حذَّر كِتاب "سد النهضة.. لعبة بنوك المياه في حوض النيل"، للكاتب الصحفي مصطفى خلاف، من أن ما يجرى بشأن سد النهضة يكشف حقيقة ما كان يتم الترويج له في السابق من أعراف حول المياه أصبحت الآن واقعا ملموسا، وتفتح الباب لتهديد مصالح مصر المائية، مشيرا إلى أن هذه المفاهيم الجديدة من بينها تسعير المياه وإنشاء بنك وبورصة للمياه. وشدد الكتاب، الذي استعرض موقع "البورصة" ملخصا له، على أن مشروع سد النهضة لا يزال يمثل خطرا على مصر في ظل التعنت والمراوغة من الجانب الإثيوبي، بما فيها الانسحاب من المفاوضات التي كانت تجرى برعاية الوسيط الأمريكي والبنك الدولي، مع وجود خلافات معلنة حول فترة الملء والتخزين وطريقة إدارة السد. أول بنك مياه وأوضح الكاتب الصحفي مصطفي خلاف، في أحد فصول الكتاب، أن إثيوبيا وقوى إقليمية أخرى تسعى لتحويل سد النهضة ليكون أول بنك للمياه في العالم، ويتم من خلاله التعامل مع المياه كسلعة تُباع وتُشترى شأنها شأن البترول، وهو ما جرى طرحه على استحياء في أوقات سابقة، ضمن أوراق ودراسات خاصة بالبنك الدولي . قوى خارجية وحذر الكتاب الذي صدر في مصر، من أن الدور الذى تقوم به قوى خارجية تعمل على إقناع دول أعالي النيل ومنها إثيوبيا بإقامة مشروعات كهرومائية أو تخزينية قد تضر بمصالح مصر، وأن إسرائيل تحاول ممارسة ضغط غير مباشر على مصر من خلال الاشتراك في الخطط الإثيوبية لبناء سدود على النيل الأزرق بخلاف الدعم والمساندة الذى تقدمه في بناء وتأمين سد النهضة. وأضاف أن تل أبيب حريصة على تنسيق الاستراتيجيات الثنائية مع إثيوبيا لتسهيل التعامل مع أي صراع قد يحدث بين دول المنبع والمصب حول مياه النيل، وما ساعد إسرائيل في ذلك قلة الخبرة الفنية لدى إثيوبيا وضعف إمكاناتها الاقتصادية وحاجتها للمساعدات الاقتصادية التي تمنحها لها إسرائيل منذ التسعينات في نواح عدة، زراعية وصحية وتنموية وفنية وعسكرية. مشيرا إلى أنه مع الزيادة في عدد سكان مصر بالتزامن مع مشروعات التوسع الأفقي الجديدة فإن الطلب على المياه سوف يزداد بوتيرة عالية خلال الفترة المقبلة نتيجة لزيادة الطلب على الغذاء ولتلبية متطلبات الحياة المختلفة، غير أن مكمن الخطورة في أن الغالبية العظمى من موارد مصر المائية المتمثلة في نهر النيل تأتى من خارج حدود القطر المصري، وهي مياه مشتركة تأتى من منابع حوض النيل ونحو 85% منها يأتي تحديدا من المرتفعات الإثيوبية. تسعير وخصخصة وكشف كتاب "سد النهضة.. لعبة بنوك المياه في حوض النيل" للكاتب الصحفي مصطفى خلاف، عن أن البنك الدولى قد تبنى المفاهيم الخاصة بتسعير وخصخصة المياه في تقريره المنشور عام 1997 تحت عنوان " من الندرة للأمان"، حيث يرسم هذا التقرير إطارا عاما لسياسة طويلة المدى لإدارة عرض المياه، والطلب عليها في الشرق الأوسط، ويرى أن الأسلوب الأمثل هو إقامة سوق عالمية وإقليمية للمياه، وأن جامعة هارفارد الأمريكية تبنت في دراستها لمشكلة المياه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي الأخرى نموذج تسعير المياه بالتزامن مع تقرير البنك الدولي. وحذر من أنه حال نجاح المخطط الإثيوبي في ملء وتشغيل السد، فإنها ستحجز لنفسها 6.5 مليار متر مكعب في السنة، وتطلق الباقي بمعدل 3.6 مليار متر مكعب في الشهر، "بعد حجز 3% من الماء سيضيع في البخر في هذا الخزان"، لاستخدامات مصر والسودان وإطلاق الماء بانتظام من إثيوبيا، وفي المقابل إلغاء دور السد العالي . دور السد العالي وتضمن الكتاب التأكيد على أن تشغيل سد النهضة يعنى أن مصر ستخسر أحد أهم رموز إرادتها الوطنية وهو السد العالي، بعد أن دخلت الحرب ووقفت شامخة أمام عتاة المستعمرين من أجل بنائه، ويعد واحدا من أهم أدواتها لتثبيت أمنها القومي.. مشيرا إلى أن بناء السد الإثيوبي سينقل عملية التخزين القرني للمياه إليها، وسيجعل مصر رهينة لهذه الدولة، وهو المصير الذى كانت مصر وعلى طول تاريخها الحديث تسعى جاهدة لكى تتفاداه بالحفاظ على الوضع القائم، ومنع تدخل أي طرف ثالث في أمور النهر، إن أمكنها ذلك، أو احتواء آثار هذا التدخل إن لم تستطع منعه. ونبه الكتاب إلى أن إنشاء مثل هذا السد عند منابع النيل سوف يكون له آثار جانبية ضارة، فمنع وصول الطمي إلى مصر والسودان سيتسبب في تعرضهما لأخطار كبرى، فحجز الطمي سيغير من نظام النهر وسيطلق جزءا من طاقته التي كان يصرفها في حملة، فتزيد قدرته على النحر سواء على جانبيه أو لتعميق مجراه، مما سيجعله نهرا صعب المراس ستحتاج حماية جسوره والأراضي التي تحفه والمنشآت المقامة عليه إلى أكبر الجهد وأعظم التكلفة.