وصلت حكومة الوفاق الوطني الليبية إلى أطراف مدينة ترهونة، في إطار عملية عسكرية أطلقتها للسيطرة على المدينة، التي تعد المعقل الرئيس للواء المتقاعد خليفة حفتر في الغرب الليبي. وتتزامن العملية التي تستهدف ترهونة من محاور عدة، مع تشديد الخناق على قاعدة الوطية الجوية غرب ليبيا. ما هي الاستراتيجية التي تحرز قوات حكومة الوفاق في إطارها التقدم السريع لاستعادة الغرب الليبي؟ وما هي التأثيرات التي يمكن أن يحدثها هذا التقهقر المضطرب لقوات حفتر على مسار الأزمة الليبية في المرحلة المقبلة؟ إلى أطراف مدينة ترهونة وصلت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبي، ضمن عملية عسكرية أطلقتها من أجل السيطرة على المدينة، التي تمثل المعقل الرئيس لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر فى غرب ليبيا. ففي إطار زحفها باتجاه ترهونة نجحت قوات الوفاق للمرة الأولى فى الاقتراب من المدينة والتمركز حولها؛ تمهيدا للانقضاض عليها بشكل نهائي، فقد وصلت قوات الوفاق إلى منطقة الشريدات في محيط ترهونة وسيطرت على مناطق أخرى بمشارفها، هذا إضافة إلى فتحها محورًا جديدًا من مدينة غريان جنوب غرب طرابلس باتجاه ترهونة، وبالإضافة إلى اقتحامها مواقع جديدة في الطريق إليها. وفى هذا الإطار، أكد المتحدث باسم عملية بركان الغضب التابع لحكومة الوفاق، تقدم الوفاق إلى بوابة “الويف” الواقعة بين منطقة العربان ومدينة ترهونة، هذا إلى جانب ما أكده الناطق باسم قوات حكومة الوفاق الوطني من أن سلاح الجو الليبي قصف خمسة أهداف لقوات حفتر، من بينها مواقع خلفية داعمة له قرب ترهونة. الناطق باسم قوات الوفاق كشف أيضا عن اقتحام معسكر الحواتم وعن أسر عدد من قوات حفتر إلى جانب تدمير آليات واغتنام كميات من الأسلحة والذخائر وقصف مدرعة إماراتية فى مدينة ترهونة. بدورها أكدت عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق أنها استولت على أربع دبابات وعلى قذائف هاون. مباغتة حفتر وقال الأكاديمي الليبي علي أبو زيد: إن الخطة العسكرية الاستراتيجية التي اعتمدتها قوات الوفاق بمواجهة حفتر وداعميه في الإمارات ومصر، هي السر في التقدم الذي أحرزته قوات الشرعية بليبيا في مواجهة قوات حفتر، وساعدها في بسط سيطرتها على ثماني مدن ليبية في أيام معدودة. وأضاف أبو زيد، في مداخلة هاتفية لبرنامج “ما وراء الخبر” على قناة الجزيرة، أن قوات الوفاق اتخذت موقفا دفاعيا لخداع قوات حفتر، بينما كانت ترتب لهجوم على عدة محاور لمباغته قوات حفتر المدعومة إماراتيا ومصريا، بالإضافة إلى قوات فاغنر الروسية. وأوضح أبو زيد أن ترهونة هي المعقل الرئيس الذي استخدمته مليشيات حفتر للهجوم على العاصمة طرابلس، مؤكدا أن سقوط ترهونة يعني نهاية وجود حفتر وقواته في الغرب الليبي بشكل كامل. الطائرات التركية سر الحسم بدوره أكد صلاح القادري، الباحث والمحلل السياسي، أن التفوق الجوي لحكومة الوفاق هو السر وراء تقدمها الميداني الكبير على الأرض ووصولها إلى مشارف مدينة ترهونة، مضيفا أن تركيا زودت حكومة الوفاق بطائرات “بيرقدار” التركية المسيرة، إضافة إلى منظومة دفاع جوي تركية متطورة، تمكنت من خلالها حكومة الوفاق من هزيمة الطائرات الإماراتية “الصينية الصنع”، وكذلك من مواجهة مضادات الصواريخ الروسية. وأضاف القادري، في مداخلة هاتفية لقناة “الجزيرة”، أن انشغال داعمي حفتر- ولا سيما فرنسا- بأزمة جائحة كورونا، كان أيضا عاملا مهما في النجاح العسكري الذي حققته حكومة الوفاق، مضيفا أن سيطرة قوات حكومة الوفاق على مدينة ترهونة سيقود لسيطرتها على قاعدة الوطية الجوية. وأوضح أن قاعدة الوطية الجوية يختبئ فيها الكثير من الضباط والجنود المصريين والإماراتيين والروسيين، مضيفا أن الحكومة التونسية رفضت الاستجابة لمطالب داعمي حفتر بفتح ممر آمن يمكّن هؤلاء الضباط من الهرب إلى الحدود التونسية.