وكأن الشعب المصري ينقصه تكدير جديد؛ فبالرغم من الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وتصديره للخارج واتهام التجار بالجشع ورفع الأسعار بدون ضرورة، رفعت حكومة الانقلاب أسعار البوتاجاز بنحو 7.1%، وبحسب القرار الذي نشرته الجريدة الرسمية فإن سعر أسطوانة البوتاجاز سعة 12.5 كيلو جرام ارتفع إلى 75 جنيها بدلا من 70 جنيها، تسليم المستهلك من المستودع، وسعر الأسطوانة سعة 25 كيلو جرام إلى 150 جنيها بدلا من 140 جنيها. وتمثل الزيادة الأخيرة للبوتاجاز قمة الجشع الحكومي، ويكشف الوجه الحكومي القبيح في التكسب من المواطن وركوب موجة الغلاء الكبير التي تضرب المجتمع المصري، وتزيد من الأعباء المعيشية للمواطنين الذين يعانون غلاء غير مسبوق ، حملت الحكومة التجار المسئولية عنه، تارة وتارة أخرى ترجعه للحرب الروسية الأوكرانية. ومع زيادة البوتاجاز سترتفع أسعار جميع المأكولات والمشروبات بشكل مضاعف، ويرفع نسب التضخم التي ارنفعت مؤخرا بأكثر من 10% وفق إحصاءات حكومية، كما يمهد الزيادة لرفع أسعار غاز المنازل الذي ارتفع مؤخرا بنسب تجاوزت 35%. وتعاني مستودعات البوتاجاز نقصا حادا في الحصص المخصصة لها من الأنابيب، فما يتم ضخه لا يكفي. وتتفاقم أزمات الطاقة بمصر بعد رفض دول الخليج تقديم مساعدات نفطية للسيسي الذي زار السعودية والكويت والإمارات مؤخرا، فيما يزمع زيارة عمان لطلب مساعدات مالية، مهددا بانفجار شعبي قد يقتلع نظامه من الجذور بسبب الغلاء الكبير الذي يعجز عن كبحه. وكانت حكومة السيسي رفعت أسعار بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة، في مطلع فبراير الماضي، لتصبح 7.25 جنيها للتر بنزين 80، و8.50 جنيها للتر البنزين 92، و9.50 جنيها للتر بنزين 95، أي بزيادة 25 قرشا للتر، وثبّتت سعر السولار عند 6.75 جنيها للتر، وذلك من أجل مواكبة الزيادة في أسعار البترول العالمية. ومن المتوقع زيادة أسعار كافة أنواع الوقود مطلع إبريل القادم، وفق آلية التسعير التلقائي ما يفاقم أزمات المصريين المعيشية. وتعتمد مصر سعر برميل النفط في ميزانية العام المالي الحالي 2021-2022 عند 65 دولارا، في حين وصلت الأسعار العالمية لأكثر من 100 دولار، مما ينعكس عجزا في الدعم المُقدر بنحو 18 مليار جنيه أكثر من مليار دولار للمواد البترولية هذا العام، لكن قد يخفف العبء بعض الشيء ارتفاع صادرات البلاد من الغاز المسال. ويترقب المصريون زيادة جديدة في أسعار البنزين، خلال الشهر المقبل، ستكون في حدها الأقصى، أي بنسبة 10% من السعر الحالي. وبحسب مصادر بوزارة البترول بحكومة الانقلاب فالزيادة المقررة تأتي ارتباطا بالارتفاع غير المسبوق في الأسعار العالمية للوقود؛ بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. ومن المرجح ارتفاع سعر بنزين (80 أوكتان) من 7.25 جنيهات إلى 7.75 جنيهات لليتر، وبنزين (92 أوكتان) من 8.50 جنيهات إلى 9.25 جنيهات لليتر، وبنزين (95 أوكتان) من 9.50 جنيهات إلى 10.25 جنيهات لليتر، وذلك اعتبارا من الشهر المقبل. كذلك ارتفاع سعر السولار من 6.75 جنيهات إلى 7.75 جنيهات لليتر، حتى يتساوى مع سعر الليتر من بنزين (80 أوكتان)، وهو ما سيتبعه زيادة في أسعار وسائل النقل العامة الحكومية والخاصة، وأسعار السلع كافة بطبيعة الحال. وتعتمد البترول معادلة سعرية تقضي بعدم تعديل أسعار البنزين إلا في حدود نسبة 10% صعودا أو هبوطا، مستندة إلى ثلاثة عوامل رئيسية، هي السعر العالمي لبرميل النفط، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، ومقدار التغير في عناصر الكلفة. وتعد الزيادة القادمة، هي المرة الخامسة التي ترفع لجنة المراجعة أسعار البنزين التوالي، بعد أن ارتفع متوسط خام برنت خلال الربع الأول من 2022 بحوالي 15.6% مقارنة بالربع السابق له، وارتفعت كذلك بحوالي 9% مقارنة بالمستوى الذي سجلته قبل الزيادة الأخيرة مباشرة في الأسبوع الأول من فبراير. ووفق تقرير لبنك برايم، سيستمر التضخم في الارتفاع، وسيتعين علينا قريبا تعديل توقعاتنا للتضخم السنوي الحالي لعام 2022، ونرى المخاطر تتراكم على مستهدف التضخم للبنك المركزي البالغ 7% بزيادة أو نقصان 2%". ومن ثم فلن تظل أسعار الغذاء مرتفعة فحسب، بل أسعار الطاقة كذلك من المتوقع أيضا عند مستوياتها المرتفعة الحالية مع ارتفاع معدلات التقلبات اليومية.. وكانت حكومة السيسي قلصت مخصصات دعم المواد البترولية في موازنة العام المالي 2021-2022 إلى 18.4 مليار جنيه ، مقارنة مع 28.1 مليار جنيه في العام 2020-2021، و53 مليار جنيه في العام 2019-2020، و89 مليار جنيه في العام 2018-2019، و145 مليار جنيه في العام 2017-2018. وبذلك تراجع دعم المحروقات في موازنة مصر بنسبة تزيد على 87% خلال أربعة أعوام مالية فقط، في وقت فرضت فيه رسما ثابتا بقيمة 30 قرشا على كل ليتر يباع من البنزين بأنواعه، و25 قرشا على كل ليتر من السولار، أي ما يعد ضريبة مقتطعة تفرضها الحكومة على المنتجات البترولية. وأمام المشهد المتدحرج من الأزمات، الآنية والمقبلة، فإن مصر على مقربة من الانفجار الشعبي الكبير، إذا تضاعفت أسعار السلع والغذاء إثر سياسات السيسي الفاشلة، وفاقمتها الحرب الروسية على أوكرانيا، ومع ارتفاع أسعار النفط ستزيد مرة ثالثة، ومع تعويم الجنيه المقبلة ستزيد الأسعار للمرة الخامسة، ومع دخول مصر في مفاوصات مع صندوق النقد الدولي ستزيد للمرة السادسة، وهو ما يحول أكثر من 80% لدائرة الفقر.