عقب تعرضه لهجمات قوية ومتكررة مؤخرا، لجأ جيش الانقلاب إلى تغيير استراتيجيته في مواجهة الجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء. وفي 7 مايو، شن تنظيم ولاية سيناء هجوما كبيرا على كمين للجيش في غرب سيناء، أسفر عن مقتل ضابط و10 جنود. ودفع الهجوم، الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) جيش السيسي إلى تغيير استراتيجيته التي كانت تعتمد حتى الآن على دور قبائل سيناء في مواجهاته ضد الجماعات المسلحة. كان الجيش لسنوات، يعتمد على القبائل التي تقاتل تحت مظلة ما يسمى باتحاد قبائل سيناء، في قتاله ضد ولاية سيناء التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية. وفي تقرير نشره موقع "مدى مصر" على صفحته على فيسبوك في 7 أبريل قال "أصبحت قبائل سيناء اللاعب الرئيسي في الحرب ضد ولاية سيناء، حيث توسع دورها على الأرض وسط تراجع وجود القوات المسلحة المصرية، التي كانت تقدم الدعم اللوجستي والمعدات للجماعات القبلية الجديدة، كما يتضح بوضوح في أقصى شرق شمال سيناء، وتحديدا في الشيخ زويد ورفح، مسقط رأس تنظيم ولاية سيناء، وأفسحت القوات المسلحة المجال أمام قبائل المنطقة، وأبرزها الترابين والسواركة والأرميلات، حيث زودتهم بالأسلحة والمعدات". ووفقا لصفحة اتحاد قبائل سيناء على فيسبوك، فإن الاتحاد يتكون من جبهة قبلية موحدة تضم الغالبية العظمى من قبائل سيناء بهدف مواجهة التنظيمات المتطرفة وتقديم الدعم اللوجستي للجيش المصري في سيناء. وكان مدى مصر، في تقرير سابق نشر في 23 ديسمبر 2021، قد صرح بأن اتحاد قبائل سيناء تقوده قبيلة الترابين وهي أكبر قبائل سيناء وتحظى بدعم من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. تواجه استراتيجية جيش الانقلاب القائمة على الاعتماد على القبائل لتخفيف عبء المواجهات ضد الجماعات المسلحة العديد من التحديات، ومن أهم هذه الخلافات بين رجال القبائل في سيناء الذين يقاتلون ولاية سيناء. ووفقا لمصادر محلية استشهدت بها قناة العربي الجديد في فبراير، ظهرت خلافات بين الجماعات القبلية التي تقاتل ولاية سيناء، حيث سعت كل من هذه الجماعات إلى تحقيق مكاسب والاقتراب من قوات الجيش المنتشرة في المنطقة. وذكر التقرير أن "كل قبيلة في سيناء تسعى لإيجاد خط اتصال منفصل مع قوات الجيش بعيدا عن مظلة اتحاد قبائل سيناء برئاسة إبراهيم الأرجاني". التحدي الآخر الذي يواجه استراتيجية الجيش في سيناء هو تعدد الكيانات القبلية التي تقاتل مؤخرا ولاية سيناء، وفي تقرير آخر نشر في 21 مارس، نقل مدى مصر عن مصادر محلية قولها "هناك عدة مجموعات قبلية تشكلت لمواجهة ولاية سيناء، وآخرها اتحاد مجاهدي سيناء، الذي يتعاون مع القوات المسلحة في الحرب ضد المنظمات المسلحة، وهناك كيان آخر يسمى فرسان الهيثم، الذي يضم أفرادا من قبيلة أرميلات، بالإضافة إلى اتحاد قبائل سيناء بقيادة إبراهيم الأرجاني، وكذلك مجموعة حمد أبو غرقاد الطورباني والتي تعمل في مناطق وسط سيناء تحت مظلة الاتحاد، السواركة هي واحدة أخرى من تلك الجماعات القبلية التي تعمل داخل قرى جنوب الشيخ زويد بين الغورة