تقاذفت إثيوبيا والسودان عبدالفتاح السيسي، بلعبة "الصدة ردة" المعروفة شعبيا -فبات المنقلب كرة فارغة إلا قليلا من الهواء تمزقت من الضربات المتلاحقة بين أقدام اللاعبين- فمن جهة، تعهد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، قائد الجيش الفريق أول "عبدالفتاح البرهان"، الاثنين، بعدم ترك مثلث حلايب وشلاتين للسيطرة المصرية، قائلا إن السودان سيرفع علمه على هذه المنطقة الحدودية مع مصر. وفي كلمة بمناسبة العيد ال66 للجيش في منطقة وادي سيدنا العسكرية بولاية الخرطوم، شدد على أن "القوات المسلحة لن تفرط في شبر من أرض السودان". وأكد "حقنا ما بنخليه ولن نتراجع عنه ولن ننساه حتى يتم رفع علم السودان في حلايب وشلاتين وفى كل مكان من السودان"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السودانية الرسمية. وأضاف موجها حديثه للقوات السودانية المرابطة حول حلايب وشلاتين وأرقين وكل الذين يدافعون عن البلاد"، "نحن معكم"، مضيفا أن السودان "يتعرض لاستهدف كبير في وحدته وحدوده"، وفقا لما نقلته الوكالة.
هيمنة على النيل
أما القذيفة الأخرى، فجاءت من الغريم الجنوبي الذي أعتاد كشف الانقلاب وخطواته، بالانتقاص من كرامتهم، حيث قال وزير الخارجية الإثيوبي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الاثيوبية، إن دول المنبع ترفض الرواية المصرية التي تزعم حق الهيمنة على استخدام مياه النيل. وأضاف "جيدو أندارجاتشو"، الإثنين أن "دول المنبع هي مصدر كل مياه النيل تقريبا، وإثيوبيا بحاجة إلى بناء السد، وعليها أن تعكس الواقعية حول استخدام نهر النيل". وأشار "أندارجاتشو" إلى "ضرورة الاستخدام العادل والمنصف لمياه النهر من قبل جميع الدول المشاطئة لنهر النيل، بدلا من هذه الروايات". ولفت إلى أن استخدام المياه حق طبيعي لبلاده، مؤكدا أن إثيوبيا لن تسمح لأي دولة "أن تسمح أو ترفض" استخدام مواردها الطبيعية. وادعى أن الخلاف بين الدول الثلاث كان كبيرا، ولكن بفضل المفاوضات الأخيرة صار هناك تقارب كبير، موضحا أن "أجندة إثيوبيا في المفاوضات هي كيفية ملء السد، وما بعد الملء من حيث كيفية تدفق المياه، دون إلحاق الضرر بدول المصب، بالإضافة إلى جمع المعلومات وتنسيقها". واتهم الجانب المصري بالتطرق إلى مواضيع أخرى ليس لها علاقة بملء السد، وذكر الوزير الإثيوبي أن تلك الموضوعات "تتمثل في تقسيم المياه، فالسودان ومصر في عام 1959 لديهما اتفاقية بشأن تقسيم المياه، وكان لمصر النصيب الأكبر، وأهداف مصر بطريقة غير مباشرة تشير إلى ذلك الاتفاق".
دول حوض النيل ودول حوض النيل هي 11 دولة، وتتباين بين دولتي منبع "إثيوبيا وأوغندا"، ودولتي مصب "مصر والسودان"، فيما تستفيد منه بقية الدول الأخرى التي يمر النهر عبر أراضيها "جنوب السودان – تنزانيا – إريتريا – كينيا – الكونغو الديمقراطية – بورندي – رواندا". وتعثرت المفاوضات بين الدول الثلاث على مدار السنوات الماضية، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرةوأديس أبابا بالتعنت والرغبة بفرض حلول غير واقعية، وكان آخر حلقة من سلسلة المفاوضات في 21 يوليو الماضي، حيث عقد الاتحاد الإفريقي قمة مصغرة، بمشاركة الدول الثلاث عقب نحو أسبوع من انتهاء مفاوضات رعاها الاتحاد لنحو 10 أيام، دون اتفاق. وتزعم أديس أبابا أنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر والسودان، وأن الهدف من بناء السد هو توليد الكهرباء بالأساس. حلايب وشلاتين ومن جانب مثلث حلايب وشلاتين أعلن السودان في يوليو الماضي، تمسكه بالمثلث الحدودي المتنازع عليه مع مصر، عبر بيان للمفوضية القومية للحدود السودانية. مطالبا بأحقيته في السيادة على المثلث الحدودي، وسط رفض مصري للجوء إلى التحكيم الدولي لحسم المسألة. وتطرح دوائر مصرية وسودانية تحويل المنطقة المتنازع عليها إلى منطقة تكامل بين البلدين، وإقامة عدد من المشاريع المشتركة عليها. وتعد أزمة المثلث الحدودي المتنازع عليه بين البلدين أبرز الملفات الشائكة بينهما، والتي يثور بشأنها مشادات دبلوماسية وإعلامية بين حين وآخر.