حتى المستشفيات لم تسلم من عربدة العسكر، فها هو أحد المستشفيات التى تخدم 100 ألف مريض سنويا و1300 مريض داخلي في مختلف خدمات الطب النفسى، يتجه نحوها العسكر بالسطو والاستيلاء تحت لافتة "التطوير" أو الاستثمار، فيجري الهدم وبيع أرضها كمولات لمستثمرين غير معروفين على الأرجح خليجيون أو وحدات سكنية لأثرياء القوم من الجنرالات واللواءات. مستشفى العباسية للصحة النفسية هو أشهر وأقدم مستشفى لعلاج الأمراض النفسية في مصر، يقع المستشفى بحي العباسية بمدينة القاهرة. تم إنشاء المستشفى عام 1883م ومساحتها الحالية تبلغ 68 فدانا تقريبا، كانت قصرا لأحد الأمراء، واندلع فيه حريق كبير التهم القصر، ولم ينج من ذلك الحريق سوى مبنى مكون من طابقين تم طلاؤه باللون الأصفر، وتحول بعد ذلك إلى أول مستشفى عقلي بالقاهرة عام 1883م، ليطلق عليه اسم السرايا الصفراء. محاولات فاشلة بدأت محاولة نقل المستشفى لمدينة بدر وهدم المستشفى الحالي واستغلال موقعه المهم لأغراض استثمارية، وهو ما رفضه العاملون بالمستشفى، باعتبار أن مبني المستشفى تاريخي، وبعد مدينة بدر عن المرضى؛ وهو ما سيمثل إرهاقا لعشرات الآلاف من المرضي، وتم تنظيم وقفة احتجاجية بهذا الشأن للتعبير عن رفض العاملين لهذه القرارات المتعسفة. وفي عام 2019 تجدد الجدل بشأن نقل المستشفى، وذلك بعد قرار مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب بتخصيص قطعة أرض في مدينة بدر بمساحة 50.3 فدان، وجاء فيه النص صراحة على أنها مخصصة لإقامة مجمع طبي للصحة النفسية وعلاج الإدمان (كبديل) لمستشفى العباسية، وذلك بتاريخ الأحد 24 من مارس 2019م. جبهة للدفاع فى المقابل، تواصل "جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية للصحة النفسية"، وهي الجبهة التي تدافع عن نقل المستشفى، أنه جزء من مخطط للاستيلاء على أراضيها وتحويلها لمبانى ومولات استثمارية. وأضافت أنهم اتهموا محافظة القاهرة بعدم الترخيص لمشروعات حيوية للمرضى مثل توسعة العيادات الخارجية وساحات انتظار للمرضى وأهاليهم، ومشروع المركز القومي لطب نفسي الأطفال والمراهقين. وقيام المحافظة بإنشاء محطة تقوية شبكة محمول بمدخل المستشفى في حديقة العروبة مما يؤثر على صحة المرضى والعاملين رغم التحذيرات والشكاوى. كما اتهموا وزارة الصحة بإهمال المستشفى وتقليص الميزانية من 129 مليون جنيه إلى 50 مليون جنيه فقط؛ ما أدى إلى توقف أعمال تطوير وبنية تحتية كان مقرر أن يتم إنجازها، وعدم وجود عمال نظافة بأعداد كافية؛ مما أثر على الخدمة المقدمة وتحمل فريق التمريض القيام بأعمال ليست من اختصاصاتهم. العسكر فى الصورة كان نشطاء ومعنيون بالحفاظ على موقع المستشفى قد كشفوا مخططا من قبل الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة عن قيام أفراد بعرض بيع المستشفى مقابل نقلها إلى مدينة بدر. كما سبق وأن تقدم أحد البرلمانيين بطلب إحاطة لوزيرة، بخصوص كثرة الأحاديث عن بيع أرض مستشفى العباسية للصحة النفسية، وتحويله لمشروع استثمارى، إذ تبلغ مساحة أرض المستشفى 68 فدانا قرب وسط القاهرة، مشيرا إلى وجود عدد من المخاطبات والمراسلات الرسمية بين وزارة الصحة والمحافظة لمعاينة الأرض، مع نفى وزير الصحة وجود أى نية للبيع، ما يعطى إشارات ورسائل متضاربة. وأضاف فى تصريحه، أن المستشفى تاريخ وأثر، إذ يعد أعرق مستشفى للطب النفسى فى الشرق الأوسط، وهو ما دفع وزارة الآثار لتسجيل بعض مبانيها التاريخية وفقا للقانون 144 لسنة 2006، وقرار مجلس الوزراء رقم 696 لسنة 2011، ما يمنع بيع أو هدم أى من تلك المبانى. وأضاف عضو مجلس النواب، أن بوادر بيع أرض المستشفى تعود إلى العام 2010، فى ظل وزارة حاتم الجبلى، الذى حاول هدم المستشفى وضم الأرض لملكية أرض المعارض، لإقامة "كايرو اكسبو سيتى"، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل بعد أن تحول الأمر لقضية رأى عام، مؤكدا رفضه الكامل لعودة مثل هذه المحاولات مرة أخرى حفاظا على صحة المرضى. مخالف قانونا كما رصدت "جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية للصحة النفسية"، محاولة وصفتها بالجديدة للاستيلاء على أرض المستشفى، مضيفة أنَّ "الأشد استنكارًا أنَّ إدارتي المستشفى وأمانة الصحة النفسية والمنوط بهما الحفاظ على