام الدولار الأمريكي . من جانبه أكد حسام صبحي، تاجر مواد بناء، ارتفاع أسعار الأسمنت من قبل الشركات عقب ارتفاع سعر الدولار بمعدل 50 جنيها في الطن كبداية، موضحا أن متوسط السعر حاليا يصل إلى 1600 جنيه للطن، وقال صبحي في تصريحات صحفية إنه "عقب تحريك سعر الصرف انتعشت حركة المبيعات من قبل المستهلكين بهدف الحجز والتخزين خشية حدوث ارتفاعات أخرى في الأسعار ، وهو ما دفع الشركات المنتجة للإسمنت إلى زيادة الأسعار .
تكاليف الإنتاج وكشف ياسر محمد، مدير مسؤول في إحدى الشركات الكبرى لتجارة الأسمنت وتوزيعه أن الشركات أبلغتهم عقب ارتفاع سعر الدولار بارتفاع سعر الطن عبر زيادة متدرجة تصل إلى 50 جنيها في كل مرة. وقال محمد في تصريحات صحفية إن "ارتفاعات الإسمنت الأسابيع الماضية كانت غير مبررة عقب ارتفاع أسعار الغاز المورد من حكومة الانقلاب للشركات، نتيجة أن هناك 10 مصانع فقط هي التي تعمل بالغاز، وبكميات مقننة. وأضاف ، أما الوضع الآن، فمختلف بعد ارتفاع سعر الدولار، لأن أغلب مصانع الإسمنت تعمل بالفحم المستورد الذي يمثل 60% من تكاليف الإنتاج.
قرارات مفاجئة وقال محمد زكي السويدي رئيس اتحاد الصناعات، إن "القرارات السريعة والمفاجئة التي تصدرها هيئات حكومة الانقلاب يجب أن يتم عرضها على القطاعات المستهدفة قبل اتخاذها لمعرفة الأثر الاقتصادي عليها قبل تنفيذها حتى لا تتسبب في أزمات ومشكلات". وأشار "السويدي" في تصريحات صحفية إلى أن أزمة كورونا دفعتنا كرجال الصناعة لتحمل مسئولية تنمية القطاع الصناعي، وزيادة القيمة المضافة على الإنتاج لأننا نعلم بعجز حكومة الانقلاب . ووصف القرارات التي أصدرها البنك المركزي في إشارة إلى التحول نحو فتح الاعتمادات المستندية بدلا من مستندات التحصيل في الاستيراد بأنها كانت صادمة لأنها جاءت مفاجئة ولم يستطيع القطاع الصناعي تحملها لاعتماد عدد كبير من الشركات على مستلزمات الإنتاج المستوردة في تصنيع بضائعها.
تراجع الطلب وصعود الأسعار وتوقع مسئول في شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية، أن تعمل حالة الركود وتراجع الطلب على الإسمنت على تحجيم نسب ارتفاع الأسعار عقب تعويم الجنيه، لافتا إلى أن بعض المصانع رفعت أسعارها بمعدل 50 جنيها في كل طن، في حين هناك مصانع أخرى ما زالت تبيع بالسعر القديم . وطالب المسئول الذي رفض الكشف عن هويته بالعودة إلى قرار سابق بإلزام شركات الإسمنت بتصدير 5% من إنتاجها لتعزيز الموارد الدولارية. وأكد المسئول أن شركات الإسمنت الأجنبية العاملة في مصر تقلل من حجم صادراتها الخارجية للحفاظ على المعروض من الإسمنت في السوق العالمي. وحذر محمود مخيمر، رئيس شعبة الإسمنت بغرفة تجارة الإسكندرية من أن الأسعار مرشحة للصعود بقوة خلال الفترة المقبلة إذا استمر تراجع الجنيه أمام الدولار وتخفيض حصص الشركات في السوق المحلي. وقال مخيمر في تصريحات صحفية إن أسعار الإسمنت ستصل خلال الشهر المقبل إلى 1700 جنيه للطن، وذلك في ظل تخفيض المصانع لحصص التجار وزيادة الصادرات. وأكد أن سعر طن الإسمنت وصل في بعض المناطق على مستوى الجمهورية إلى أكثر من 1600 جنيه حاليا . وأوضح مخيمر أن شركات الإسمنت تقوم بتصدير الأسمنت بكميات كبيرة جداً ودون وسطاء ومن خلال شركات تابعة لها، ما يجعلها تحتكر تصدير الأسمنت وترفع أسعاره في السوق. وكشف أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار الإسمنت هو قلة المعروض بسبب تخفيض الشركات للكميات المخصصة للسوق، وزيادة الكميات المصدرة والمخصصة لشركات المقاولات، وذلك على حساب حصص الوكلاء والتجار بالإضافة الى قرارات البنك المركزى الآخير برفع أسعار الفائدة وتخقيض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية.