أشعل قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة 2% وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار الكثير من الأزمات في مختلف القطاعات، حيث اتجهت الشركات وقطاعات الإنتاج إلى رفع الأسعار ، ما تسبب في حالة من الغضب بين المصريين وهو ما ينذر باندلاع ثورة شعبية بين المصريين لإسقاط نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي . كان سعر الجنيه قد هوى في نهاية تعاملات الأسبوع في البنوك إلى أدنى مستوى له أمام الدولار الأمريكي منذ فبراير 2017، وسجل سعر شراء الدولار 18.58 جنيها، وسعر البيع 18.63 جنيها. وواصل الجنيه الهبوط أمام سلة العملات الأجنبية منذ قرار البنك المركزي بخفض قيمة الجنيه من ناحية، ورفع الفائدة 100 نقطة أو 1% من ناحية أخرى في 21 مارس الماضي، وفقد نحو 20% من قيمته قبل شهرين. يشار إلى أن رفع سعر الفائدة على الجنيه تسبب في زيادة سعر الدولار أمام الجنيه على مدار تعاملات الأسبوع الماضي. ومع تعاملات الاثنين الماضي بدأ سعر الدولار في التحرك التدريجي حتى اكتسب 42 قرشا في نهاية تعاملات الخميس الماضي. وصعد سعر الدولار من 18.23 جنيها إلى 18.55 جنيها للشراء و18.65 جنيها للبيع. وسجل سعر الدولار في البنك الأهلي وبنك مصر 18.55 جنيه للشراء و18.61 جنيه للبيع. وسجل سعر الدولار بالبنك التجاري الدولي 18.57 جنيه للشراء و18.63 جنيه للبيع. فيما سجل سعر الدولار بالبنك العربي الإفريقي الدولي 18.53 جنيه للشراء و18.63 جنيه للبيع.
الدعم التمويني
مع تراجع الجنيه لجأت حكومة الانقلاب إلى تقليص الدعم التمويني لقرابة 64 مليون مستفيد إلى النصف من خلال تثبيت قيمة الدعم النقدي السلعي للفرد بالبطاقات التموينية منذ عام 2017، واستمرار خفض قيمة الجنيه أمام سلة العملات الأجنبية. ويحصل كل فرد بحد أقصى أربعة أفراد على 50 جنيها شهريا، وأدى رفع سعر السلع المتاحة للشراء بقيمة الدعم النقدي للفرد بشكل دوري بسبب ارتفاع الأسعار، إلى تقليص الكميات التي يحصل عليها أصحاب البطاقات. وبات المواطن يحصل على نصف الكمية التي كان يتحصل عليها قبل 5 سنوات من السلع الأساسية مثل الزيت والسكر والأرز والمكرونة، بسبب استمرار وزارة تموين الانقلاب في تحديث قائمة أسعار السلع التموينية بزعم التماشي مع الأسعار العالمية. في هذا السياق رفعت وزارة تموين الانقلاب أسعار المكرونة داخل منظومة الدعم التمويني لشهر مايو بمقدار 30% مقارنة بسعرها في أبريل الماضي، ليصبح السعر الجديد بخمسة جنيهات وربع الجنيه للعبوة ذات حجم 400 جرام بدلا من 4 جنيهات، وعشرة جنيهات ونصف الجنيه لعبوة ال 800 جرام، بدلا من 8 جنيهات وتمثل الزيادة الأخيرة في سعر المكرونة نسبة 54% مقارنة بشهر ديسمبر الماضي. وفي 31 ديسمبر 2021 أعلنت تموين الانقلاب عن رفع أسعار 6 سلع تموينية بداية من شهر يناير الماضي بينها السكر والعدس والمكرونة والمسلي الصناعي، وسبقه قرار آخر في أكتوبر برفع سعر عبوة الزيت في السلع التموينية 4 جنيهات بنسبة نحو 20% لتتجاوز 47% خلال خمسة أشهر فقط.
