اعتقل رئيس وزراء إثيوبيا آبى أحمد 17 ضابطا بالجيش الفيدرالي الإثيوبي بتهمة تسهيل إمدادات لجيش التيجراي، وقطع الاتصالات بين وحدات الجيش الفيدرالي، وهي تهم خيانة عظمي. كما صوّت نواب البرلمان الإثيوبي السبت على حل الحكومة المحلية في إقليم "تيجراي" الاتحادي وتعيين حكومة محلية جديدة بعد أن أطلقت الحكومة الإثيوبية عملية عسكرية في المنطقة. وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن العمليات العسكرية التي يقودها الجيش الإثيوبي في إقليم تيجراي لها أهداف "واضحة ومحدودة ويمكن تحقيقها"، فما قصة الحرب الدائرة هناك، وماذا تعنى لدول القرن الإفريقى هناك وعلاقتها بأزمة سد النهضة؟ ما الحكاية؟ بعد وصول الجبهة الشعبية لتحرير التجراي إلى سدة الحكم في أديس أبابا عام 1999م بتحالف مع الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا التي وصلت هي أيضا إلى أسمرا بعد هروب القوات الإثيوبية إلى داخل الحدود السودانية، فقد تم التوصل بين الجبهتين إلى إتفاق أن تنال أريتريا إستقلالها عن إثيوبيا مما أدى إلى أن تصبح إثيوبيا دولة مغلقة لا سواحل لها على البحر الأحمر ويذهب ميناؤها الرئيسي إلى السيادة الأريتريا مما زاد من صعوبة الأوضاع الاقتصادية في دول تعتبر من أفقر دول العالم. قومية التجراي تعتبر من القوميات الصغيرة في إثيوبيا، لذلك اختارت نظام الفدرالية الإثنية لإرضاء طموحات القوميات المختلفة في حكم أقاليمها التي تمثل فيها الأكثرية مما يساعدها في الاستمرار في السيطرة وحكم البلاد، وقد نجحت حسب المراقبين لحد كبير في تحقيق هدفها من خلال إجراء ثلاثة انتخابات. في الاعوام 1955- 2000- 2005 على المستوى الفيدرالي وفي الأقاليم المختلفة، مما يطرح عدة أسئلة عن النظام التعددي الحزبي في إثيوبيا (الديمقراطية الإثيوبية) ونجاحه وفشله. وتقاتل القوات الحكومية "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي"، التي ظلت لعقود القوة السياسية المهيمنة في الائتلاف الحاكم متعدد الأعراق في إثيوبيا حتى تولى أبي المنتمي لعرقية الأورومو السلطة قبل عامين. وأعاد أبي أحمد تشكيل الائتلاف الحاكم إلى حزب واحد رفضت "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" الانضمام له. "آبى أحمد" والحرب الأهلية أحمد أوضح في تغريدة على "تويتر" أن هدف عمليات "قوات الدفاع" في شمال البلاد هو "استعادة سيادة القانون والنظام الدستوري" في إقليم تيغراي و"حماية حقوق الإثيوبيين في العيش بسلام أينما كانوا في البلاد". وأكد أن "الحكومة الاتحادية حاولت حل الخلافات مع "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" بصبر لعدة أشهر" لكن بدون جدوى، رغم "الوساطات والمصالحة والحوار". واعتبر أن هذه المساعي فشلت "بسبب العجرفة الإجرامية وتعنّت جبهة تحرير شعب تيغراي. وكان هجوم الجبهة على القيادة العسكرية الشمالية التي تتخذ في تيغراي مقرًا القشة التي قصمت ظهر البعير". يذكر أن الجبهة نفت وقوع الهجوم واتهمت آبي باختلاق الرواية لتبرير نشر الجيش ضدها. وأمر آبي أحمد بتعبئة القوات من جميع أنحاء البلاد وإرسالها إلى إقليم تيغراي بعد اشتباكات على مدى