نقضت روسيا، منذ بدأ تدخلها في الصراع السوري عام 2015، عدة اتفاقيات موقّعة مع تركيا حول مناطق في سوريا، وساعدت النظام على اقتحامها وقتل سكانها وأمدّته بالعتاد، ونفذت المقاتلات الروسية مجازر عدة بحق المدنيين العزّل. وقال الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”: إنّ استهداف الجنود الأتراك من قبل نظام الأسد قبل أيام، هو بداية لمرحلة جديدة في المنطقة، موضحا أنّ تركيا تعي جيدا محاولة البعض عن سبق إصرار عرقلة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. وأضاف أردوغان، خلال كلمة ألقاها أمس الخميس أمام الكتلة البرلمانية لحزبه، أنّه لا يحق لأحد أن يحمّل عبء مليون نازح سوري يتوافدون باتجاه حدود بلاده. قائلا: “سنبقى عازمين إلى حين تأمين عيش سكان إدلب في منازلهم بأمن واستقرار”. انسحاب المليشيات وكشف الرئيس التركي عن تفاصيل الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مشيرا إلى أنّه شدد خلال الاتصال على ضرورة انسحاب النظام إلى خلف نقاط المراقبة التركية، معربا عن أمله في انسحاب المليشيات إلى خلف كافة نقاط المراقبة حتى نهاية شهر شباط الحالي. وأضاف، في السياق نفسه، أنّه في حال عدم الانسحاب حتى نهاية التاريخ المذكور، فإنّ تركيا ستتولى بنفسها أمر انسحاب النظام إلى خلف نقاط المراقبة. وحول التطورات المتلاحقة في سوريا، حذر الرئيس التركي السابق، “عبد الله غل”، من الدخول بحرب مع النظام السوري رغم الاستفزازات المتواصلة ضد القوات التركية. وأضاف قائلا: “ليس لدي ما أقوله حول إدلب لأني لست على دراية كاملة حول ما يحصل بالميدان، والمسئولون العسكريون والاستخبارات يقيّمون الأحوال هناك ليتخذوا قرارهم”. واستدرك قائلا: “على الرغم من الاستفزازات.. أنصح بعدم الدخول بحرب شاملة مع سوريا”، مضيفا أن نهج العالم تجاه سوريا كان خطأ منذ البداية. تجدد القصف الجوي المكثف على مناطق بمحافظة حلب، الثلاثاء، وطالت غارات روسية محيط مدينة الأتارب وأطراف بلدة دار عزة بريف حلب الغربي، وذلك بعد ساعات من سيطرة النظام السوري على عشرات القرى. وقصفت الطائرات الروسية منطقة نحليا شمال أريحا بريف إدلب الجنوبي، تزامنا مع قصف صاروخي مكثف من قبل قوات النظام على مناطق “قميناس” وسرمين كفريا ومعرة مصرين شمال شرقي إدلب. خسائر المعارضة وفي غضون ذلك، قتل 4 مدنيين في هجمات جوية وبرية لنظام الأسد وروسيا، على منطقة خفض التصعيد بالشمال السوري، وتكبدت المعارضة السورية المسلحة شمال غرب سوريا في الآونة الأخيرة أكبر خسائرها خلال الشهرين الفائتين بسقوط عشرات المدن والبلدات بيد قوات النظام السوري المدعومة بقوات روسية خاصة ومليشيات إيرانية وبتغطية جوية من الطيران الروسي. وشكل سقوط مدن عندان وحريتان وحيان وعنجارة وبلدات الشيخ عقيل وكفر ناها وأورم الكبرى والصغرى وعشرات القرى بريفي حلب الغربي والشمالي، الصدمة الكبرى للمعارضة التي انسحبت منها خلال يومين ثم سيطرت عليها قوات النظام السوري. وأثار سقوط تلك المدن والبلدات تساؤلات كثيرة حول جدية دفاع