القرارات المتخبطة التي اتخذتها حكومة الانقلاب الأسبوع الماضي وعلى رأسها تخفيض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية بنسبة تقترب من 25% تسببت في الكثير من المآسي والكوارث للمصريين منها الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والخدمات والذي يجعل المواطنين عاجزين عن الحصول عليها بسبب تراجع دخولهم وضعف قدراتهم الشرائية . قرارات عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي أدت أيضا إلى حالة من التخبط بسوق العمرة عقب الارتفاع المفاجئ لأسعار صرف الريال السعودي أمام الجنيه المصري ، وهو ما دفع شركات السياحة إلى التهديد بإلغاء رحلات العمرة الخاصة بشهر رمضان، لأنها عجزت عن تعديل عقودها المبرمة قبل ارتفاع سعر الريال الذي لامس 484 قرشا، كما عجزت عن تسعير البرامج الجديدة نظرا لعدم استقرار سوق المال. هذه التطورات تعني أن السيسي يعمل من أجل حرمان المصريين من أداء العمرة من خلال رفع أسعار الرحلات وإحداث وقيعة بين المعتمرين وبين شركات السياحة ، حيث يتوقع أن تصل تكلفة رحلة العمرة إلى 60 ألف جنيه وهو مبلغ أعلى من إمكانيات أغلبية المصريين .
ارتفاع مفاجئ حول هذه التطورات قال باسل السيسي نائب رئيس غرفة شركات السياحة السابق إن "الارتفاع المفاجئ في سعر صرف العملات وأهمها الريال السعودي ، سوف يؤدي إلى زيادة مؤكدة في أسعار خدمات العمرة وبالتالي البرنامج ككل". وأضاف السيسي في تصريحات صحفية أن رسوم ومصروفات رحلات العمرة بما فيها الإقامة تسدد من جانب شركات السياحة قبل موعد الرحلة بأسبوع موضحا أن الارتفاع المفاجئ في أسعار العملة سوف يلقي بظلاله على أسعار رحلات شهر رمضان، بنسبة قد تصل إلى 10٪ عن الأسعار المعلنة قبل قرار رفع سعر الفائدة. وأكد أن الشركات أصيبت بحالة من الارتباك عقب تغير سعر العملة وتنتظر حاليا الإعلان من جانب شركات الطيران عن الأسعار الجديدة منوها إلى أن شركات السياحة أعلنت بالفعل عن برامجها لشهر رمضان وتلقت مقدمات حجز من بعض العملاء ، لكن الرؤية ليست واضحة حول تكلفة هذه البرامج وكيفية إقناع العملاء بها ويرجع ذلك لعدم استقرار أسعار الصرف، ونصح السيسي الراغبين في أداء العمرة بالتوجه لشركات السياحة ومراجعة التعاقدات التي سددوا مقدم الحجز الخاص بها للوقوف على التفاصيل النهائية لسعر البرنامج. وأشار إلى أن أسعار الفنادق في المملكة كما هي لكنها أصبحت مرتفعة بالنسبة للشركات المصرية طبقا لتغير سعر العملة، لافتا إلى أن برامج عمرة رمضان مباعة بالكامل ، ولكنها مسدد عنها مقدمات حجز فقط وتنتظر الشركة والعميل ما ستسفر عنه الأزمة الحالية لتحديد سعر نهائي.
