أثار ارتفاع الأسعار المتواصل انتقادات خبراء الاقتصاد والتجار كما أثار سخطا وغضبا مكتوما بين المصريين الذين يعيش أكثر من 60 مليونا منهم تحت خط الفقر بحسب بيانات البنك الدولي. وتساءل الخبراء إلى أين يسير قطار الأسعار في الوقت الذي توقفت فيه الدخول، بل وتم تشريد وتسريح ملايين العمال وقطع لقمة عيشهم؟ وحذروا من أن ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى ثورة جياع تأكل الأخضر واليابس، مطالبين نظام الانقلاب بعدم الخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي؛ لأنه لا يعمل من أجل مصلحة المصريين ولا من أجل تحقيق إصلاح اقتصادي كما يزعم مطبلاتية الانقلاب. كان مجلس وزراء الانقلاب قد زعم أن ارتفاع الأسعار خاصة بالنسبة للسلع الغذائية الذي تشهده الأسواق المصرية حاليا يأتى في سياق موجة عالمية، وأن مصر جزء من العالم تتأثر بما يحدث في كل دول العالم. وقال نادر سعد المتحدث باسم مجلس وزراء الانقلاب، في تصريحات صحفية إن "دولة العسكر لديها القدرات على مواجهة تلك الزيادات، لتخفيف آثارها على المواطن، حيث نمتلك مخزونا إستراتيجيا كبيرا من السلع الأساسية، ويتم استخدامه في ضبط الأسعار بالسوق المصري وفق تعبيره". وزعم أن المخزون الإستراتيجي هدفه ليس تحقيق الربح المادي، ولكن لتخفيف الضغوطات على المواطنين، مشيرا إلى أن مخزون الزيت يكفي 3 أشهر ونصف الشهر، والقمح والسكر يزيد على 4 أشهر، لافتا إلى أن حكومة الانقلاب تسعى بكل جهد لمنع تحمل المواطن للزيادات الكبيرة في الأسعار نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة ومصروفات النقل والشحن. واعترف سعد أن هناك صناعات ستحدث بها زيادات كبيرة وليس لحكومة الانقلاب إمكانية للسيطرة على الأسعار الخاصة بها، وتحديدا الصناعات التي تعتمد على مواد خام مستوردة مثل المعادن والحديد والأسمنت، موضحا أن استيراد بعض السلع يصنع ما يسمى بالتضخم المستورد. كما اعترف بأن الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة هو الأعلى منذ 2018، بجانب التغيرات المناخية التي أثرت على أسعار المواد والسلع الغذائية في العالم، مشيرا إلى أن الارتفاعات في أسعار السلع هي الأكبر عالميا منذ 10 سنوات.
ارتفاع كبير في المقابل أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن أسعار مجموعة اللحوم والدواجن ارتفعت على أساس شهري في سبتمبر بنسبة 3.2% وعلى أساس سنوي بنسبة 12.8%، كما ارتفعت مجموعة الألبان والجبن والبيض في سبتمبر بنسبة 0.8% مقارنة بالشهر السابق له، وقفزت أسعار الدواجن البيضاء والبيض خلال الفترة الماضية لمستويات غير مسبوقة، مع زيادة الطلب وانخفاض الإنتاج، حيث ارتفع سعر كيلو الدواجن البيضاء بأكثر من 10 جنيهات خلال شهر، وزاد سعر طبق البيض بنحو 11 جنيها ليُباع في بعض المناطق بقيمة 60 جنيها. وأشار إلى أن سعر كيلو الدواجن بالمزرعة سجل نحو 28 جنيها ليباع بالأسواق بين 34 و35 جنيها، مقابل 25 جنيها أول سبتمبر الماضي، كما بلغ متوسط سعر طبق البيض نحو 52 جنيهًا بالأسواق مقابل 41 و 42 جنيها الشهر الماضي، ووصل السعر في بعض المناطق إلى 60 جنيها، وزاد سعر كيلو البانية إلى 75 جنيها مقابل 65 جنيها الشهر الماضي وسعر كيلو الأوراك إلى 40 جنيها مقابل 30 جنيها، والأجنحة إلى 24 جنيها مقابل 18 جنيها الشهر الماضي.
