بعد أن ظلت لمدة ربع قرن تنقل حقيقة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، ما بين صمود المقاومة وإصرارها على موصلة المقاومة حتى التحرير، وانتهاكات وجرائم الصهاينة التي لم تتوقف "شيرين" عن رصدها يوما واحدا، والتي كانت آخر ضحاياه برصاصة قناص صهيوني أراد إخماد صوتها؛ إلا أن ما حدث بعد استشهادها كان أكثر تأثيرا من الرسائل التي ظلت ترسلها من فلسطين إلى العالم. والصحفية "أبو عاقلة"، من مواليد مدينة القدس، عام 1971، وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام، من جامعة اليرموك بالأردن.
جريمة اغتيال من جانبه أكد رئيس لجنة دعم الصحفيين الفلسطينيين، صالح المصري، أن "ما حدث مع الزميلة شيرين، هو جريمة اغتيال واضحة، حيث يستهدف الاحتلال الصحفيين بشكل متعمد"، وقال: "اليوم نودع الزميلة شيرين، ونتمنى الشفاء للزميل على السمودي". وأوضح أن "الزميلة أبو عاقلة، هي أيقونة من أيقونات الإعلام الفلسطيني، بعد 27 عاما من العمل المهني، اليوم يتم اغتيالها بشكل مباشر وعلى الهواء مباشرة برصاص قناص إسرائيلي"، معتبرا أن "ما جرى جريمة إسرائيلية تستهدف الصحفيين لمنعهم من التغطية الصحفية". وأوضح المصري، أن "الاحتلال يتمادى في جرائمه تجاه الصحفيين الفلسطينيين، لأنه لم يلاحق ولم يقدم للمحاكم الدولية"، منوها إلى أن "الاحتلال وفي مثل هذه الأيام من العام الماضي، ارتكب العديد من الجرائم بحق الصحفيين في قطاع غزة المحاصر وكذا بحق المؤسسات الصحفية، حيث دمر أكثر من 50 مؤسسة صحفية وقتل الزميل الصحفي يوسف أبو حسين في غارة وهو في منزله، وقبله الصحفي ياسر مرتجى وفضل شناعة وغيرهم". ونبه إلى أن "كل هذه الجرائم تحتاج إلى ملاحقة الاحتلال دوليا، كي لا يتسمر في مواصلة ارتكاب جرائمه بحق الصحفيين الفلسطينيين"، مطالبا "المؤسسات الدولية بالتحرك من أجل ملاحقة الاحتلال الذي يتعمد استهداف الصحفيين الفلسطينيين، وهذه الجريمة؛ اغتيال الصحفية أبو عاقلة، هي أكبر شاهد على أن الصحفيين الفلسطينيين يتعرضون لجرائم ممنهجة رغم ارتدائهم الشارة الصحفية الواضحة".
استهداف الصحفيين ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، عن الصحفي المصاب سمودي، قوله إنه كان برفقة "أبو عاقلة"، ومجموعة من الصحفيين في محيط مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأممية "أونروا" قرب مخيم جنين، وكان الجميع يرتدي الخوذ والزي الخاص بالصحفيين". وأضاف: "قوات الاحتلال استهدفت الصحافيين بشكل مباشر، ما أدى إلى إصابته برصاصة في ظهره، واستشهاد زميلته أبو عاقلة بعد إصابتها برصاصة في الرأس". وتابع السمودي: "المكان الذي كان يوجد فيه الصحفيون كان واضحا لدى جنود الاحتلال، ولم يكن هناك أي مسلح أو مواجهات في تلك المنطقة، والاستهداف جرى بشكل متعمد". وكشف وليد العمري، مدير مكتب الجزيرة في فلسطين، نقلاً عن شهود عيان، أن "عملية إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على شيرين كانت متعمدة والرصاصة أصابتها أسفل الأذن في منطقة لا تغطيها الخوذة التي كانت ترتديها". بدورها، قالت شبكة الجزيرة الإعلامية: "في جريمة قتل مفجعة تخرق القوانين والأعراف الدولية أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي وبدم بارد على اغتيال مراسلتنا شيرين أبو عاقلة". ودانت الشبكة "هذه الجريمة البشعة التي يراد من خلالها منع الإعلام من أداء رسالته" وأضافت: "نحمّل الحكومة الإسرائيلية وقوات الاحتلال مسؤولية مقتل الزميلة الراحلة شيرين". وطالبت شبكة الجزيرة الإعلامية المجتمع الدولي بإدانة ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي لتعمدها استهداف وقتل الزميلة شيرين أبو عاقلة. وقالت الشبكة: "نحمل السلطات الإسرائيلية مسؤولية سلامة منتج الجزيرة علي السمودي الذي استُهدف مع الزميلة شيرين بإطلاق النار عليه في الظهر أثناء التغطية وهو يخضع للعلاج".
جريمة متعمدة كما اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن "جريمة اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة متعمدة ويجب أن يحاسب عليها الاحتلال". وانتقد سياسيون وشخصيات اغتيال أبو عاقلة، وننددوا بمحاولة سلطات الاحتلال منع كشف الحقائق. وعلقت لولوة الخاطر، مساعدة وزير الخارجية القطري أن ما حدث "جريمة نكراء تضاف إلى السجل البشع للاحتلال الإسرائيلي، إذ قتلوا الصحافية شيرين أبو عاقلة برصاصة في الوجه وهي ترتدي سترة الصحافة وتوثق إرهابهم للمدنيين". وأضافت منددة بالحادث: "كلنا تعلقنا بشيرين صوت فلسطين الحر، بهذا الوجه الواثق حتى في أحلك الظروف التي يرتعد فيها الكماة، تقبلها الله وتعازينا لأسرتها". كما نفى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت حول طلب تل أبيب من السلطة الفلسطينية إجراء "تحقيق مشترك" في حادثة استشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة، وأعلن أن الجانب الفلسطيني سيحول ملفها إلى المحكمة الجنائية الدولية، فيما أعلن رئيس الوزراء محمد اشتية، دعم السلطة لإجراء تحقيق دولي تشارك فيه عدة أطراف، دون مشاركة إسرائيل. ودانت نقابة الصحفيين المصريين بأشد العبارات جريمة اغتيال قوات الاحتلال الإسرائيلي للصحفية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة بالأراضي المحتلة، أثناء ممارسة مهام عملها الصحفي. ونعت النقابة شهيدة الصحافة ببالغ الحزن والأسى، وتعزي أهلها وأصدقائها وزملائنا الصحفيين الفلسطينيين ونقابة الصحفيين الفلسطينية، مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بمحاسبة دولة الاحتلال على جريمتها الأخيرة في حق شهيدة الصحافة. ودعت النقابة في بيان لها إلى فتح تحقيق دولي موسع حول هذه الجريمة وكل جرائم قوات الاحتلال المتكررة في حق الصحفيين الفلسطينيين، بالمخالفة لكل القوانين الدولية.