قوات المعارضة وصمودها وأسباب انسحابها المفاجئ من مدن تعتبر مهد الثورة في الشمال السوري، وحول مصير ما تبقى من مناطق شمال حلب وغربها. ومع السيطرة الكاملة لقوات النظام على طريق الترانزيت الرئيسي في سوريا وتمددها في غرب سراقب وصولا إلى النيرب ومعسكر الشبيبة على طريق سراقب – اريحا "إم 4"، وتوسيع مساحة سيطرتها إلى سان وشرق سرمين وآفس والطلحية ومعارة عليا وأفس واقترابها من بلدة الأتارب في ريف حلب الغربي تصبح العمليات العسكرية المراقبة أمام ثلاثة سيناريوهات. أكبر تدفق بشري السيناريو الأول هو حل قضية إدلب على الطريقة العسكرية الروسية، ويطبق على الأرض من خلال استمرار العملية من ريف حلب الغربي عبر السيطرة على الأتارب وسرمدا وصولا إلى باب الهوى، وهو ما يعني محاصرة كامل محافظة إدلب والأجزاء المتبقية من محافظتي اللاذقية وحماة. وفي حال اتخذ الروس هذا القرار فذلك يعني أننا سنشهد واحدة من أكبر عمليات التدفق البشري في التاريخ الحديث، حيث سيسعى أكثر من مليوني مواطن متواجدين قرب الحدود التركية السورية وفي المناطق البعيدة عن خطوط القتال إلى الهروب باتجاه منطقة عفرين وريف حلب الشمالي. السيناريو الثاني هو بدء عملية عسكرية للسيطرة على ما تبقى من طريق حلب – اللاذقية "إم 4"، وهي المسافة بين بلدة النيرب وجسر الشغور مرورا بمدينة أريحا وبلدات أورم الجوز ومحمبل وفريكة وتقدر بنحو 60 كم على الطريق الجديد أو طريق الخرافي، كما يعرف محليًّا، نسبة إلى شركة الخرافي الكويتية التي كانت تقوم بشقه قبل اندلاع الانتفاضة السورية بسنوات. وفي حال حصول هذا السيناريو، فإن كامل المناطق جنوب الطريق ستسقط تلقائيا، ولن يفضِّل المدنيون المتبقون في قرى جبل الزاوية وسهل الغاب وجبل شحشبو الحصار، وسيتوجهون شمالا، وسيفضي هذا إلى خسارة نصف مساحة سيطرة المعارضة حاليًا. وتهدد هذه العملية بفقدان المدن الكبرى المتبقية في المحافظة، وهما أريحا وجسر الشغور، ومع تلك العملية لن تكتفي روسيا والنظام بهذا، بل سيندفعان من أجل البحث عن نصر سياسي كبير يتوج في السيطرة على مدينة إدلب باعتبارها مركز المحافظة. السيناريو الثالث هو فتح طريق "إم 5"، وتنظيف الجيوب القريبة منه بهدف تشغيله، والجيوب المتوقعة هي: المنطقة الممتدة بين عندان في ريف حلب الشمالي وصولاً إلى الأتارب في ريف حلب الغربي بهدف تأمين مدينة حلب وإبعاد القذائف الصاروخية التي تطلقها فصائل المعارضة عن مدينة حلب، وفتح الطريق بين حلب ونبل والزهراء والمقطوع في حيان وحريتان وعندان. وبالطبع فإن الفوعة وكفريا يعتبران هدفا إيرانيا ملحًا، إذ تأتي السيطرة عليهما في سياق الرغبة الروسية بإعادة السيطرة على مطار الحوامات بالقرب من تفتناز. ويدلل حجم المشاركة الإيرانية وأعداد قتلى الميليشيات على أن هدف إيران من تلك المعركة يلخص بهدفين، فتح طريق نبل والزهراء واستعادة السيطرة على الفوعة وكفريا ومنع تكرار ما حصل في عام 2015 عندما قطع جيش الفتح اتصالهما بمدينة إدلب، ما يعني أن العمليات العسكرية ستتوسع في جوارهما بهدف تأمين البلدتين.