التغيرات المناخية وكشف المهندس إبراهيم محمود العربي، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، عن مجموعة من الأسباب غير الاعتيادية طرأت على الأسواق الداخلية والدولية كانت وراء الارتفاع الملحوظ في مستوى الأسعار القياسية للمستهلكين خلال الشهرين الماضي والحالي. وقال العربي في تصريحات صحفية إن "أبرز المتغيرات التي طرأت على الأسواق المحلية وشكلت ضغطا مباشرا على الأسواق ورفعت حجم الطلب الكلي مع ثبات حجم المعروض من السلع تمثلت في ارتفاع معدل الطلب اليومي على المنتجات الطازجة والذي يعد أحد أنماط ارتفاع حجم الطلب اليومي، بغرض التخزين نظرا لبدء العام الدراسي الجديد وبدء الأسر المصرية في رفع حجم المخزون من أسبوعي إلى شهري لضمان توافر المخزون اللازم بالمنازل". وذكر أن من بين الأسباب كذلك ارتفاع حجم الصادرات الزراعية المصرية للأسواق الدولية والذي ارتفع منذ يناير الماضي بحوالي 16% مقارنة بنفس الفترة من العام الذي سبقه، نظرا لتعرض العديد من دول العالم لتغيرات مناخية أثرت علي المحاصيل الزراعية بالأسواق الدولية مع ثبات نسبي في إجمالي حجم الإنتاج الزراعي المحلي. وأوضح العربى أن من بين أسباب ارتفاع الأسعار التغيرات المناخية التي أثرت في حجم الإنتاج الزراعي والحيواني، حيث شكل ارتفاع درجة الحرارة خلال أشهر الصيف الماضي أثرا مباشرا على انخفاض حجم الإنتاج الحيواني وزيادة حجم الفاقد (الهالك) خاصة من الدواجن مما أدى إلى خروج العديد من صغار المربين من الأسواق خلال تلك الفترة. ولفت الى أن هذا الخروج ترك فجوة في العرض مقابل الطلب ظهرت آثارها بوضوح على الأسعار خلال شهر سبتمبر الماضي، مؤكدا أنه كان للموجة الحارة أثرا مماثلا على الإنتاج الزراعي ظهرت آثارها منذ شهر أغسطس الماضي. وذكر العربي أنه على مستوى الأسواق العالمية، شهد الاقتصاد العالمي ارتفاعا غير مسبوق في معدلات التضخم خاصة مع ما تشهده الأسواق العالمية من آثار سلبية لجائحة كورونا والتي أدت إلى إغلاق كامل في العديد من دول العالم وما ترتب على ذلك من نقص المخزون الإستراتيجي العالمي ونقص في الإنتاج. وأشار إلى أزمة نقص الطاقة في الأسواق العالمية والتي من المتوقع أن تستمر حتى منتصف العام المقبل وتعثر عمليات الشحن الدولية والتي طالت أسواق أوروبا وأمريكا وبريطانيا والصين.
