نشر موقع "الجزيرة نت" الإنجليزي تقريرا سلط خلاله الضوء على الانتقادات التي تتعرض لها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على خلفية التعاون الأخير مع سلطات الانقلاب العسكري في مصر لوقف إطلاق النار بين الإسرائيليين وحركة حماس. وبحسب التقرير الذي ترجمته "الحرية والعدالة"، يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن تدقيقا متجددا بشأن علاقة الولاياتالمتحدة بسلطات الانقلاب ووعده بالوقوف في وجه انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها حكومة عبد الفتاح السيسي في أعقاب 11 يوما من العنف المميت في قطاع غزة. واعتمدت واشنطن هذا الشهر بشكل كبير على الوسطاء المصريين الذين قاموا برحلات مكوكية بين تل أبيب وغزة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس التي تحكم الأراضي الفلسطينية المحاصرة والحفاظ عليه. وبذلك، واجهت إدارة بايدن أسئلة عالقة حول وعدها باتباع نهج "يركز على حقوق الإنسان" تجاه مصر، التي عملت لفترة طويلة كمحاور في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كواحدة من الدول القليلة التي تتعامل مع كل من إسرائيل وحماس. وكان الرئيس الأمريكي قد قال في وقت سابق إنه "لن يكون هناك المزيد من الشيكات الفارغة" للسيسي الذي يقال إن سلفه دونالد ترامب وصفه بأنه "ديكتاتوره المفضل"، لكن بعض المدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إن بايدن لم يرق بالفعل إلى هذا الالتزام. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة "الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن"، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن العاصمة: "مرة أخرى، نرى أن شيئا لم يتغير. وقالت عن زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية إلى العاصمة المصرية الأسبوع الماضي دعما لوقف إطلاق النار: "لم يجتمع [أنتوني] بلينكن مع ممثل واحد للمجتمع المدني خلال توقفه في القاهرة". وأضافت: "لم يذكر المزيد عن حقوق الإنسان أكثر من [وزير الخارجية السابق مايك] بومبيو وإدارة ترامب من قبله".
"الشراكة الإستراتيجية" وفي مكالمتين بين بايدن والسيسي هذا الشهر – وهي الأولى منذ تولي بايدن منصبه في يناير – "شكر الرئيس الأمريكي مصر على دبلوماسيتها الناجحة"، وفقا لرواية البيت الأبيض، وأضاف البيان أن "الرئيس بايدن شدد على أهمية إجراء حوار بناء حول حقوق الإنسان في مصر". كما أكد بلينكن، خلال زيارته للقاهرة يوم الأربعاء، على "الشراكة الإستراتيجية" للولايات المتحدة مع مصر. وقال للصحفيين إنه أجرى "مناقشة وتبادلا مطولين حول حقوق الإنسان" مع السيسي، الذي جاء إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 2013 على الرئيس محمد مرسي، وأعيد انتخاب السيسي مؤخرا في مسرحية هزلية عام 2018، وترشح دون معارضة تقريبا بعد اعتقال منافسه الرئيسي وتسرب العديد من المرشحين بسبب الترهيب. وقال سيث بيندر، مسؤول الدعوة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، إن تعبير إدارة بايدن عن امتنانها "أخطأ في قراءة" الوضع وبعث برسالة خاطئة إلى القاهرة. وقال لقناة الجزيرة إن "المصريين يفعلون ذلك لمصلحتهم الخاصة"، "لسنا بحاجة إلى الانحناء إلى الوراء لمحاولة تهنئتهم على القيام بما هو في مصلحتهم، ولا يزال بإمكاننا العمل معهم للتوسط من أجل وقف إطلاق النار، وفي الوقت نفسه الضغط عليهم والاستمرار في تعزيز حقوق الإنسان في العلاقة".
