أكد مشروع "مرصد أماكن الاحتجاز" الصادر عن الجبهة المصرية لحقوق الإنسان عن تردي حالة المحتجزين داخل 35 سجنا بأنحاء الجمهورية في ظل ظروف شديدة القسوة والتعنت المتعمد من قبل إدارات السجون وإصرار داخلية الانقلاب على إظهار صورة مغايرة للواقع تصدرها للرأي العام من خلال الزيارات المعد لها مسبقا. وطالبت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب بضرورة إجراء عملية إصلاح شاملة لقطاع السجون بهدف تحسين ظروف الاحتجاز بها وضمان حصول المحتجزين فيها على حقوقهم المكفولة في القانون والدستور. وأكدت الجبهة أن الاستمرار في تنظيم زيارات، معد لها مسبقا، إلى السجون لا يحل أي مشكلة؛ بل يعكس حالة من التزييف السطحي يعلم الجميع حقيقتها. ودعت الجبهة وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب إلى الاهتمام بحقوق المواطنين بدلا من الاهتمام بتحسين صورتها أو الرد الدفاعي على الانتقادات الدولية. وأرجع المرصد التردي والسوء الشديد الذي تشهده أوضاع الاحتجاز في 35 سجنا غطاها المرصد على مدار عام كامل منذ مايو 2020 إلى مايو 2021 ، لعدة أسباب؛ أبرزها سياسة التعنت المتبعة بحق المحتجزين من قبل إدارات تلك السجون والتي تضيف الكثير من المعاناة على حياة المحتجزين اليومية لضمان خضوعهم بشكل كامل. "التشريفة" و"الإيراد" ووثق "المرصد" طرفا من الانتهاكات التي يتعرض لها المحتجز منذ اول لحظة فيما يعرف ب"التشريفة"؛ حيث يتعرض للضرب والسب مرورا باحتجازه بزنزانة "الإيراد" لما لا يقل عن 11 يوما وسط التكدس الشديد وعدم النظافة وسوء التهوية وعدم وجود دورات مياه داخلها دون فصل بين المحتجزين وهو ما يساعد على انتشار الأمراض بينهم. كما أن ظروف المعيشة في تلك الزنازين لا تسمح للمحتجزين باستكمال مسيرتهم التعليمية دائما، فضلا عن ضعف الإضاءة بالزنازين نتيجة قلة عدد المصابيح، وعادة لا يحصل المحتجز على حقه من مدة التريض المقررة قانونا وهي ساعتين يوميا لأغلب فئات المسجونين، وفي كثير من السجون يتم التريض في ساحات داخلية لا ترى الشمس بشكل مباشر أو في ساحات خارجية تكون مغطاة بسلك حديدي. كما أشار "المرصد" إلى الانتهاكات التي تتم خلال الزيارات إن سمح بها فمدتها لا تتم وفقا للمقرر في اللائحة وهي 60 دقيقة، ويتم إفساد الأطعمة أثناء تفتيشها وعدم السماح بدخول كافة أنواع الأطعمة والأدوات بدون مبرر، كما يتم منع دخول الكتب في كثير من السجون بشكل جزئى. وأكد المرصد أن الرعاية الصحية المتردية تأتى في مقدمة أوضاع الاحتجاز السيئة في السجون؛ حيث يعاني المحتجزون أولا حتى يتم السماح لهم برؤية طبيب السجن، والذي يعاملهم بطريقة سيئة ويتهمهم بالتمارض، وهو ما يدفع كثيرا من المحتجزين إلى الاعتماد على الأطباء المحتجزين معهم ليقوموا بتشخيص حالاتهم. كما يمنع دخول الدواء والعلاج بشكل غير مبرر، ولا يسمح له بالخروج لإجراء التحاليل الطبية أو الخروج لمستشفى بالخارج إذا كانت حالته تستدعي ذلك، وهو أمر يحتاجه كثير من المحتجزين في ظل التجهيزات المتواضعة لعيادة أو مستشفى السجن والتي عادة لا توفر إجراء التحاليل، وهو ما يدفع الأهالي إلى سحب عينات الدم من المحتجزين في الزيارات وأخذها إلى أقرب معمل طبي. وقد أكد كثير من المحتجزين في سجون مختلفة أن طبيب السجن عادة ما يكتفي بإعطاء المحتجزين المسكنات بغض النظر عما يشكون منه. أوضاع متردية "المرصد" كشف كذلك أن أماكن الاحتجاز داخل السجون ال 35 منافية تماما لما تحاول سلطات الانقلاب إظهاره في الزيارات التي تنظمها لسجون عدة مؤخرا، والتي يظهر فيها المحتجزون على أفضل حال وأحيانا في حالة من الرفاهية تثير سخرية المتابعين. مؤكدا تلك الزيارات تأتي بغرض الدعاية لتبييض وجه وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب في محاولة للرد على الانتقادات الدولية العديدة التي توجه لمصر بخصوص أوضاع أماكن الاحتجاز. يشار إلى أن مرصد أماكن الاحتجاز هو مشروع قامت باحثات الجبهة المصرية بالعمل عليه طيلة عام كامل، بداية من مايو 2020 وحتى مايو 2021. ويركز بشكل رئيسي على رسم صورة واضحة للجمهور حول أوضاع أماكن الاحتجاز الرسمية موزعة على مختلف القطاعات الجغرافية في مصر، وحتى الآن يغطي المرصد السجون العمومية، والليمانات، والسجون شديدة الحراسة، وهي سجون عمومية أيضا حسب التوصيف القانوني لها، بإجمالي 35 سجنا. وتمكنت باحثات الجبهة المصرية من التحدث مع 28 مصدر أوليا موزعين على 28 سجن، تنوعت هذه المصادر بين محتجزين سابقين أو أهالي محتجزين حاليين، فيما لم يتمكن من التحدث عن 7 سجون، وذلك بسبب الظرف الأمني الذي لا يسمح بالبحث عن المصادر واضطرت الباحثات إلى التحدث مع الأشخاص الذين يمكن الوصول إليهم عن طريق شخص مشترك فقط حرصا على سلامتهن. ونتيجة لهذا التحدي فقد تمت تغطية هذه السجون السبعة اعتمادا على المصادر الثانوية فقط، وذلك بعد التحقق من موثوقيتها أولا وتدقيق المعلومات الواردة فيها.