لا تزال أزمة عجز المعلمين في المدارس الحكومية تفرض نفسها على الساحة وتثير غضبا مكتوما بين المعلمين أنفسهم وبين الطلاب وأولياء الأمور الذين يؤكدون أن أبناءهم يذهبون إلى المدارس ويدخلون الفصول، لكنهم لا يجدون مدرسين ولا يتلقون شيئا من المواد الدراسية طوال اليوم الدراسي. وتساءلوا إذا كان الحال بهذه الصورة السيئة لماذا الإصرار على الحضور وتهديد الطلاب وأولياء الأمور بدفاتر الغياب ؟ وحذر أولياء الأمور من انهيار العملية التعليمية وإلغاء المجانية وحرمان أبناء المصريين الذين يعيش أكثر من 60 مليونا منهم تحت خط الفقر من التعليم . يشار إلى أن المدارس الحكومية تعاني نقصا حادا في أعداد المعلمين، منذ إلغاء ما كان يعرف بالتكليف، منذ عام 1998 والذي كان يتم بمقتضاه تعيين خريجي كليات التربية بالمدارس ، بعد أن خارت قدرة ميزانية الدولة وعجزت عن توفير رواتب المعلمين . كان عجز المعلمين قد بلغ في عام 2014 نحو 160 ألف معلم، وترجح التقديرات أن يكون الرقم قد قفز إلى 300 ألف معلم حاليا، منهم من يعمل خارج مصر، ومنهم من حصل على إجازة من دون راتب ليعمل في مكان آخر يدر دخلا أكبر أو ليتفرغ لمراكز الدروس الخصوصية أو غيرها .
إملاءات الصندوق تجدر الإشارة إلى أن العام الدراسي 2021/2022 انطلق يوم 9 أكتوبر الماضي، في 60 ألف مدرسة على مستوى الجمهورية تضم 25 مليون طالب وطالبة بداية من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثالث الثانوي، ورغم ذلك لا تزال أزمة عجز المعلمين تبحث عن حلول . ورغم استفحال هذه الأزمة إلا أن حكومة الانقلاب لا تفكر في تحمل المسئولية أو طرح أي حلول رغم مرور أكثر من شهر على بدء العام الدراسي وترفض تعيين معلمين جدد خضوعا لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين غير عابئة بمستقبل الأجيال ولا تربية وتعليم الصغار وتسعى إلى إلقاء هذه المسئولية على عاتق القطاع الخاص وإلغاء مجانية التعليم بشكل كامل مثلما تعمل على إلغاء الدعم وهكذا تحرم المصريين من غذاء العقول وغذاء البطون .
فترات دراسية "مستر سامح" معلم رياضيات في مدرسة ابتدائية في منطقة إمبابة بالجيزة يقول إن "كابوسه اليومي هو التعامل مع ما يزيد على 65 طفلا وطفلة في الفصل، مشيرا إلى أن السيطرة على هذا العدد في هذه الفئة العمرية مع الشرح أمر يحتاج إلى قدر خارق من المجهود الذهني والصوتي". وأضاف هذا يجعلني أعود إلى البيت وأنا غير قادر على التفكير أو حتى التكلم مع زوجتي وأبنائي. وأشار سامح في تصريحات صحفية إلى أن تقسيم اليوم إلى فترتين دراسيتين أصبح ضرورة حتمية، بسبب زيادة أعداد الطلاب وقلة الفصول وكثافة الأعداد لكن الأزمة تتمثل في توفير عدد أكبر من المعلمين يغطي الفترتين الدراسيتين وهذا أمر شبه مستحيل. وتابع ، أما التفكير في أن يقوم المعلم نفسه بالتدريس في الفترتين أو الثلاث، إن لزم الأمر، فهذا المستحيل نفسه مؤكدا أن حكومة االانقلاب تفرض على المدرسين المزيد من الحصص ولا تبالي بإرهاقهم ولا تهتم إلا بالشكل أما الجوهر والمضمون فليس له مكان في حسابات الانقلاب.
