كلّف اللواء المتقاعد خليف حفتر قائد مليشيات "الكرامة"، عبد السلام البدري نائب رئيس مجلس وزراء فيما يسمى بحكومة شرق ليبيا الموالية لحفتر وغير المعترف بها، بمخاطبة "إسرائيل" للتدخل لإنقاذ عملائها في ليبيا، متطوعا باتفاق سياسي يضم تل أبيب وحفتر بمشاركة اليونان وقبرص ومصر ولبنان، ردا على اتفاق تركيا مع حكومة الوفاق. واعترف البدري على سبيل استجداء التدخل بأنه "لدينا تاريخ طويل من الاتصال مع إسرائيل والجالية اليهودية"، بحسب صحيفة "ماكور ريشون" الصهيونية، وهي إشارة إلى اجتماع حفتر بمسئولين في جهاز الموساد بالقاهرة بين عامَي 2017 و2019 بترتيب عبد الفتاح السيسي وعباس كامل مدير مخابراته. إشراف الموساد وفي أبريل 2020، تجدد عهد حفتر مع الصهاينة وجهاز الموساد، بعد عام ونصف تقريبا، من لقاء القاهرة، وقال الصحفي يوسي ميلمان "Yossi Melman" في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني إلى أن جهاز الموساد يشرف بشكل خاص على العلاقات بين تل أبيب وحفتر. وكشف "ميلمان" في مقاله عن أن "خليفة حفتر يحظى بدعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، التي تؤيد في الظاهر الجهود الأممية وسرا تشجع حفتر على شن حملاته"، موضحا أن ذلك منهج الولاياتالمتحدة مع حلفاء الشرق الأوسط، ومن بينهم مصر والإمارات. وأوضح مقال "ميدل إيست آي" أن لقاءات حفتر بالموساد تضمنت تنسق العمليات والسياسات المشتركة، بما في ذلك التدريب على التكتيكات الحربية وجمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها وكذلك على إجراءات التحكم والقيادة". وأشار إلى أن الموساد ساند حفتر في شراء تجهيزات الرؤية الليلية وبنادق القنص. غزل متجدد مبادرة عبد السلام البدري، نائب رئيس حكومة حفتر، سبقها غزل من حفتر ل"إسرائيل" وإيماءاته السياسية سابقا، ومنها تصريحات لعبد الهادي الحويجي، وزير الخارجية في حكومة حفتر غير المعترف بها دوليا، بقوله إنه "يأمل أن تتوصل ليبيا وإسرائيل إلى علاقات طبيعية ذات يوم"، وذلك أثناء وجود "حويج" بصحبة حفتر في باريس بادعاء السعي لسلام إقليمي ونبذ "الإرهاب". ولا تقتصر الوثائق والأدلة على تصريحات مليمان، بل إن الدعم "الإسرائيلي" لمليشيات حفتر لم يكن وليد اللحظة، وعلى الرغم من سعي تل أبيب للتكتم عليه، وعادة ما يكون تكتمها بطلب من عملائها. حيث أشار موقع "consortiumnews" الأمريكي إلى أن إسرائيل تعتقد أن لديها ما يبرر دعمها لخليفة حفتر، ومن ضمن ذلك مسعاها لتعزيز مكانة تحالف السعودية ومصر والإمارات في المنطقة ودوره، وهو التحالف الذي تتشارك وإياه تل أبيب برؤى مشتركة، خاصة فيما يتعلق بمواجهة "التهديد الإيراني" وجماعة الإخوان المسلمين. وقال الموقع، إن "إسرائيل تجد في ليبيا سوقا جيدة وغنية لشراء المزيد من السلاح المُصنّع في تل أبيب، إذ ربحت خلال الفترة الماضية المليارات جراء بيع السلاح لدول إفريقية". هدف صهيوني وبحسب مراكز أبحاث صهيونية، فإن العقيد في جيش الاحتلال ونائب رئيس "مركز القدس للدراسات الاستراتيجية والأمنية"، "عيران ليرمان"، كتب مقالا قال فيه، إن "مساعدة تركيا لحكومة الوفاق الشرعية في ليبيا غيّرت موازين القوى على الأرض هناك"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن اندحار حفتر ليس في مصلحة إسرائيل وحلفائها بخاصة الدول المعنية في غاز شرق المتوسط "إسرائيل-جنوبقبرص- اليونان". وأضاف أن الأمر يتطلب "استمرار دعم مليشيات خليفة حفتر ورفع درجة التنسيق بين مصر واليونان وإسرائيل؛ لما في ذلك من مصالح "أمنية واستراتيجية وسياسية". وعن خطوات تحقيق ذلك أشار "ليرمان" إلى أن تل أبيب بدأت العملية سياسيا بالدرجة الأولى بالتنسيق مع حلفائها بالشرق الأوسط اليونان وإدارة جنوبقبرص اليونانية، من أجل دعم المصالح المصرية في شرق ليبيا، والتأكد من استمرار سيطرة "الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده خليفة حفتر على تلك المنطقة، والسعي ل"وقف تأثير جماعة الإخوان المسلمين على الساحة الليبية، وقطع أرجل تركيا". إسقاط الشرعية.. مصلحة إسرائيلية وفي دراسة نشرها "مركز دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي، تشير الباحثة سارة بويلر إلى أن ليبيا تعتبر ذات أهمية كبيرة لإسرائيل على صعد مختلفة، لافتة إلى أن تل أبيب تخشى من تحوُّل طرابلس إلى عاصمة لجذب بعض القيادات المناوئة لها، وكذلك تحوّل ليبيا إلى دولة لا تخدم في سياستها المصالح الإسرائيلية المتعلقة بمياه شرق البحر المتوسط، وكذلك تأثير الأوضاع على الأرض على استقرار جمهورية مصر وهو ما من شأنه أن يسبب قلقاً لإسرائيل. من جانبه، قال الكاتب في صحيفة "يسرائيل هيوم" عوديد جرانوت: إن "إسرائيل بشكل رسمي لا تظهر أي علاقة بالحرب الدائرة في ليبيا، لكنها لن تأسف أبدا في حال وقعت العاصمة طرابلس بيد مليشيات خليفة حفتر، لأن انتصار حفتر يعني أن يجري إبطال مفعول التفاهمات التركية-الليبية". الرقص مع الشياطين وقالت الناشطة صبا مدور: إن "العرب كان يرقصوا مع الشيطان صاروا الآن يعبدوه". أما يوسف الشروف فأشار إلى أن "هزيمة حفتر بمثابة هزيمة تركية لإسرائيل لأنها تقبر مؤامرتها لعزل تركيا في طرف المتوسط والسطو على الغاز الذي فيه ونقله عبر انبوب بحري لأوروبا!". وأضاف أنه "بهزيمة حفتر نجح أردوغان في نصب جدار يمتد من تركيا شمالا حتى ليبيا جنوبا قاطعا الطريق امام هذه المؤامرة التي تشارك فيها مصر واليونان وقبرص". واستعاد الصحفي السعودي تركي الشلهوب فيديوهات لوزير الدفاع الأمريكي وهو يكشف عن وجود علاقة وثيقة بين المجرم حفتر وبين إسرائيل. وأوضح أن العملاء العرب أدوات رخيصة في يد نتنياهو، بما فيهم "شيطان أبوظبي" الذي يموّل هؤلاء المجرمين. وزير الدفاع الأمريكي يكشف عن وجود علاقة وثيقة بين المجرم #حفتر وبين #إسرائيل !! كل هؤلاء المجرمين أدوات رخيصة في يد نتنياهو، بما فيهم "شيطان أبوظبي" الذي يموّل هؤلاء المجرمين !!pic.twitter.com/vYqlqdOZm7 — تركي الشلهوب (@TurkiShalhoub) November 15, 2019 ويأتي الرفض العام مقابل احتفاء صهيوني بالعملاء بنشر تعليقاتهم على صفحتها ومنهم "يوسف علاونة"، المحلل السياسي للقناة السعودية 24، والذي دعا إلى تطبيع مباشر مدعيا أن ذلك سمت "كل عربي شريف". يوسف علاونة، المحلل السياسي للقناة السعودية 24: "كل عربي شريف يؤمن الآن بالسلام مع إسرائيل. الإسرائيليين أقرب لنا من إيران التي تناهض العالم العربي بسياستها المعلنة وتريد له الخراب والدمار. يجب أن نقيم علاقات مع إسرائيل لكي نخلص من هذا الشر". pic.twitter.com/rIsJxvnxKX — إسرائيل بالعربية (@IsraelArabic) June 9, 2020 وفي الفترة الأخيرة، كبد الجيش الليبي مليشيا حفتر خسائر فادحة وطردها من كل مدن الساحل الغربي وصولاً إلى الحدود مع تونس، إضافة إلى قاعدة "الوطية" الاستراتيجية (غرب) وبلدتَي بدر وتيجي ومدينة الأصابعة بالجبل الغربي (جنوب غرب طرابلس) ثم ترهونة وبني وليد ووصولا إلى سرت والجفرة ومدن شرق ليبيا. وبدعم من دول عربية وأوروبية، تشن مليشيات حفتر منذ 4 أبريل 2019، هجوما متعثرا للسيطرة على طرابلس، مقر الحكومة المعترف بها دوليا، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين بجانب أضرار مادية واسعة.