مع ارتفاع درجات القبول بكليات القمة فى الجامعات الحكومية يتوجه بعض المتفوقين إلى الجامعات الخاصة من أجل الالتحاق بكليات الذى رفض نظام العسكرى التوسع فيها لاتاحة الفرصة أمام المستثمرين للمتاجرة بالطلاب التى يرغبون فى الدراسة فى كليات القطاعين الطبى والهندسى الخاصة بالاضافة إلى الاعلام والاقتصاد والعلوم السياسية. وقد فوجئ أولياء الامور هذا العام بارتفاع جنونى وغير مسيوق لمصروفات الجامعات الخاصة بنسبة تجاوزات 50% رغم أن الجامعات الخاصة فى دول الخليج قررت خفضت المصروفات بنسبة 40% بسبب ظروف كورونا والحالة الاقتصادية التى تواجه مواطنيها رغم التفاوت الكبير فى الدخول بين المواطن الخليجى والمصرى بالطبع الذى يعيش أكثر من 60% من أبنائه تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولى. وكان المجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية، قد أعلن في 27 يوليو الماضي فتح بابا التنسيق لقبول طلاب الثانوية العامة. وجاء الحد الأدنى للتقدم هذا العام بكليات الجامعات: 95% للطب البشرى و90% طب الأسنان والصيدلة والعلاج الطبيعى و80% كليتي الهندسة والطب البيطري، و70% كليات الفنون التطبيقية، وتكنولوجيا العلوم الصحية التطبيقية، والتكنولوجيا الحيوية، وعلوم الحاسب، و60%، كليات الإعلام، واللغات والترجمة والاقتصاد والعلوم السياسية، والإدارة، و55% كليات الزراعة، وباقى الكليات. يشار إلى أن هناك 21 جامعة خاصة تستوعب أكثر من 85 ألف طالب سنويا، في حين تستوعب الجامعات الحكومية 2.5 مليون طالب سنويا.وتصل مصروفات الجامعات الخاصة إلى 192ألف جنيه في السنة لكلية الطب في إحدى الجامعات، ولا توجد معايير أو استرشاد لمصروفات الجامعات فتتفاوت مصروفات الجامعات بشكل كبير دون مبرر واضح لا في المنهج التعليمي أو جودة التعليم أو استحقاق المصروفات السنوية لإمكانيات الجامعات وسط غياب تام لإشراف وزارة التعليم العالي ورغم أن الحد الأدنى للقبول ثابت تتغير المصروفات، ففي حين أعلنت الجامعة البريطانية أن مصروفات كلية طب الفم والأسنان 180 ألف جنيه فان مصروفات نفس الكلية بجامعة حورس 65 ألف جنيه وهو ما يكشف عن غياب المعايير. أولياء الأمور أولياء الأمور اشتكوا من ممارسات الإدارات الجامعية بهذه الجامعات مؤكدين أنها تتخذ قرارات منفردة برفع المصروفات الدراسية، وكشفوا أن بعض الجامعات رفعت رسوم التقديم من 500 جنيه إلى 1500 جنيه، متسائلين عن دور الرقابة من وزارة التعليم العالى بحكومة الانقلاب على هذه الجامعات؛ لمواجهة هذه التصرفات. وطالب أولياء الأمور بوضع تشريع قانونى لمواجهة ما تفعله بعض الجامعات الخاصة من استغلال الظروف وإجبار أولياء الأمور والطلاب على الانصياع لرفع المصروفات. وأشاروا إلى أن بعض الجامعات تستغل الطلاب وأولياء أمورهم ورغبتهم فى الالتحاق بكليات القمة التى فاتتهم من أجل 1% أو أقل وتستقبل آلاف الطلاب وتضعهم على قوائم الانتظار دون وجود أى فرص لهؤلاء الطلاب فى الالتحاق بكليات هذه الجامعات. وطالب أولياء الأمور، بتدخل وزارة التعليم العالى بحكومة الانقلاب والسيطرة على الوضع لأن بعض الجامعات تغالى فى المصروفات الدراسية وأسعار ملفات التقديم. خارج الرقابة من جانبه قال كمال مغيث الخبير بالمركز القومى للبحوث التربوية إن قانون الجامعات الخاصة يتعامل معها باعتبارها مؤسسات هادفة للربح وهذا فتح الباب للعبث داخل الجامعات بداية من تفاوت المصروفات والمبالغة فيها وتدهور المستوى، مشيرا إلى أن التعليم فيها أصبح مثل أي سلعة خاضعة للمضاربة والاحتكار والدعاية المبالغة. وأضاف مغيث في تصريحات صحفية أن الجامعات الخاصة خارج الرقابة تقريبا فقط تحصل على موافقة من وزارة التعليم العالى بحكومة الانقلاب على هيكلها الأساسي والمصروفات وبعدها تتصرف كيفما تشاء، وفي بعض الحالات يحصلون على الموافقة الورقية فقط وتكون مخالفة للواقع. وأكد أن هناك فارقا بين خريجي الجامعات الحكومية والجامعات