فرق المطبلاتية ورغم فداحة الكارثة وتجاهلها من جانب حكومة الانقلاب إلا أن هذه الحكومة ومعها فرق المطبلاتية في الإعلام وغيره يحاولون خداع المصريين ويزعمون أن نظام الانقلاب يعمل على حل مشكلاتهم وتوفير كل وسائل الرفاهية والمعيشة الكريمة لهم، في الوقت الذي يعمل عبدالفتاح السيسي على حرمان الشعب حتى من رغيف العيش ولا يهتم إلا بالجباية واستنزاف ما في جيوب المصريين. في هذا السياق اجتمع ياسر أنس، مدير عام الإدارة العامة للتعليم العام والتجريبيات بالقاهرة بموجهي عموم المواد الدراسية الأساسية لمناقشة سير العملية التعليمية داخل المدارس. وزعم «أنس» أن الاجتماع ناقش نتائج حصر العجز والزيادة للمعلمين داخل الإدارات التابعة لمديرية التعليم بالقاهرة، وكذا الإجراءات اللازمة لسد العجز بجميع الإدارات . وكشف أنه سيتم الاستعانة بموجهي الإدارات التعليمية، وعمل الندب الجزئي للمعلمين من أجل سد العجز رغم أن هذه الأعداد لا تغطي أكثر من 10% من أزمة العجز، مشددا على ضرورة إعداد إحصاء مجمع واعتماده من خلال تنسيق الإدارة وموجه أول المادة ومدير عام الإدارة وفق تعبيره . كما زعم أنس أن هذا الاجتماع يأتي في إطار جهود مديرية التربية والتعليم بالقاهرة برئاسة محمد عطية، وكيل تعليم الانقلاب بالمحافظة، بهدف ضبط العملية التعليمية في 32 إدارة تعليمية تتبع المديرية القاهرة التعليمية بحسب تصريحاته.
التطوع وفي محافظة دمياط أعلنت مديرية التربية والتعليم ، برئاسة خالد القبيصي، فتح، باب ما تسميه بالتطوع للراغبين في العمل كمعلمين، وتزعم أنها تبذل جهودا مضنية لسد عجز المعلمين في مختلف التخصصات، وفق خطط وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب، وذلك بالمدارس الابتدائية والإعدادية بقيمة 20 جنيها للحصة، وعلى ألا يتجاوز معدل الحصص للمقبولين 24 حصة بالأسبوع. ورغم ذلك تفرض المديرية الكثير من الشروط على المتقدمين لهذا العمل التطوعي الذي يقترب من السخرة، منها أن يكون المتقدم حاصلا على مؤهل عالي تربوي مناسب، والتأكيد على أن مشاركته لن تتضمن مطالبته في المستقبل بالتعيين. كما تتضمن الشروط عدم العمل في أعمال الامتحانات أو لجان النظام والمراقبة، وألا توجد له صلة قرابة في المدرسة التي يرغب بالعمل بها حتى الدرجة الثانية. وأوضحت المديرية، أن طلبات العمل بنظام التطوع يتم تقديمها عن طريق الإدارات التعليمية مستوفاه بصور المؤهل الدراسي وبطاقة الرقم القومي، و3 صور شخصية، وصورة شهادة الميلاد القومية، والموقف من التجنيد للذكور والخدمة العامة للإناث، على أن يتم مطابقة تلك الصور بالمستندات الأصلية . وزعمت أن تشغيل المتقدمين يتم حسب العجز على أن تكون الأولوية في العمل بتخصصات المواد الأساسية، مع مراعاة التوزيع الجغرافي للمتقدم. وأشارت المديرية إلى أنه يرخص للمتقدم بالتدريس بموجب خطاب موقع من موجه عام أول المادة، ومعتمد من مدير الإدارة التعليمية التي يتبعها المتطوع بعد اجتياز اختبار المقابلة الشخصية من قبل اللجنة المشكلة من الإدارة التعليمية، بالاضافة لعضو من مديرية التربية والتعليم، لضمان الشفافية والنزاهة في الاختيار وفق تعبيرها.