تويوتا
كما تسبب تراجع الجنيه أمام الدولار في إشعال أزمة بين شركة تويوتا إيجيبت والعملاء الحاجزين لسياراتها ، حيث تجمهر عدد من الحاجزين أمام مبنى تويوتا إيجيبت بالعباسية، مطالبين بحقهم في استلام السيارات المدفوع مقدمها قبل تاريخ 12 أبريل، وكانت الشركة قد خاطبتهم لسحب قيمة المقدم بفائدة 18% وهو ما رفضه العملاء. وتعدى موظفو الشركة على العملاء أثناء احتجاجهم بمقر العباسية، وظهر ذلك في مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت شركة تويوتا إيجيبت، الوكيل الحصري لعلامة تويوتا اليابانية في السوق المحلي في بيان لها اليوم "نظرا للظروف العالمية والمحلية التي تؤثر بشكل مباشر على الموردين في جميع الصناعات وبالأخص صناعة السيارات، تلتزم شركة «تويوتا ايجيبت» بتسليم عملائها الذين سددوا كامل قيمة سياراتهم قبل تاريخ 12 أبريل طبقا للمتاح من الموديلات، تنفيذا لقرارات جهاز حماية المستهلك". وأضافت ، في حال عدم توافر سيارات للعملاء الذين سددوا كامل قيمة السيارة قبل 12 أبريل، تلتزم الشركة بتثبيت أسعارها، وتسليمها إلى العملاء وقت توافرها. وأشار البيان إلى أن الشركة تلتزم برد قيمة أي حجوزات مقدمة، مضافا إليها 18% فائدة سنوية يتم احتسابها من تاريخ سداد أول دفعة حجز حتى تاريخ 30 مايو، مع إعطاء الحاجزين الذين استردوا أموالهم أولوية في حجز جديد للسيارات عند فتح باب الحجز من جديد.
تحكم المركزي
حول تدهور قيمة الجنيه قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد رزق "السبب الرئيسي فيما يحدث للجنيه هو تحكم المركزي في قيمة الجنيه وليس السوق، وهو ما يسمى بسعر الصرف المدار، موضحا أن قيمة الجنيه تعتمد على توافر الدولار ومواعيد استحقاق أقساط الديون، ومدة تغطية فاتورة استيراد السلع الأساسية". وأضاف رزق في تصريحات صحفية أن أسوأ سيناريو من منظوري هو محاولة إسناد الجنيه ، وبالتالي فقدان الاحتياطي النقدي الأجنبي، مشيرا إلى أن أفضل سيناريو هو تعيين مستشار مالي وإعلان التوقف عن السداد في حال استمر نقص الموارد الدولارية. وأكد أن أكثر ما يقلق السوق هو انفلات سعر الصرف لأنه ينعكس على أسعار كل السلع . وأرجع رزق أسباب الأزمة إلى انخفاض عائدات الدولار بما فيها الأموال الساخنة والصادرات والسياحة وزيادة الواردات وتداعيات جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا والعجز المزمن للميزانية العامة لدولة العسكر وارتفاع حجم أقساط وفوائد الديون الخارجية.
سياسات خاطئة
وقال الدكتور مصطفى شاهين أستاذ الاقتصاد في جامعة "أوكلاند" الأمريكية إن "أي اقتصادي منصف، كان يعلم أن الاقتصاد المصري يعيش على مسكنات، وما يقوم به نظام الانقلاب من إصلاحات هي ورقية، ولكن انكشف عند اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ولم يعمل حساب الأزمات الاقتصادية التي تهز الأسواق بين ليلة وضحاها". وأكد شاهين في تصريحات صحفية أن ما يحدث هو ليس وليد اللحظة، لكنه نتيجة سياسات اقتصادية خاطئة، اعتمدت بالأساس على القروض بعد إغراء صندوق النقد الدولي نظام الانقلاب بالحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، شريطة تبني خطة وصفها بالإصلاحية، والنتيجة كما نرى مزيدا من الديون ومزيدا من الأزمات. وحول تداعيات تراجع الجنيه أمام الدولار، حذر من ارتفاع معدلات التضخم خلال الشهور المقبلة بوتيرة أسرع، نتيجة ارتفاع أسعار السلع بجميع أنواعها التي تستوردها البلاد، ومدخلات الصناعة من مواد خام وخلافه، مؤكدا أن المواطن سيتحمل فاتورة باهظة بسبب استمرار تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار وغيره من العملات الأجنبية .