الخاصة التي غالبا يكون التنافس فيها على من يملك أكثر أى الأغنى وتغيب التنافسية العلمية، وبعضها يتحول إلى بؤر للمخدرات والفساد. مسئولية الدولة وقال د. يحيى القزاز، الأستاذ بكلية العلوم جامعة حلوان، إن الأسرة المصرية معروف عنها اهتمامها بالتعليم، وهي تنفق على هذا أموالاً كبيرة سواء التعليم الحكومي من خلال الدروس الخصوصية أم التعليم الخاص، موضحا أن هذا الاهتمام الكبير والرسوم المُبالغ فيها التي تدفع يكون السبب فيها أموراً عدة؛ منها محاولة الحصول على وظيفة، أو الوجاهة الاجتماعية، أو محاولة الحصول على فرصة سفر في ظل ظروف اقتصادية وبطالة تعاني منها البلاد؛ ولهذا تكون الأسرة مستعدة للإنفاق ودفع الرسوم المطلوبة منها من أجل تحقيق رغبة أبنائها لهذه الأسباب. وأضتف د. القزاز فى تصريحات صحفية : المفروض أن دولة العسكر هي المسؤول الأول عن التنمية التعليمية والإنفاق على هذا الملف وتحقيق الجودة فيه، ولكن ما يحدث في الواقع مختلف تماماً؛ وهو ما يجعل الأسرة تتحمل هذا الإخفاق، سواء بسبب تراجع التعليم الحكومي؛ وهو ما يؤدي إلى تحصيل محدود ونتائج غير طيبة، أو من ناحية الإنفاق على أبنائها كبديل لحكومة الانقلاب التي تخلت عن الإنفاق، ويتم هذا عبر الدروس الخصوصية أو رسوم الجامعات الخاصة التي تغالي في رسومها. وطالب بضرورة وقف تصرفات هذه الجامعات وإلزامها باللوائح والقوانين المنظمة لذلك. مشروعات تجارية ويرى الدكتور محمد عبدالظاهر الطيب، الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس أن معظم الجامعات الخاصة فى مصر هى مشروعات تجارية خالصة يتم فيها استبدال الدرجات بالدولار والجنيهات، مشيرا إلى أن بعضها يمنح الشهادة للطلبة بدون حضور أو مذاكرة، ويشجع على ذلك عدم وجود رقابة حقيقية من وزارة التعليم العالى بحكومة الانقلاب عليها. وقال عبدالظاهر فى تصريحات صحفية إن هذه الجامعات تشير فى أوراق اعتمادها إلى أنها مؤسسة تعليمية لا تقوم على الربح، ومع ذلك فهى تحقق أرباحاً باهظة، وهو ما أغرى العديد من رجال الأعمال الذين ليس لهم أى علاقة بالتعليم على دخول هذا المجال. وأشار إلى أن العالم كله به جامعات أهلية تعتمد فى مواردها على المنح والتبرعات ومشاركة منظمات المجتمع المدنى، وهذا المفهوم لا يوجد فى مصر إنما الموجود مؤسسات ربحية مملوكة لأشخاص بعينهم ويحكمها مبدأ الربح والخسارة، معتبرا هذا كارثة تعليمية حولت التعليم إلى بيزنس، خاصة أنها كانت سبباً فى لجوء الجامعات الحكومية إلى إنشاء أقسام خاصة بها بمصروفات. وطالب الطيب بالبحث عن وسائل حقيقية لتطوير التعليم الجامعى لاستيعاب الطلبة مع ضرورة ربط الجامعات بسوق العمل، وإنشاء جامعات أهلية لا تهدف للربح، وإنما هدفها التعليم، مع تطوير الجامعات الحكومية ونظام القبول بها حتى لا يكون المجموع وحده هو السبيل إليها. بيزنس وترى الدكتورة آمال عبدالله، أستاذ مناهج وطرق تدريس اللغة الألمانية بجامعة عين شمس أن الجامعات الخاصة أصبحت واقعًا ملموسًا، خاصة أن سوق العمل يفضل خريجى جامعات بعينها، فى ظل تراجع الجامعات الحكومية وخروجها من التصنيف العالمى، مشيرة إلى أن الجامعات الخاصة أصبحت خياراً أول أمام الكثير من الناس. وقالت د. آمال فى تصريحات صحفية : هناك مشكلات فى بعض لجامعات الخاصة لأن محتوى المناهج بها ضعيف وبعضها يعتمد على الحضور وأعمال السنة بشكل كبير مما يصدر لنا خريجين على مستوى أقل من المطلوب. وأضافت: هذه الجامعات أصبحت مثل المدارس الخاصة تمثل بيزنس لا يضيف الكثير للعملية التعليمية بقدر ما تضيف أموالاً لأصحابها، ولكنها فى الوقت نفسه حلت مشكلة مجتمعية لكثير من المواطنين الذين يريدون إلحاق أبنائهم بكليات معينة. وأشارت إلى أن القضاء على سلبياتها بتطلب زيادة إشراف وزارة التعليم العالى بحكومة الانقلاب عليها والاعتراف بالجامعات الجيدة منها وإعادة الدور للجامعات الحكومية وإصلاح التعليم ما قبل الجامعى لضمان تخريج طلاب على مستوى عال.