المستشفى وتطوريرها، تكونان هما الضالعتان في إهدار أراضي المستشفى". ووفق بيان أصدرته جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية، تتولى إدارتي مستشفى العباسية للصحة النفسية والأمانة العامة للصحة النفسية إجراءات تأجير مساحة 7 آلاف و500 متر مربع من أرض المستشفى لإقامة محلات وتوكيلات تجارية تكون واجهتها شارع امتداد رمسيس بطول 300 متر، مؤكّدة أنَّ ذلك يعد انتهاكًا صريحًا لحقوق المرضى والدستور المصري الذي الزم الدولة في المادة 18 منه، بالحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب العمل على رفع كفاءتها و إنتشارها الجغرافي العادل. واستنكرت جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية للصحة النفسية، أسلوب التضليل للعاملين بقطاع الصحة النفسية، بإيهامهم أنَّ موارد تلك المشروعات غير القانونية سوف تؤول لتحسين دخولهم، فقد حدد القانون ولائحة المستشفيات 239 لسنة 1997 موارد صندوق تحسين الخدمة، ولم تتح للإدارة ضخ أي موارد بتأجير أراضي المستشفى أو إقامة مشروعات تجارية خارج خدمات المرضى والعاملين. وأكّدت جبهة الدفاع عن المستشفى أنَّها ستتخذ كل الوسائل والطرق المشروعة لوقف هذا الانتهاك لحقوق المرضى، ولن تكل من المطالبة والسعي جاهدا لتطوير المستشفى والخدمات المقدمة. في السياق، وفي إطار الحملة المسعورة لعصابة الانقلاب بزعامة عبد الفتاح السيسى للاستيلاء على أراضي مصر، جرى تسريب مخطط حكومي للاستيلاء على أرض مستشفى العباسية للأمراض العقلية والنفسية في العباسية وتحويله لاستثمارات عقارية لحكومة السيسي، ونقل منشآته إلى أراض صحراوية بعيدا عن القاهرة، بمبررات ومزاعم واهية، وسط رفض من قبل نقابة الأطباء وأطباء المستشفى والكثير من المراقبين والدوائر السياسية. اعتراض الأطباء وأعلن أطباء بمستشفى العباسية للصحة النفسية اعتراضهم على شروع مجلس إدارة المستشفى في تنفيذ مشروع لإنشاء محال تجارية على مساحة 7500 متر مربع من الأرض المحاذية لسوره المقابل لشارع امتداد رمسيس. واعتبر بيان لجبهة الدفاع عن مستشفى العباسية للصحة النفسية، أن هذه الخطوة محاولة جديدة للاستيلاء على أراضي المستشفى، بالمخالفة للوائح؛ حيث إن المشاريع التجارية لا تخدم مرضاه. وقال الطبيب أحمد حسين، منسق الجبهة، في تصريحات صحفية، إنه على الرغم من أن موافقة مجلس الإدارة على المشروع تمت في سبتمبر الماضي، إلا أن البدء في التنفيذ يتطلب موافقة نهائية من وزارة الصحة لإقامة المشروع، وهو ما لم يحدث حتى الآن، لكن الأطباء تبيّن لهم أن هناك خطوات اتُخذت في اتجاه التنفيذ، متمثلة في ذهاب موظفين من الحي إلى المساحة المحتمل إقامة المشروع عليها، للمعاينة وإيصال مرافق المشروع. التطوير المزعوم وأوضح حسين أن وجه الاعتراض الأساسي هو أن أي مشروع تطوير في المستشفى يجب أن يكون موجها بالأساس لخدمة المرضى، وأن يكون في إطار تطوير خدمات المستشفى نفسه، وليس تقديم الخدمات لمن هم خارجه. وشدد حسين على أن هناك سبلا لتعظيم دخل المستشفى من خلال تطوير خدماته للصحة النفسية، مثل تأسيس مراكز داخلية متخصصة، كمركز للصحة النفسية وإدمان الأطفال والمراهقين مثلا، يكون بمقابل مادي يدعم صندوق تطوير الخدمات، مؤكدا أن لائحة إدارة المستشفيات لا تذكر أي شيء بشأن إقامة مشاريع تجارية بالمستشفيات، بخلاف مشاريع تقدم خدمات للمرضى والزوار، مثل محلات الهدايا والورود. وذكر محضر اجتماع مجلس الإدارة الذي وافق على القرار، أن المشروع سيُطرح في مناقصة تتقدم إليها وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع ووزارة الداخلية بسلطة الانقلاب. محاولات تاريخية المشروع يأتي في إطار محاولات عديدة باء أغلبها بالفشل لاستخدام أراضي المستشفى لأغراض غير طبية، أبرزها محاولات السيطرة على مبنى المستشفى التاريخي وأرضه بأكملها من خلال نقلها لشرق القاهرة في عهد حسني مبارك، والتي تصدى لها المستشفى بحزم وقتها إلى أن تراجعت الحكومة عن المقترح، وهو ما يكرره السيسي حاليا بشراهة عسكرية وتلاعب وخداع وضغوط أمنية أيضا، وتشوية للمرضى وأسرهم وتعجيز أسر المرضى للحيلولة دون استضافة مرضاهم بالمستشفى، وإخراج بعض المرضى ليهيموا في شوارع القاهرة، بداعي أنهم تعافوا من المرض، في وحشية كاسرة للحكم العسكري.