تهدد السياسات الاقتصادية الفاشلة التى يفرضها نظام الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي بمزيد من "الفقر والنكد" للمصريين، حيث أدت هذه السياسات الى ارتفاع معدل التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع قيمة الجنيه الشرائية، ولم يعد المواطن قادرا على تلبية حاجاته الضرورية خاصة عقب تراجع الدخول وتوقف الكثير من الأنشطة وحالة الركود التى تسيطر على الأسواق بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد. كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد كشف عن تسارع تضخم أسعار المستهلك السنوي إلى 6% خلال يونيو الماضي، صعودا من 5% في مايو السابق له، مع عودة الطلب على الاستهلاك، بعد شهرين من التراجع بفعل جائحة كورونا. يأتي ارتفاع التضخم السنوي مدفوعا بصعود مجموعة أسعار "الكحول والسجائر" بنسبة 13.1%، ومجموعة الملابس والأحذية 3.1%، وقسم المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود 7.1%. كما ارتفعت أسعار مجموعة الرعاية الصحية بنسبة 8.7%، وقسم النقل والمواصلات 12.8%، والتعليم 28.5%، والمطاعم والفنادق 8.3%، والطعام والمشروبات 0.4%. وعلى أساس شهري، انكمشت مجموعة أسعار الأغذية والمشروبات بنسبة 1.6%، مقابل ارتفاع الخدمات الصحية 0.6%، والمسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود 0.3%. ويرتقب أن تصعد أسعار المستهلك للشهر الجاري، مع صعود أسعار الوقود وزيادة أسعار الكهرباء اعتبارا من فاتورة يوليو الجارى. من جانبه توقع حسام عيد محلل اقتصادي ان تواصل معدلات التضخم ارتفاعها لتصل إلى مستويات قياسية جديدة وهو ما يطرح العديد من إشارات الاستفهام حول جدوى السياسة النقدية الهادفة إلى الحد من هذه المستويات المرتفعة. تعويم الجنيه وقال عيد فى تصريحات صحفية إن معدل التضخم يسجل ارتفاعات متتالية منذ تعويم الجنيه؛ موضحا أن تحرير سعر الصرف يعد السبب الرئيسي في ارتفاع معدل التضخم، فمع انخفاض سعر الصرف الجنيه سجلت أسعار السلع الوسيطة "المستخدمة في الإنتاج" ارتفاعا، وهذا يدفع المنتجين إلى تحويل هذا الارتفاع إلى المستهلك النهائي للحفاظ على هوامش الأرباح. وأشار إلى أن أسعار السلع المستوردة سجلت ارتفاعا واضحا نظرا لارتفاع حصتها من الناتج المحلي الإجمالي، ففي 2003 كانت عند 14%، واليوم تقارب 21% من الناتج المحلي الإجمالي. وأضاف عيد: تعويم الجنيه لا يعد القضية الوحيدة في ارتفاع الأسعار فهناك عوامل أخرى، في مقدمتها السياسة المالية التي اتبعتها حكومة الانقلاب من خلال خفض دعم الطاقة ورفع الأسعار ما أدى الى ارتفاع أسعار الوقود بجانب رفع ضريبة القيمة المضافة الأمر الذي انعكس على أسعار السلع بشكل مبالغ فيه. وأعرب عن أسفه لأن حكومة الانقلاب تلجأ إلى طبع النقود بشكل متسارع لتمويل جزء من عجز الموازنة، دون أن يقابلها زيادة في الإنتاجية، إضافة إلى ثبات معدلات الإنتاج والاستثمار دون زيادة تسهم في إصلاح الوضع الاقتصادي، مؤكدا ان معدل طباعة النقود ارتفع ليتراوح بين 70 و80 مليار جنيه سنويًا، بعد أن كان يتراوح بين 8 و12 مليار جنيه سنويا قبل 2011. وأوضح عيد أن المنافسة في قطاع السلع الاستهلاكية؛ تعتبر محدودة الأمر الذي يتيح للمنتجين السيطرة على قنوات التوزيع، ومن خلالها يضع المنتجون سياسات تسعير خاصة بهم أكبر من تلك التي كانوا يدفعونها لتغطية تكلفة السلع المستوردة وهو ما انعكس في ارتفاع الأسعار بأعلى من التوقعات، حيث سجلت قفزات متسارعة وغير مسبوقة في الأسواق. ناقوس خطر وطالب خالد الشافعي، خبير اقتصادى، حكومة الانقلاب بأن تعالج أزمة ارتفاع الأسعار التي يعانيها المواطن