فائدة السيسي "بالنسبة للسيسي، كان توقيت وساطة غزة منة من السماء"، هكذا قالت ميشيل دون، مديرة وزميلة أقدم في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. وأضافت دون لقناة الجزيرة إن ذلك زاد من أهمية السيسي في الوقت الذي سعت فيه إدارة بايدن إلى تركيز سياستها الخارجية على أجزاء أخرى من الشرق الأوسط والعالم، وسمحت للسيسي "بإظهار فائدته". وأشارت إلى أن السيسي تبنى هذه المرة الفائدة السياسية المتمثلة في العمل كوسيط مع حماس، مقارنة بحرب غزة عام 2014، التي تعامل فيها مع حماس كفرع من جماعة الإخوان المسلمين وأيد العدوان الإسرائيلي. وتابعت دون " إننى متأكدة من أن السيسى يأمل فى أن تكون فائدته فى التعامل مع حماس وربما فائدته فى المساعدة فى الإغاثة الإنسانية فى غزة سببا يجعل الإدارة الأمريكية تتغاضى عن ملف حقوق الإنسان وقضايا أخرى فى العلاقات الأمريكية المصرية". وأشارت دون إلى أن "الصراع الحالي أثار أسئلة ومعضلات سياسية غير مريحة لا تريد إدارة بايدن التعامل معها". مضيفة "إنهم يواجهون الكثير من القرارات الصعبة". وتأتي الجولة الأخيرة من المشاركة في الوقت الذي لا يتعامل فيه السيسي مع الموقف المعلن لإدارة بايدن فحسب، بل أيضا مع المشرعين الأمريكيين الذين أصبحوا ينتقدون بشكل متزايد المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، والتي يبلغ مجموعها 1.3 مليار دولار سنويا.
الضغط على بايدن في السنوات الأخيرة، أقر الكونجرس بانتظام تشريعا يطالب وزارة الخارجية بالتصديق على أن سلطات الانقلاب تتخذ خطوات للوفاء بمعايير حقوق الإنسان قبل الإفراج عن الأموال. وفي العام الماضي، أقر الكونجرس مشروع قانون ينص على شروط بقيمة 75 مليون دولار من تلك المساعدات على إطلاق القاهرة سراح السجناء السياسيين والوفاء بمعايير حقوق الإنسان الأخرى – ولا يتضمن بندا ينص على تنازل وزارة الخارجية. كما شكك البعض في الولاياتالمتحدة في الأهمية الإستراتيجية الأوسع لمصر، التي كانت تعتبر في يوم من الظن أمرا مؤكدا نظرا لنفوذ القاهرة في العالم العربي، والسيطرة على قناة السويس وهي طريق تجاري شرياني يربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وحدودها البرية مع قطاع غزة. ومع ذلك، أظهرت إدارة بايدن أنها قد لا تسعى إلى إصلاح السياسة، مما أثار استياء المدافعين عن حقوق الإنسان وبعض المشرعين من خلال الموافقة على بيع صواريخ ومعدات ذات صلة بقيمة 197 مليون دولار إلى حكومة السيسي في فبراير. جاء ذلك قبل شهر واحد فقط من التقرير السنوي لوزارة الخارجية حول حقوق الإنسان الذي شجب قائمة الانتهاكات في مصر، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والاختفاء القسري، وحملات القمع ضد الصحفيين والمعارضين السياسيين، والعنف ضد مجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية. وأشرفت حكومة السيسي على حملة اعتقال واسعة النطاق ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وغيرهم من المنتقدين المتصورين – ولا يزال نحو 60 ألف مصري مسجونين. كما اتهم نشطاء حقوقيون مصريون مقيمون في الولاياتالمتحدة حكومة الانقلاب مؤخرا باحتجاز أقاربهم في مصر كوسيلة للضغط عليهم للصمت – وهو الاتهام الذي رفضه السيسي، لكن جماعات حقوق الإنسان أثارت انزعاجا شديدا. https://www.aljazeera.com/news/2021/5/29/us-faces-difficult-questions-on-egypt-ties-gaza-ceasefire