حذر مستوردون وخبراء اقتصاد من موجة غلاء جديدة تجتاح الأسواق المصرية بعد تردد أنباء عن ارتفاع أسعار شحن الناولون البحري عالميا، بقيمة تصل إلى 30% . وأكدوا أن هذا الارتفاع سيؤدي إلى موجة جديدة في ارتفاع أسعار جميع السلع المستوردة في السوق المصري. كان عدد من العاملين في نشاط الشحن والتفريغ بالسوق الملاحية ، قد توقعوا أن تشهد أسعار تكاليف نولون الشحن والتفريغ ارتفاعات جديدة بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30% خلال الفترة المقبلة. وقالوا إن "ارتفاع تكليف الشحن جاءت نتيجة ارتفاع الطلب على النقل ورغبة الشركات في تنفيذ الصفقات قبل اقتراب موعد الإجازة السنوية بالصين، بالإضافة إلى زيادة أسعار المواد البترولية محليا، حيث تجاوز سعر النفط الخام حاجز 120 دولارا للبرميل نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية". يذكر أن أسعار الشحن البحري شهدت زيادة في مطلع شهر يونيو الماضي، ليصل مقدار الزيادة إلى 1500 دولار في سعر الحاوية سواء 20 قدما أو 40 قدما، ويستحوذ الشحن البحري على 80% من حركة التجارة العالمية.
تكلفة الشحن
في هذا السياق، قال محسن التاجوري، نائب رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة وعضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية، إن "هناك أنباء عن ارتفاع أسعار تكلفة الشحن البحري بقيمة 600 دولار، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يصل إخطار من قبل الموردين سواء في الهند أو الصين بأي زيادة". وأضاف «التاجوري» في تصريحات صحفية أنه في حالة ارتفاع تكلفة الشحن بقيمة 600 دولار ، سيتسبب في زيادة أسعار السلع المستوردة بقيمة تتراوح بين 20% إلى 30%. وأشار إلى أن ارتفاع تكلفة الشحن عالميا أمر غير مستحب، ولا سيما مع معاناة المصريين والتجار والمستوردين من الركود الاقتصادي وزيادة الأسعار. وأكد «التاجوري» أن القرار تم تداوله منذ أيام قليلة، لكن لم يأت بشكل رسمي، لافتا إلى أن ارتفاع تكلفة النقل البحري تختلف من دولة إلى أخرى حسب بعدها عن مصر.
أسعار الناولون
وقال أشرف هلال، أحد المستوردين، ورئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية بالغرف التجارية، إن "تكلفة الشحن البحري ارتفعت بنسب فوق الطاقة، تصل إلى 600% و700% و800%". وأضاف «هلال» في تصريحات صحفية أن تكلفة الشحن كانت في البداية تتراوح من 2000 إلى 3000 دولار، وحاليا وصلت الأسعار إلى 12 و13 ألف دولار. وأشار إلى أن ارتفاع تكاليف شحن الناولون البحري سيترتب عليه زيادة جديدة في أسعار جميع السلع المستوردة الفترة المقبلة، لافتا إلى أن الفترة الماضية لم تشهد أي انخفاض في أسعار الناولون البحري بل هناك ارتفاعات فقط. وأوضح «هلال» أنه يتم حساب ارتفاع تكلفة شحن السلع المستوردة بنسبة وتناسب، لافتا إلى أنه في حالة شحن 600 كرتونة يتم زيادة سعر الكرتونة دولار واحد، ومع شحن 10 آلاف كرتونة و50 ألف كرتونة تصبح التكلفة بسيطة يمكن الاستغناء عنها .
ركود السوق
وقال مصطفى المكاوي، السكرتير العام المساعد للشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن "ارتفاع تكلفة الشحن 600 دولار لم يعد مهما بالنسبة للمستوردين؛ لأن الأسعار بالفعل مرتفعة والسوق في حالة ركود غير مسبوقة". وأضاف «المكاوي» في تصريحات صحفية أن تكلفة الشحن تصل إلى 12 و13 ألف دولار، وبالتالي فإنها مع زيادتها 600 دولار، لن تؤثر على الأسعار مشيرا إلى أن المستورد ليس بيديه سوى عدم رفع الأسعار حتى تنتظم دورة العمل وتنشيط السوق وتعويض الخسائر . وتابع، بالرغم من فرض رسوم بقيمة 300 و400 دولار على المستوردين بسبب قرار التسجيل في الشحنات مسبقة الدفع إلا أن المستورد لم يرفع الأسعار . وأشار «المكاوي» إلى أن المشكلة في قطاع الاستيراد ليست في ارتفاع تكلفة الشحن، ولكن في عدم تدبير العملة اللازمة لاستيراد السلع تامة الصنع ومستلزمات الإنتاج. وأوضح أن ارتفاع أسعار السلع المستوردة جاءت نتيجة زيادة الشحن الأساسي بقيمة 600%، وارتفاع أسعار الخامات عالميا من الدول الأوروبية بعيدا عن روسيا وأوكرانيا؛ لذلك نبحث على البديل مثل الصينوالهند. ولفت «المكاوي» إلى أن ذلك جاء بعد معاناة المصانع من توفير مستلزمات الإنتاج بسبب القيود على الاستيراد وعدم الإفراج عن الشحنات، وهو ما أدى إلى تسريح العمالة وتشغيل عمالة أخرى بنصف يومية . وطالب المسئولين في الجمارك بضرورة الموافقة على خطابات الضمان من المستوردين، للإفراج عن السلع وذلك تجنبا للغرامات وتأجير أرضيات والتي تصل إلى 5 آلاف دولار دون مبرر، ومن ثم ترتفع الأسعار ويشهد السوق نقصا في السلع.
تراجع الاستيراد
وكشف المهندس متي بشاي رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالغرف التجارية، أن تراجع عجز الميزان التجاري ناتج عن تقليص الاستيراد بشكل كبير جدا نتيجة القيود التي تضعها حكومة الانقلاب علي الاستيراد خاصة في السلع تامة الصنع، موضحا أن نظام الاعتمادات المستندية وما سبقه من نظام التسجيل المسبق للشحنات قلص الاستيراد بنسبة تزيد على 40%. وأوضح «بشاي» في تصريحات صحفية أن الميزان التجاري هو الفرق بين الصادرات والواردات خلال فترة زمنية معينة، مما يدل على ما إذا كانت الدولة لديها "فائض" الصادرات أكبر من الواردات أو "عجز" الواردات أكبر من الصادرات في تجارتها الخارجية. وقال إن "القرارات التي صدرت مؤخرا من صانعي السياسة المالية والنقدية لدولة العسكر تسببت في شبه شلل تام للاستيراد خاصة السلع تامة الصنع مثل الأدوات المنزلية والصحية وحديد التسليح والأدوات المكتبية ولعب الأطفال الخ، وتحديدا نظام الاعتمادات المستندية ودخول المستورد في قوائم انتظار طويلة خاصة بعد عدم اعتماد البنوك للدولار من المستورد واشتراط أن يكون من حصيلة تصدير".