بحلول جذرية وليست سطحية، مشيرًا إلى أن ارتفاع معدل التضخم يدق ناقوس الخطر وينذر بكارثة، ودليل على استمرار عجز الموازنة مع زيادة الانفاق الحكومي وقلة الموارد. وقال الشافعي فى تصريحات صحفية إن تلك الأزمة تحتاج إلى اتخاذ حكومة الانقلاب حزمة من الإجراءات اللازمة لمحاربة الأسعار وتخفيف العبء عن المواطن، مشددا على ضرورة مراجعة بنود الموازنة العامة وبحث الخلل في حجم الإنفاق العام، مع الأخذ في الاعتبار عدم تأثر الطبقات الوسطى، بحدوث أي خلل يؤثر على حياتهم اليومية. وأضاف : لا بد من البحث عن موارد جديدة لحكومة الانقلاب تواجه بها الأزمة بعيدًا عن الحلول التقليدية، لافتًا إلى أن ارتفاع معدل التضخم بهذه النسبة، سيكون سببًا في عزوف المستثمرين إذا لم تتحرك حكومة الانقلاب بسرعة شديدة للسيطرة على الوضع الاقتصادي. أزمة اقتصادية وأكد مصطفى عبد السلام الصحفى الاقتصادى ان ارتفاع معدل التضخم يعني أننا أمام أزمة، اقتصادية واجتماعية، بل وسياسية، لا تقل في خطورتها عن قرار تعويم الجنيه. وقال عبدالسلام فى تصريحات صحفية إن هذا ارتفاع التضخم يعني أن الأسعار باتت فوق قدرة الغالبية العظمي من المصريين، كما يعرقل هذا الارتفاع خطط حكومة الانقلاب في تحريك الاقتصاد وجذب استثمارات خارجية. وأشار إلى أنه يصاحب هذه الزيادة ارتفاعات في معدلات الفقر والافلاس، بل والانتحار موضحا أنه عندما يقرر أي مستثمر أجنبي توجيه أمواله نحو بلد ما، فإن من أبرز المؤشرات التي ينظر إليها ويحللها جيداً معدل التضخم السائد داخل الدولة، الذي يعني مستوى الأسعار السائد داخل الأسواق والقدرة الشرائية للمستهلك، إضافة لرصد مؤشرات أخرى، منها مخاطر الاستقرار السياسي والفساد وقوانين حماية الاستثمارات واستقرار سوق الصرف وتوافر الدولار وسهولة دخول وخروج الأموال وتكلفة الإنتاج وغيرها، والمستثمر يبعد عادة عن الدول ذات معدلات التضخم العالية. وأضاف عبد السلام: عندما تنظر للعملات الأكثر إيداعاً في البنوك، وما إذا كان المتعاملون مع القطاع المصرفي يفضلون الإيداع بالعملة المحلية أم بالدولار واليورو والاسترليني وغيره، فإن معدل التضخم هو الذي يدلك على ذلك، ففي حال زيادة التضخم يبعد المدخرين عن العملات المحلية مؤكدا ان التضخم من أهم المؤشرات الاقتصادية في بلد ما، وزيادته تعد من أخطر الأمراض التي تواجه حكومة أي دولة، وذلك لخطورته الشديدة على المجتمع والأسواق والاستثمار، ذلك لأن ارتفاعه يؤدي لنتائج كارثية، منها مثلا زيادة الأسعار والضغط على المواطن وتفاقم أوضاعه المعيشية. الاستثمارات الأجنبية وأشار إلى أن زيادة التضخم في بلد ما تعني الضغط بشدة على العملة المحلية وتآكل المدخرات الوطنية ودخول شرائح اجتماعية دائرة الفقر، واندفاع المدخرين نحو حيازة النقد الأجنبي والتخلص من العملة المحلية مؤكدا أن زيادة التضخم تطرد الاستثمارات الأجنبية، وتؤدي لحدوث تراجع في الاستثمارات المحلية، مع زيادة كلفة الأموال على القروض المصرفية، والنتيجة زيادة معدلات البطالة والافلاس، وخروج مصانع من دائرة الإنتاج، وفقدان بعض العمال لوظائفهم. وتابع عبدالسلام: في ظل زيادة التضخم تلجأ البنوك لإجراء زيادات في سعر الفائدة على الودائع حتى لا يهرب المودعون لعملات أخرى وحتى لا تتحول العملة المحلية إلى عملة طاردة للأموال، خاصة أن منح البنك سعر فائدة للعميل يقل عن معدل التضخم السائد فإن هذا يعني ببساطة أن المودع يخسر جزءاً من أمواله، وهو الفارق بين سعر الفائدة بالبنوك ومعدل زيادة الأسعار في الأسواق (التضخم). وأكد أن التضخم شر قد يدفع المواطنين إلى النزول للشارع، كما حدث في دول بأميركا اللاتينية خاصة فنزويلا .