في طرق ريفية لا تكاد تُرى على الخريطة السورية، تتجسد تعقيدات الأزمة السورية هناك على تخوم الحدود التركية شمالي غرب البلاد، حيث تقبع آخر تكتلات الثورة السورية، أمست هذه الخطوط نقاط تماس بين القوى الداعمة للنظام الدموي وبين مقاتلي بالمعارضة ومن ورائهم الأتراك. هذه المواجهة التي ظلت مؤجلة لسنوات، تبدو الآن مرشحة للانفجار بين نظام يتشبث بمعادلة الأرض المحروقة، وداعمين يحاولون إعادة رسم خارطة النفوذ لصالحهم في مواجهة آخر معاقل الثورة وجيش تركي مصمم على تأمين جواره. البداية كانت من النظام، وكما اعتاد دائما بقصف جوي استهدف هذه المرة قوات تركية قرب إحدى نقاط المراقبة في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل 5 جنود أتراك وموظف مدني، فيما قيل إن العدد مرشح للزيادة . في بداية الأمر حاولت موسكو تبرئة الجانب السوري، فزعمت تحرك القوات التركية من مواقعها دون إخطار، لكن الرد التركي جاء سريعًا وناجزا بضربات مباشرة استهدفت نحو 40 نقطة للنظام، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من جنوده. رد كان أسبق حتى من كتابة بيان وزارة الدفاع التركية التي علقت على حديث نظيرتها الروسية بالقول: إن القصف تعمد استهداف الجنود الأتراك رغم الإخطار المسبق بمواقعهم لتتحول المنطقة المعروفة بمنطقة خفض التصعيد إلى ساحة صدام تهدد خارطة التحالفات الهشة بين القوى الفاعلة في الأزمة السورية. وأعلنت وزارة الدفاع التركية عن ارتفاع عدد قتلى الجيش التركي جراء قصف قوات النظام السوري على ريف إدلب إلى 5 جنود أتراك، إضافة إلى موظف مدني، فيما أشارت إلى أن قواتها ردت على الهجوم ودمرت أهدافا لقوات النظام السوري في المنطقة. من جهته قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن الجيش التركي استهدف نحو 40 موقعا للنظام السوري، وإن المعلومات الأولية تشير إلى مقتل نحو 35 من منفذي الهجوم على القوات التركية، مؤكدا أن بلاده مصممة على الاستمرار في عملياتها العسكرية لحماية أمن المنطقة المشمولة بتفاهمات خفض التصعيد، فيما صرح مسئول عسكري بأن الجانب التركي ألغى تسيير دورية مشتركة مع الجانب الروسي. من جانبه قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا: إن محادثات ستجرى مع المسئولين الروس الذين يساندون النظام بشأن الوضع في إدلب، معتبرًا أن قوات النظام السوري ستمثل أهدافًا حول مواقع القوات التركية في إدلب. قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، دلالات التصعيد بين تركيا ونظام الأسد، وتداعياته على مسار الأزمة السورية . العميد أحمد رحال، الخبير العسكري السوري، يرى أن المقدمات الخاطئة تؤدي إلى نتائج خاطئة، مضيفا أنه منذ البداية حذرنا بأن الروس لم يلتزموا يوما بأي اتفاق لوقف إطلاق النار، وأن وجود الضامن الإيراني غير ذي فائدة؛ لأنه مخرب إيراني وليس ضامنا. وأضاف “رحال” أنه عندما خرج القرار 2254 كانت هناك قراءة أمريكية تختلف عن القيادة الروسية، وعندما وثقت القيادة التركية في الضامن الروسي ووقعت معه اتفاق الأستانة عبر 14 جولة، واتفاق سوتشسي في شهر سبتمبر عام 2019، وجدنا أن هناك اختلافًا عند التطبيق بين البنود المتوافق عليها وما يتم على أرض الواقع. وأوضح “رحال” أن النظام السوري وروسيا استقدموا جبهة النصرة من القلمون ومن الغوطة الشرقية ومن حوران ومن الجولان، واليوم يحاسبنا الروس على وجودهم في إدلب حتى خطوط وقف إطلاق النار لم يلتزم بها الروس حتى اتفاق سوتشي بين بوتين وأردوغان على إثره تم نشر 12 نقطة تركية وجدنا أن النقاط التركية يتم استهدافها. وأشار “رحال” إلى أن ردة الفعل التركية الغاضبة جاءت بعد اهتزت ثقتها في روسيا، ولأن روسيا تماهت مع نظام الأسد، مضيفا أن تركيا التزمت بضبط الجبهات من جنوب منبج إلى أرياف حلب الشمالية حتى حلب الغربية، ولم تطلق منها طلقة واحدة طوال عامين، وسحبت السلاح الثقيل والتزمت بوقف إطلاق النار في المقابل الجانب الروسي هو من يقود الأعمال القتالية في الجو وعلى الأرض. استهداف #الجنود_الأتراك ومقتل 6 منهم ماذا يحدث في شمال #إدلب؟!.. الخبير العسكري السوري العميد أحمد الرحالُ يُجيب #قصة_اليوم استهداف #الجنود_الأتراك ومقتل 6 منهم ماذا يحدث في شمال #إدلب؟!.. الخبير العسكري السوري العميد أحمد الرحالُ يُجيب#قصة_اليوم Posted by قناة مكملين – الصفحة الرسمية on Monday, February 3, 2020 بدوره قال عبد المطلب أربا، الأكاديمي والمحلل السياسي، إن القوات التركية في مهمة إنسانية وليست موجودة بهدف الاحتلال أو الاستعمار كغيرها من قوات الدول الغربية . وأضاف أربا أن تركيا تدافع عن عزة الإنسان وشرفه وكرامته، بالإضافة إلى حماية الأمن القومي التركي، مضيفا أن تركيا تستقبل أكثر من 4 ملايين لاجئ في سوريا على أرضها وجاهزة لاستقبال الموجودين في إدلب . وأوضح أربا أن هناك تغيرا واضحا في موقف روسيا تجاه الملف السوري بهدف إشغال تركيا في هذا الملف، وإبعادها عن كل الملفات الدولية والإقليمية عقب اهتمام أنقرة بالملف الليبي.