سوق الصرف وقال إيهاب عبد العال عضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة السابق، إن "ارتباك سوق صرف العملات سوف يؤدي بالطبع في ارتفاع أسعار برامج العمرة، كما يؤدي لخسائر كبيرة لشركات السياحة بسبب فارق سعر البرامج التي تم التعاقد عليها بالفعل قبل زيادة الريال السعودي مقابل الجنيه المصري" . وأوضح عبد العال في تصريحات صحفية أن شركات السياحة لن تستطيع تعديل أسعار البرامج المتفق عليها والمسدد عنها مقدمات من المواطنين، إلا بصدور بيان رسمي من وزارة سياحة الانقلاب يفيد ارتفاع أسعار الخدمات المسددة بالريال السعودي في السعودية، وبالتالي يحق لشركات السياحة تعديل التعاقدات المبرمة للرحلات التي لم تقم بالفعل، مشيرا إلى أنه في هذه الحالة سوف تقلل الخسائر لفادحة التي لحقت بشركات السياحة. ولفت إلى أن تجربة شهري رجب وشعبان أثبتت عزوف المواطنين عن أداء العمرة بسبب الظروف الاقتصادية، حيث كان الطلب أقل من المعروض، والدليل على ذلك قرار وزارة سياحة الانقلاب بالسماح لمعتمري شهر شعبان بالعودة حتى 15 رمضان بدلا من 1 رمضان، مشيرا إلى أن ارتفاع الرسوم في مصر والسعودية وتحميل تكلفة الإشراف لشركة السياحة على 15 تأشيرة فقط، ما ضاعف الأعباء على الشركات، كانت جميعها أسبابا للعزوف الجماهيري. وتوقع عبد العال ارتفاع أسعار برامج عمرة رمضان الاقتصادية إلى ما بين 40 وحتى 45 ألف جنيه، والأربع نجوم بين 45 وحتى 55 ألف جنيه، والخمس نجوم سوف تبدأ من 60 ألف جنيه، منوها لضرورة رد الرسوم التي سددتها شركات السياحة لجهات مختلفة في السعودية نظير الإجراءات الاحترازية التي ألغيت، وذلك للرحلات التي قامت بعد قرار الإلغاء . ولفت إلى أن كلفة الحجر الصحي وحده كانت تصل إلى 2500 جنيه للفرد في البرنامج الاقتصادي وترتفع إلى 5 آلاف جنيه في برامج الخمس نجوم.
خسائر كبيرة وقالت إيمان سامي رئيس لجنة السياحة الدينية السابق بغرفة شركات السياحة، إن "الشركات المنظمة لرحلات العمرة مضطرة لتحمل خسائر مادية كبيرة للرحلات المحجوزة مقدما، جراء التغير المفاجئ لأسعار الصرف في السوق المصري". وأوضحت إيمان سامي في تصريحات صحفية أن الشركات لن يمكنها تحمل خسائر جديدة في الرحلات المقبلة، لذا شهدت عمليات تسعير البرامج ارتباكا كبيرا مشيرة إلى أن فنادق السعودية أعلنت عن ارتفاع أسعار الغرف تماشيا مع الزيادة الكبيرة في الطلب على أداء المناسك من الدول الإسلامية، غير أن ذلك تزامن مع ارتفاع سعر صرف الريال السعودي في السوق المصري، ما يضاعف الزيادة المقررة ويضع الشركات في ورطة أمام عملائها. وتابعت أن القانون لا يسمح للشركات السياحية بتلقي أي عملة مختلفة عن الجنيه المصري، وفيما يتغير سعر الصرف أكثر من مرة في اليوم الواحد فإن الشركات باتت عاجزة عن تسعير البرامج خشية التعرض لخسارة فرق سعر الصرف، منوهة إلى أن وزارة سياحة الانقلاب منحت أعداد تأشيرات قليلة للغاية لشركات السياحة، بواقع 15 تأشيرة فقط لكل شركة، ما ينخفض معه الربح ويصعب في ظله زيادة أسعار الرحلات وسط الأزمة الاقتصادية العالمية. وأكدت إيمان سامي أن بعض العملاء قاموا بحجز رحلات عمرة رمضان، وسددوا ثمنها بالفعل، بناء على سعر الصرف السابق، بينما الآن ارتفع سعر الريال أمام الجنيه مسجلا 4.95 قرشا، وبطبيعة الحال سوف تتكبد الشركات خسارة هذا الفارق عند سداد رسوم الخدمات والفنادق والانتقالات قبل الرحلات، مشيرة إلى أن حجوزات عمرة رمضان تحيطها حالة من الغموض حول إقبال المواطنين عليها من عدمه في ظل الظرف الاقتصادي الراهن.