قالت دراسة إن التدافع الإقليمي والدولي بالقرن الإفريقي مرتبط بالاستقطاب الحاد بسبب السد الإثيوبي. وأوضحت الورقة التي نشرها موقع "الشارع السياسي" بعنوان "شبكة الصراعات في القرن الأفريقي وتأثيرها على أمن المنطقة" أنه في "الاحتقان الإثيوبي المصري السوداني بسبب سد النهضة، وحالة الاستقطاب الحادة التي تقوم بها الأطراف المتنازعة لكسب دول وقوي في المنطقة إلي جانبها، والتوجس المُشبع بسوء النية بين جيبوتي وإرتيريا من ناحية أخرى، والخلاف الكيني الصومالي والسوداني الإثيوبي بسبب النزاع حول الحدود، والحرب الداخلية في إثيوبيا بين الحكومة المركزية وإقليم جبهة التيجراي والتي ألقت بآثارها السلبية علي كل دول الجوار الإثيوبي، وفتحت الباب علي مصراعيه أمام التدخلات والتنافسات الخارجية، إلي جانب صراع النفوذ المتصاعد بين القوي الدولية والإقليمية علي المنطقة من ناحية ثالثة". وصنفت الدراسة القضية في ستة أبعاد، استشرف البعد الأخير منها مستقبل القرن الأفريقي، فقال إن مصر والسعودية تأتي في طليعة تلك الدول التي تحمل عبئًا أكبر في تعزيز الأمن في منطقة البحر الأحمر، ووفقًا للتحديات التي تمر بها دول المنطقة والتي سبق عرضها؛ تبرز عدة سيناريوهات محتملة بشأن مستقبل القرن الأفريقي. وأضافت إلى المؤثرات في القرن الأفريقي "المواجهات الحدودية السودانية- الإثيوبية في منطقة الفشقة تأتي كإضافة الأزمات الصاعدة إلى الواجهة، لما تنذر به من احتمالية انجرار الإقليم برمته إلى حرب مفتوحة النطاق، واحتمالية انجرار دول إقليمية أخرى، إلى تلك المواجهة التي لا يرغبها أحد، بما يهدد حالة الأمن الإقليمي. وأبانت أن السيناريو الأول يذهب إلى الحفاظ على مكتسبات اتفاق السلام الإقليمي في المنطقة بدعم صيني- إماراتي، واتساع نطاقه ليشمل جيبوتي- المتحفظة- التي هي جار مباشر لجميع الدول الثلاث المتحالفة، إثيوبيا الصومال وإريتريا، والحيلولة دون أية انتكاسة بشأنه؛ خوفًا من العودة إلى المربع الأول مرة أخرى. وأضافت أن السيناريو الثاني، يكشف عن فشل مساعي التحالف الثلاثي بين أديس أبابا وأسمرا ومقديشو وبوادر التكامل الإقليمي المؤسس علي مبادرة آبي أحمد للتكامل والشراكة الاقتصادية بين كلٍّ من (إثيوبيا وجيبوتيوالصومال وإريتريا وكينيا) بل وانهيار اتفاق السلام بين أديس أبابا وأسمرا، وعودة التوتر بينهما واندلاع حرب جديدة بين البلدين، والتي ستؤدي بدورها إن حدثت إلي عودة الأمور لمربع الصفر من جديد في منطقة القرن الأفريقي. ورجحت أن يكون السيناريو الثالث، حدوث تغيير سياسي داخل إحدى الدولتين أو الاثنين معًا، يفضي إلى تطورات وتحولات معاكسة.
سد النهضة وخلصت الدراسة إلى أن مآلات الأوضاع في القرن الأفريقي تظل مرهونة بشكل أساسي بالتطورات التي تشهدها إثيوبيا وإريتريا خلال المرحلة المقبلة. وأوضحت أن منها على سبيل المثال احتمالية حدوث التغيير السياسي في إثيوبيا أو إريتريا في ضوء عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية وتصاعد النزاعات الإثنية، وتُشكِّل التحولات الجارية في الداخل الإثيوبي وتصاعد النزاعات الإثنية في البلاد وتداعيات الحرب مع التيجراي، تحديًا يهدِّد سلطة آبي أحمد في البلاد، ومن ثَمَّ تهديد مستقبل اتفاق السلام مع إريتريا خاصة في ظل وجود بعض التيارات في إثيوبيا ذات توجهات معارضة لعملية المصالحة معها، والتي لا يستبعد أن تدخل في مواجهة مع أسمرا، بالإضافة إلى اندلاع بعض الخلافات الإقليمية بين بعض دول المنطقة مثل النزاع الكيني الصومالي، والسوداني الإثيوبي حول الحدود، واستمرار الخلاف الجيبوتي الإريتري على منطقة رأس دميرة. علاوةً على موقف القوى الدولية والإقليمية من الأحداث الإقليمية في القرن الإفريقي.
تداخل أمريكي ولأن البعد الدولي والتدخل الغربي متحقق لديهم، قالت الدراسة إن الولاياتالمتحدة دفعت إلى تسمية مبعوث أمريكي للقرن الإفريقي، مما يعكس أعلى اهتمام دبلوماسي بالتحولات الإستراتيجية التي تشهدها المنطقة، وما لها من تأثير على المصالح الأمريكية الإستراتيجية؛ خاصةً مع تصاعد احتمالات المواجهة على مياه النيل. واستمرارًا للتدافع على المنطقة، ومحاولة للحفاظ على المصالح الإستراتيجية لها، في ظل ارتفاع حدة المخاطر هكذا، وأيضًا لتعزيز دورها في توجيه السياسات الإقليمية؛ سعت القوى الكبرى للحفاظ على وجود فعلي لها في المنطقة، بما يعزز من حالة التنافس، ويفاقم من معادلة الأمن بها. ولعل النشاط الروسي الأخير في المنطقة لإيجاد موطئ قدم لها عبر تأسيس قاعدة لوجستية لها بالسودان، أبرز مظاهر ذلك التنافس. https://politicalstreet.org/4087/?fbclid=IwAR0RrnKW-Ij06EuYj6dhoEH3E8l2tIxfx9PQ5IxfHTFAFEFlX8VaxYbvYlE