بعد أيام من إقدام نظام المنقلب السفيه السيسي المتلبس بدور السمسار، وعرضه أراضي أقدم مصنع للحديد والصلب بالشرق الأوسط للبيع بالمزاد كأراضي استثمار عقاري، بعد رفض النظام العسكري تقديم مساعدات مالية لشركة الحديد والصلب، واستمرار الإنتاج لتسديد المديونية المتراكمة إثر فساد اللواءات، ورفض عروض مستثمرين للمشاركة في تشغيل الشركة واستئناف الإنتاج وفق ما طرحه عمال الشركة؛ تواجه مصر أزمة ارتفاع البيليت والمواد الخام الداخلة في صناعة الحديد، وهو ما كان يمكن لشركة الحديد والصلب تغطية السوق المحلي وتحصين السلعة من تقلبات السوق العالمية. إلغاء رسوم الحماية وفي قرار مفاجئ يخدم ثلة من المستوردين والمتحكمين من كبار رجال الأعمال المقربين من الجيش، قررت حكومة الانقلاب إلغاء رسوم الحماية المفروضة على واردات البلاد من البليت (خام الحديد) وحديد التسليح ومنتجات الألومنيوم، تجنبا لتداعيات ارتفاع أسعار هذه السلع على الصناعات المحلية، خاصة قطاع الإنشاءات الذي يعاني من قفزات حادة في أسعار مواد البناء وصلت إلى 70% خلال الأشهر الأخيرة. وقد تخلت حكومة الانقلاب عن حماية المنتج المحلي في قرارها الذي فرضته الزيادات العالمية في أسعار المواد الخام وغير المُصنّعة ، والتي كان يمكن لشركة الحديد والصلب المصرية أن تغطي إنتاجها.
قررات المنقلب العشوائية الزيادات العالمية دون وجود بديل محلي، دمره السيسي بقراراته العشوائية ببيع الحديد والصلب، يهدد أغلب الصناعات المحلية وفق تقديرات لوزارة الصناعة والتجارة بكومة الانقلاب. ووفق بيان الوزارة، فإنه تبين بعد دراسة الشكاوى وجود ارتفاع كبير في أسعار مدخلات الإنتاج والسلع الوسيطة، فضلا عن عدم توافر المنتج المحلي البديل بالقدر الكافي لتغطية احتياجات السوق المحلي، وهو ما أثر على ارتفاع تكلفة المنتجات تامة الصنع، الأمر الذي يؤثر سلبا على تنافسية الصادرات المصرية، مما دفع الوزارة إلى اتخاذ قرار إلغاء رسوم على استيراد البيليت والمواد الخام الداخلة في صناعة الحديد والصلب والألومنيوم. وتفرض وزارة التجارة والصناعة بسلطة الانقلاب، منذ عام 2019، رسوما وقائية بنسبة 25% على واردات حديد التسليح و15% على واردات البليت، كما تفرض منذ إبريل الماضي رسوما على منتجات الألومنيوم بنسبة تصل إلى 16.5%. وقالت وزيرة الانقلاب نيفين جامع، في بيان اليوم الأحد إن "الوزارة قررت إيقاف العمل بقراري فرض تدابير وقائية على واردات البليت وحديد التسليح، ومنتجات الألومنيوم". وأوضحت أن إلغاء رسوم الحماية جاء نتيجة الارتفاع الكبير الذي يشهده الاقتصاد العالمي في معدلات التضخم وأسعار الطاقة وأسعار مواد ومستلزمات الإنتاج، الأمر الذي يؤثر سلبا على القطاعات الإنتاجية والتصديرية. كما يتسبب ارتفاع أسعار الحديد والألومنيوم في أضرار لقطاع الإنشاءات الحيوي، حيث تتوسع الحكومة في مشروعات البناء في مناطق عدة من البلاد، لاسيما في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، فضلا عن عشرات المشروعات العقارية الحكومية والخاصة.
مواد البناء وسجلت أسعار مواد البناء ارتفاعات متتالية خلال الشهور الأخيرة تخطت معدلاتها 70% في بعض المواد، إذ ارتفعت أسعار الحديد من 9950 جنيها للطن في العام الماضي إلى 15500 جنيه حاليا، بزيادة بلغت نسبتها 62%، وزاد سعر طن الإسمنت 52% من 720 جنيها إلى 1100 جنيه، والألومنيوم 46%، والزجاح 43%. فيما تتسم سياسات الحكومة بالتخبط في قرارات الحد من تداعيات التضخم على أسعار السلع الرئيسية، وفق محللين، إذ نشرت الجريدة الرسمية في نهاية أكتوبر الماضي، قرارا لرئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، بزيادة أسعار بيع الغاز الطبيعي المورد للأنشطة الصناعية بنسبة 28%، اعتبارا من الأول من الشهر الجاري. ونص القرار على رفع أسعار بيع الغاز الطبيعي لمصانع الحديد والصلب والإسمنت والأسمدة والبتروكيميائيات، من 4.5 دولار إلى 5.75 دولار للمليون وحدة حرارية، أو طبقا للمعادلة السعرية الواردة في العقود، وإلى 4.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية لكافة الأنشطة الصناعية الأخرى. ويُنذر قرار رفع سعر بيع الغاز لمصانع الحديد والصلب والأسمنت بزيادة جديدة في أسعار مواد البناء، التي شهدت ارتفاعات قياسية خلال الأشهر القليلة الماضية، نتيجة الزيادة في أسعار الخامات عالميا، وهو ما يمهد بطبيعة الحال إلى زيادة أسعار العقارات في مصر مع حلول عام 2022. وهكذا تسببت قرارات التخريب التي يتخذها السيسي في مفاقمة أزمات السوق المحلية ومن ثم المواطنين، وتؤكد أن ما يقوله الوطنيون من المعارضين ورافضي الانقلاب العسكري في شان رفهم بيع أصول القطاع العام، هو لمصلحة مصر وحماية مقدراتها وشعبها من الغلاء، وتقلبات الأسواق العالمية والحفاظ على استقلال القرار والصناعة المحلية، وليس نكاية في الانقلاب العسكري، وهو ما يمكن أن تتعاظم مشكلاته وأزماته في الفترة المقبلة.