وأبو الأعرج والظاهر، والمناديب التابعة لأجهزة الشرطة العاملة في مركز الشيخ زويد". وأضاف التقرير أن "الفكر القبلي لا يزال منتشرا في شمال سيناء، حيث لا تسمح أي قبيلة أخرى بدخول مناطقها وهي تحمل السلاح، ما دفع القبائل إلى تشكيل مجموعات مستقلة من أفرادها لتمشيط أراضيهم وحمايتها". وفي ضوء هذه التحديات، وقعت المزيد من الهجمات ضد الجيش في سيناء ، في 11 مايو هاجمت مجموعة من الرجال المسلحين نقطة تفتيش عسكرية بالقرب من مدينة رفح، مما أسفر عن مقتل خمسة جنود. في مواجهة هذه التحديات والهجمات المتصاعدة في سيناء، يسعى جيش الانقلاب إلى استعادة زمام المبادرة في المواجهات ضد ولاية سيناء ونشر بيانات مرة أخرى تفصل المعارك المباشرة بين قوات الجيش والمسلحين. وجاء هذا التحول في استراتيجية الجيش بعد أن ترأس عبد الفتاح السيسي اجتماعا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في 8 مايو، ودعا الجيش إلى استكمال تطهير بعض المناطق في شمال سيناء من الإرهابيين والأعضاء التكفيريين المتطرفين". في 11 مايو، نشر المتحدث العسكري باسم الجيش بيانا، قال فيه إن "الجيش شن غارة جوية مركزة أسفرت عن تدمير عدد من المواقع الإرهابية ومقتل تسعة من العناصر التكفيرية". في 15 مايو، أعلن الجيش أنه شن ضربات متتالية للقضاء على الإرهاب في شمال سيناء، مما أسفر عن مقتل أربعة متشددين. في 17 مايو، شارك وزير الدفاع محمد زكي في مشروع مراكز القيادة التكتيكية (صمود-1) الذي نفذته قيادة قوات القناة الشرقية لمكافحة الإرهاب. لكن على الرغم من التحديات التي تواجه التحالف بين القبائل وجيش الانقلاب، يبدو أن الأخير لن يتخلى عن دور القبائل في مواجهة ولاية سيناء، وقال اتحاد قبائل سيناء في بيان نشر في 24 مايو على تويتر "بتوجيهات من القوات المسلحة وإشراف الجيش والمخابرات العامة، أطلق أعضاء الاتحاد عملية تطهير في قرية الفيتات، التي تعتبر معقلا لعناصر الإرهابيين، وحاصروا القرية بالكامل ، كما أنهم بدأوا تدريجيا في اقتحام القرية، حتى نجح أعضاء الاتحاد في فرض سيطرتهم الكاملة". في 14 مايو، نقلت قناة العربية الإخبارية عن مصادر قبلية قولها إن "قوات الجيش، بالتعاون مع اتحاد قبائل سيناء، قتلت ثلاثة من قادة داعش البارزين، بمن فيهم جميل سليمان زارعي، الملقب بأبو أنس، الذي شارك في تفجير عام 2004 الذي استهدف فندقا في طابا والذي هرب من السجن في عام 2011". وقال المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا نصر سالم للمونيتور "من الطبيعي أن يتبنى الجيش استراتيجية مرنة في التعامل مع الإرهاب بناء على المعطيات والتطورات على الأرض". وأضاف "لم يتوقف الجيش أبدا عن معاركه ضد ولاية سيناء، لكن نجاح الجيش [النسبي] في القضاء على الإرهاب في سيناء أدى إلى انخفاض الهجمات الإرهابية". وأشار إلى أن "القبائل في سيناء عنصر أساسي في المواجهات ضد التنظيم الإرهابي، خاصة وأن حكومة السيسي تعمل على تنمية سيناء وإقامة مشروعات تنموية فيها، وهذا يشجع القبائل المحلية على التعاون مع الجيش لتطهير سيناء من المواقع الإرهابية وتسريع وتيرة التنمية".