يومين بين القوات الحكومية و"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي". كما أقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أعضاء بارزين في إدارته بينما يستمر القتال في منطقة تيجراي. ومن بين الذين فقدوا مناصبهم قائد الجيش ومدير جهاز الاستخبارات ووزير الخارجية، دون إبداء أسباب. حرب مستمرة من جهتها، قالت حكومة إقليم تيجراي التي يقودها دبرصيون جبراميكائيل، إنها مجهزة جيدًا لمواجهة أي هجوم من أي اتجاه. وذكرت هيئة الطيران المدني في بيان، أن إثيوبيا أغلقت المجال الجوي فوق تيغراي أمس الخميس، كما أوقفت مسارات كافة الرحلات الدولية والداخلية المارة عبر المجال الجوي لشمال البلاد. وتخشى دول المنطقة أن تتصاعد الأزمة إلى حرب شاملة تحت قيادة آبي أحمد الذي حصل على جائزة نوبل للسلام العام الماضي بعد ما أنهى نزاعًا استمر على مدى عقود مع إريتريا المجاورة، لكنه فشل في منع اندلاع اضطرابات عرقية. في هذا السياق، عبّر أنطونيو غوتيريش,، الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه البالغ إزاء القتال في إقليم تيجراي. وقال غوتيريش في رسالة على تويتر اليوم: "استقرار إثيوبيا مهم لمنطقة القرن الإفريقي بأسرها. أدعو إلى خفض فوري للتصعيد وحل النزاع سلميًا". علاقة الحرب بسد النهضة فى أمر وثيق بالحرب الدائرة، خففت أوساط دولية إقليمية من تأثر سد النهضة بتلك القضايا، لكنها طالبت بأخذ الحيطة حول مصير الحرب على تدفق المياة لدول مثل مصر والسودان. لكن الخبير الاقتصادي سكوت ماكدونالد كبير الاقتصاديين بمركز سميث للبحوث وتصنيفات الائتمان المالي، قد حذر من مغبة نشوب حرب على مياه نهر النيل بين إثيوبيا ومصر والسودان، بسبب التداعيات المحتملة. وذكر، في مقال بمجلة ناشونال إنترست National Interest الأمريكية أن اكتمال بناء السد سيمنح إثيوبيا نفوذا كبيرا على دول المصب وقد يعزز من قدرتها في التأثير في عموم القارة الإفريقية. وتطرق الكاتب في مقاله إلى الآثار المترتبة على كل دولة من الدول الثلاث من بناء السد، مستعرضا الجوانب الإيجابية التي سيضفيها على إثيوبيا في مقابل تداعياته السلبية على كل من مصر والسودان. القرن الإفريقي من جانبها، حذّرت مجموعة الأزمات الدولية من أنه ما لم يتوقف القتال فورا، فسيكون النزاع "مدمّرا لا للبلاد فحسب بل للقرن الإفريقي بأكمله". وأشارت المجموعة إلى أنه من شأن إطالة أمد القتال أن يجر إلى النزاع دولا أخرى كالصومال وجيبوتى وإريتريا والتي يعد رئيسها أسياس أفورقي مقرّبا من أبيي ومعاديا لجبهة تحرير شعب تيغراي، التي كانت تحكم إثيوبيا عندما دخلت في حرب مع إريتريا. ونظرا للقوة العسكرية لتيجراي حيث يقدّر عدد الجنود بنحو 250 ألفا، من شأن أي حرب أن تكون "طويلة ودامية" في ثاني بلدان إفريقيا من حيث عدد السكان، بحسب المجموعة. كما أنها قد تتسبب بمزيد من عدم الاستقرار في البلد المتعدد الأعراق والمقسّم إلى ولايات على أساس عرقي. وشهدت إثيوبيا أعمال عنف كثيرة على أساس عرقي في السنوات الأخيرة. وقالت مجموعة الأزمات إن "هناك حاجة لوساطة فورية ومنسقة، محلية وإقليمية ودولية، لتجنّب الدخول في أزمة أوسع".