عجز الموازنة وأرجع أحمد سمير سامي باحث اقتصادي ارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق حاليا إلى أسباب اقتصادية منها : 1. عجز الموازنة الذي يقترب من 400 مليار جنيه، والدين العام الذي وصل إلى 4 تريليونات جنيه. 2. زيادة سعر صرف الدولار، وارتفاع أسعار الكهرباء؛ لأن الإنتاج الصناعي والزراعي يحتاج إلى طاقة، وزيادة التكاليف تترجم لارتفاع في الأسعار. 3. مصر تستورد معظم السلع بالدولار؛ ما يؤدي إلى زيادة الأسعار حتى للسلع المحلية، وعلى الرغم من أن البنك المركزي مسؤول عن ضخ العملة لتوفير تلك السلع، إلا أن الاستهلاك ما زال أكبر من العرض. 4. أي إجراءات تعرقل الاستيراد قد تخل بالتزامات مصر في الاتفاقيات الدولية؛ ومن ثم قد تواجه الصادرات مبدأ المعاملة بالمثل، وقد تؤدي لارتفاعات كبيرة في أسعار السلع دون استثناء، بما فيها السلع المحلية. 5. سياسيات البنك المركزي، فهو لم يوفر الدولار في السوق؛ وبالتالي كان من الطبيعي أن يتم رفع أسعار السلع الغذائية كافة. 7. الزيادة السكانية، تتسبب في تقليل المعروض وعدم كفاية الطاقة الإنتاجية، وحينما تنخفض الكمية المطلوبة يتم رفع الأسعار تلقائيا؛ بسبب ارتفاع الطلب من المستهلكين، مقابل نقص المعروض. وأشار سامي في تصريحات صحفية إلى أن هناك أسبابا خاصة بالسلع تؤدي إلى ارتفاع الأسعار منها : 1. ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية: ويرجع إلى تكلفة الزارعة والمزارعين، وانتهاء المواسم الزراعية أو تغير المناخ، كما أن زيادة أسعار السلع الغذائية تؤثر على السلع الأخرى. 2. ارتفاع أسعار الكهرباء: بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وانخفاض نسبة الغاز الطبيعي في إجمالي الوقود من 84% إلي 70%، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات والمشاريع الاستثمارية، في مقابل القدرة الضعيفة لإنتاج الطاقة، فضلا عن ارتفاع أسعار الصيانة، وعجز الدعم بمقدار 20 مليار جنيه، وارتفاع أسعار المواد البترولية المستخدمة في محطات الكهرباء. 3. ارتفاع سعر الأرز: بسبب نقص المعروض، وسوء التخزين من جانب التجار وارتفاع معدل التهريب للخارج . 4. ارتفاع أسعار السيارات: يرجع لزيادة سعر صرف الدولار، وارتفاع أسعار السيارات في بلد المنشأ، فضلا عن قلة الاستيراد لعدم توافر العملة الصعبة، ووجود أزمة في عملية التصدير لمكونات السيارات المحلية. 5. ارتفاع أسعار السجائر: نتيجة تخفيض شركة الشرقية للدخان مكسب التاجر من 4 جنيهات في «الخرطوشة» إلى جنيهين؛ الأمر الذي أدى إلى تخزين تجار الجملة للمنتج بغرض الحصول على مكسب مضاعف.
مسؤولية حكومة الانقلاب وحمل حكومة الانقلاب والتجار مسئولية ارتفاع الأسعار للأسباب التالية : 1. السياسات الخاطئة التي تتبعها حكومة الانقلاب، والمُفتقِدة لرؤية واضحة للإصلاح. 2. فساد بعض المسؤولين عن الجمعيات التعاونية، الذين يخفون بعض السلع مثل اللحوم ثم يبيعونها لمحلات الجزارة، والسلع الأخرى تباع للأسواق ومحلات البقالة. 3. عدم وجود رقابة على الزيادة في الأسعار، فكل تاجر يرفع السعر، ويقلده بقية التجار، كما يقوم تجار السوق السوداء بتخزين البضائع، ثم رفع أسعارها بحجة نقصها في السوق. 4. غياب الرقابة الحكومية على الأسواق بشكل دوري، وعدم محاسبة التجار في حالة تحكمهم في الأسعار، بالإضافة إلى جشعهم ورغبتهم في تحقيق أكبر مكسب من وراء ارتفاع الأسعار. وأكد سامي أن حكومة الانقلاب تتحمل مسئولية ارتفاع الأسعار، لأنها مسؤولة عن زيادة التكاليف؛ كما أنها لا تتدخل وتكتفي بالاعتماد على آليات السوق الحر، مشيرا إلى أن هناك جزءا كبيرا من ارتفاع الأسعار يقع على عاتق التجار، فهم يستغلون المواسم لزيادة الأسعار بشكل جنوني، مستغلين عدم قدرة حكومة الانقلاب على التحكم في السوق، فهناك ما يزيد عن 3 آلاف مركز تجاري، ولا تستطيع الجهات الرقابية متابعتها أو ضبط أسعار السلع والسيطرة عليها؛ لعدم وجود قانون يعطيها الحق في التدخل في السوق بتعديل الأسعار.