تعاني مصر من أزمة كبرى في توفير الغذاء لشعبها؛ ذلك أن نظام العسكر منذ 1952 أهمل قطاع الزراعة وراح يعتمد على الاستيراد حتى تتضخم مافيا الاستيراد ومعظمها شركات عملاقة مملوكة لجنرالات كبار سواء في الجيش أو المخابرات أو الداخلية. فمصر حاليا تستورد أكثر من 65% من غذائها من الخارج، وهي فاتورة بالغة الكلفة ترهق الميزانية المصرية وتلزمها بتوفير عشرات المليارات من الدولارات لتوفير ما يحتاجه المجتمع المصري من غذاء وأجهزة ومعدات وأشياء أخرى. ففاتورة الاستيراد تبلغ نحو 80 مليار دولار سنويا، بينما تصل فاتورة التصدير نحو 40 مليارا فقط؛ معنى ذلك أن مصر تحتاج سنويا نحو 40 مليار دولار لسد العجز التجاري؛ لأن مصر أهملت الزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء كأحد أهم أولويات الأمن القومي، كما أهملت الحكومات المتعاقبة الصناعة فباتت مصر تستورد كل شيء من الخارج (الملابس السيارات والسفن والقطارات المعدات والأجهزة السلاح وحتى الأشياء الصغيرة يتم استيرادها من الخارج). وتعاني مصر بشدة منذ تبني النظام سياسيات صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016م، وقد اقترض نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي أكثر من 20 مليار من الصندوق خلال السنوات الست الماضية، ويتجه نحو قرض رابع يفاقم الدين الخارجي، ويضاعف من نفوذ صندوق النقد داخل مصر وهيمنته على سياستها المالية والاقتصادية.
أزمة الغذاء ومؤخرا، قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويلا، إن أزمة الغذاء الناجمة عن الحرب في أوكرانيا تمثل مصدر «قلق حقيقي» يمكن أن يستمر حتى العام المقبل، وربما لفترة أطول، حال استمرار الحرب. وأضافت إيويلا، الأربعاء 25 مايو 2022، خلال كلمتها في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا إن الحرب في أوكرانيا لا تؤثر فقط على الحبوب التي تنتجها الدولة الشرق أوروبية، وإنما أيضًا على الأسمدة، والتي تُعد أوكرانيا أحد كبار مورديها عالميًا، وهو ما يؤثر على قدرة العالم في الاستمرار في إنتاج الغذاء. وحذرت إيويلا أيضًا من أن يسوء وضع الغذاء العالمي بعد قيام عدة دول بفرض حظر على التصدير. آخر تلك الدول كانت الهند، التي أعلنت، منتصف مايو 2022، حظر جميع صادراتها من القمح، باستثناء التعاقدات غير القابلة للإلغاء التي تمت بالفعل، أو استثناءات تصدر بإذن حكومي لصالح دول الجوار والدول التي تسعى لتلبية احتياجات أمنها الغذائي بناءً على طلبات رسمية تقدمها حكومات هذه الدول لنظيرتها الهندية. وواجهت الهند انتقادات لاذعة لفرضها قيودًا على تصدير القمح، لكنها لم تنجح في إثناء الحكومة الهندية عن قرارها، الذي دافع عنه وزير التجارة، بيوش جويال، في دافوس، مؤكدًا أن الهند ليس لديها خطط فورية لرفع الحظر المفروض على صادرات القمح، لكنها ستواصل الصفقات التي تتم مباشرة مع حكومات أخرى. وفي اجتماع غير رسمي بشأن الزراعة، قالت نيودلهي إنها قيدت صادرات القمح من أجل الأمن الغذائي المحلي، وطلبت من أعضاء منظمة التجارة العالمية تحليل بيانات الصادرات في الأشهر الأربعة إلى الخمسة الماضية لمعرفة من هم مصدرو القمح والمقاولون الرئيسيون. «حاليًا هناك عدم استقرار في العالم، إذا أردنا رفع الحظر، فلن يساعد ذلك سوى تجار السوق السوداء والمضاربين. كما أنها لن تساعد البلدان الضعيفة والمحتاجة حقا»، بحسب جويال. وقال جويال إن «الطريقة الأكثر ذكاءً للقيام بذلك هي من خلال الطريق من الحكومة إلى الحكومة، والتي يمكننا من خلالها إعطاء حبوب القمح بأسعار معقولة للفقراء الأكثر ضعفا». من جانب آخر، قال جويال إن 22 بلدًا في أوروبا قررت تقييد صادراتها لحماية أمنها الغذائي. وفي سياق متصل، عرضت روسيا المساهمة في حل أزمة الغذاء عن طريق إنهاء حصارها لموانئ أوكرانيا على البحر الأسود، والسماح بتصدير نحو 22 مليون طن من الحبوب، بشرط موافقة الغرب على رفع العقوبات على روسيا. وأضاف أندريه رودينكو، نائب وزير الخارجية الروسي، أمس، إن موسكو مستعدة لإنشاء «ممر إنساني» للسفن التي تحمل المواد الغذائية لمغادرة أوكرانيا، مقابل رفع العقوبات التجارية والقيود المالية. وبالإضافة إلى رفع العقوبات، طالب رودينكو أوكرانيا بإزالة الألغام التي زرعتها روسيا في البحر الأسود في الأسابيع التي تلت الغزو. وفي رد على الاقتراح، رفض وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، الانصياع لمطالب روسيا، قائلًا إن على موسكو أن تفعل «الشيء الصحيح» وأن تغادر أوكرانيا وتحرر الحبوب للدول التي تحتاج إليها. وقال والاس إن روسيا سرقت الحبوب بعدم السماح لها بالخروج من أوكرانيا، ما قد يؤدي إلى نقص في جميع أنحاء العالم. معنى ذلك أن المسئول عن أزمة الغذاء العالمية هي روسيا من جهة والدول الغربية من جهة أخرى التي لا يعنيها المجاعة المرتقبة بقدر ما تعمل على انتهاز الفرصة لإذلال روسيا وتركيعها بعدما تورطت في مستنقع أوكرانيا. أمام كل هذه المعطيات والحقائق يقف السيسي عاجزا غير قادر على حماية مصر وأمنها القومي والغذائي، ولم يجد حلا يسعفه سوى دعوة المصريين إلى الصبر وأكل أوراق الشجر اقتدار بالرسول (صلى الله عليه وسلم ( عندما كان محاصرا في شعب أبي طالب. لكن السيسي فاته أن الرسول كان يعاني مثل الآخرين، ولم يكن يترك الناس جائعين ويبني القصور الرئاسية الفارهة ويشتري السيارات والطائرات الرئاسية الفخمة التي تشبه قصورا رئاسية متحركة، ولم يكن يرتدي ساعة ماركة عالمية يصل سعرها إلى نحو 370 ألف جنيه مصري! وينفق مئات المليارات على مشروعات عبثية لا جدوى منها بينما يئن الناس من الفقر والجوع والحرمان. ألا يعلم السيسي أن نحو 70% من المصريين باتوا فقرء بينما هو غارق في ملذاته وشهواته وقصوره الرئاسية الفارهة؟!