وبَّخ شيخ الأزهر أحمد الطيب، رئيس جامعة القاهرة بسبب حديثه عن تجديد الخطاب الديني والتخلي عن التراث الإسلامي، ضمن مؤتمر لجامعة الأزهر عن نفس الموضوع، بعنوان "مؤتمر الأزهر العالمي لتجديد الفكر والعلوم الإسلامية"، فانبرت أذرع السيسي للدفاع عن الخشت الذي نال قسطًا وافرًا من صرامة الطيب. حيث قال صحفي الانقلاب محمد الباز، رئيس تحرير صحيفة "الدستور" الانقلابية: إن "البعض يستنكر أي محاولات لإجراء حوار مع شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، حول تجديد الخطاب الديني، وعلتهم في ذلك: "من أنتم وماذا تعرفون لتحاوروا شيخ الأزهر؟". وأضاف الباز، في برنامج "90 دقيقة"، أن هذا هو أول الطريق لفشل أي حوار أو أي محاولات لتجديد الخطاب الديني، مشيرا إلى أن محاولات تجديد الخطاب الديني هدفها نزع أي قداسة عن أي مجهود بشري سابق. وتبنى الباز وجهة نظر الخشت وقال: "كل التفاسير القرآنية ليست مقدسة، لأنها مجرد فهم بشري لكلام الله، ويمكن نقاشها، مضيفا: "اليوم بدى لي أن شيخ الأزهر يحيط نفسه بقداسة، ويحيط فهمه بقداسة، ولا يقبل أن يكون هناك أي رأي آخر أمامه". وهاجم الباز الطيب قائلا: "للأسف الشديد يا مولانا شيخ الأزهر أنت لم تكرم ضيفك الدكتور عثمان الخشت في دارك". كلام الخشت في البداية، قال الخشت في كلمته إنه «من الضروري تجديد علم أصول الدين بالعودة إلى المنابع الصافية من القرآن وما صح من السنة النبوية، التجديد يقتضي طرق التفكير وتغيير رؤية العالم، ويجب أن تقوم على رؤية عصرية للقرآن بوصفه كتابًا إلهيًا يصلح لكل العصور والأزمنة». وتابع الخشت: «في القرآن الكريم هناك تعددية الصواب، فالقرآن به ما هو قطعي الدلالة وما هو ظني الدلالة، وظني الدلالة أكثر حتى تتعدد المعاني، لذا فالصواب ليس واحدًا، وهو ما أكده الرسول صلى الله عليه وسلم في قضية صلاة العصر في بني قريظة». وادعى أن «الواقع الحالي للعلوم الدينية ثابت ومقام على النقل والاستنساخ، مفيش تحليل نقدي أو علمي ولا أي استفادة من العلوم الإنسانية، بل استعادة للفنون القديمة، لأننا لم نستطع الدخول لعصر جديد، وهنا من الضروري تطوير علوم الدين وليس إحياء علوم الدين، لو عاد الشافعي لجاء بفقه جديد، وكذلك ابن حنبل لو عاد لجاء بفقه جديد». وتابع: «هناك اتهام بالتشدد لابن حنبل، وأنا هنا بتكلم قدام المشايخ، سنجد أن لابن حنبل ثلاثة آراء في المسألة الواحدة، من أين جاءنا بالرأي الواحد والصواب والحقيقة الواحدة ولو كنت بقول غلط يقولوا، أنا هنا راوي». رد مباشر من جانبه، رد أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قائلاً: «البعض لا يعلم العلاقة مع الخشت فهي قديمة، بجانب أن هناك مناوشات بيني وبينه، هو قال لو بقول غلط قولي، ولولا ذلك مكنتش أسهم بالتعليق، أو الملاحظة السريعة وأوعدك سأكون طيبًا». وتابع: «كنت أود أن كلمة ستلقى في مؤتمر عالمي دولي وفي موضوع دقيق عن التجديد، أن تكون هذه الكلمة معدة سابقًا ومدروسة، لا أن تأتي نتيجة تداعي الأفكار وتداعي الخواطر، حضرتك قلت كرئيس للجامعة إن التجديد هو مثل أن تُجدد منزل والدك تحبه دون أن تسكن فيه وتتركه لتسكن في بيت جديد». وأضاف: «هذا ليس تجديدًا هذا إهمال وترك وإعلان الفُرقة لبيت الوالد، التجديد في بيت الوالد يكون في بيته، ولكن أعيده مرة أخرى بما يناسب أنماط البناء المعاصرة». وأكمل: «رئيس الجامعة نادى بترك مذهب الأشاعرة، لأنهم بنوا، وتحدث عن أحاديث الأحاد، فأقول، الأشاعرة لا يقيمون عقيدتهم على أحاديث الأحاد، وأنا درست ذلك في المرحلة الثانوية في 60 و65 من القرن الماضي، وهم لا يمكن أن يقيموا مسألة واحدة في أصول العقائد إلا على الحديث المتواتر». وأشار إلى «الكلام عن التراث كلام عجيب، خسارة ما يقال عن التراث هذا مزايدة على التراث، هذا التراث الذي نهون من شأنه اليوم ونهول في تهوينه، التراث خلق أمة كاملة وتعايش مع التاريخ، قل حضرتك قبل أن نلتقي الحملة الفرنسية كيف كان يسير العالم الإسلامي؟ كان يسير على قوانين التراث». وتابع الطيب: «الدول الإسلامية والحضارة التي تغيرت، وجاءت قوة فوق قوة كان التراث هو من يحمله، تصوير التراث بأنه يورث الضعف ويورث التراجع هذا مزايدة عليه». وأكمل «ونحن نحفظ من الإمام أحمد بن حنبل ما يؤكد أن التجديد مقولة تراثية وليست مقولة حداثية، والحداثيون حين يصدعوننا بهذا الكلام هم يزايدون على التراث ويزايدون على قضية الأمة المعاصرة الآن، والتراث ليس فيه تقديس، وهذا ما تعلمناه من التراث لم نتعلمه من الحداثة». وأكد «أما قصة أن القرآن قطعي الدلالة وظني الدلالة ليست مقولتي ولا مقولتك، تلك مقولة التراثيين، وتعلمناها من التراث»، موضحًا «درست العلوم الحديثة في المرحلة الثانوية، ودرسنا في أصول الدين البحث العلمي وعلم الاجتماع، أما تصويرنا أننا لسنا معنا سوى المصحف والتفسير هذا الأمر يحتاج إلى مراجعة». واستطرد «الفتنة الكبرى من عهد عثمان هي فتنة سياسية وليست تراثية، وأنت كرئيس للجامعة يقتدي بك ويستمع لك طلاب، والسياسة تختطف الدين اختطافًا في الشرق والغرب، حين يريدون تحقيق غرض لا يرضاه الدين». لفتنة الحالية سياسية وليست تراثية.. والسياسة تختطف الدين عندما يريدون غرضا لا يرضاه الدين.. كنت في منتهى الخزي وأنا أشاهد ترامب والاسرائيليين يخطّطون لنا.. شخصيّتنا انتهت" شاهد: شيخ الأزهر يردّ على منتقدي التراث في مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد الديني pic.twitter.com/BrTWsbKqlv — مجلة ميم (@MeemMagazine) January 28, 2020 تعليقات أكاديميون وإعجابا بموقف شيخ الأزهر قال الأستاذ بكلية الآداب خالد فهمي: "بوسع الناس أن يختلفوا ما شاء الله لهم أن يختلفوا، بل ربما زدت فقلت إن اختلافهم ساعة يكون هو علامة صحية منبئة عن نوع جد معرفي". وأضاف "ولكن الذي لا محل للخلاف عليه أو الاختلاف فيه هو أن مؤسساتنا الوطنية العريقة عندما يترأسها عالم مشتغل بالعلم وله أسهم مذكورة فيه يكون الأمر ممتازا وعلامة صحية". ودعا فهمي في هذا الإطار إلى "الالتفاف حول الأزهر الشريف بوصفه منارة حقيقية". وتحت عنوان "التراث ذلك النبيل المستباح" أوضح أستاذ الآداب "كان التراث مصطلحا له سحره بكل ما تعنيه هذه العبارة.. وقد كان التراث في كثير من الحقب مادة بناء لعدد من الدورات الحضارية.. لقد اتكأت أوروبا في تأسيس نهضتها المستمرة الآن على التراث الذي أنجزه عقل الجد الأوروبي اليوناني والروماني واللاتيني وأسس علوما ونهض بالفيلولوجيا لأجل ذاك الإحياء.. وقد اعتمدت قطاعات أدبية وعلمية في بلدان الوطن العربي في حقبة مبكرة من العصر الحديث على التراث العربي الذي أنجزه عقل الجد العربي المسلم في ظل هيمنة الوحي ومركزيته. برنامج إلهاء د.رضوان المنيسي قال: إن "السيسي لم يحضر وكلف بعض أعوانه بالهجوم المعتاد على العرب والمسلمين وتراثهم وهويتهم الحضارية"، ولكن "شيخ الأزهر وبّخ رئيس جامعة القاهرة الدكتور الخشت وأفحمه، ووصف هجومه على التراث العربي والإسلامي بغير المدروس، والذي لا يليق أن يقدمه عالم في محفل دولي، كما وصف الاستمرار في نقض التراث والتهوين منه هي عملية مزايدة سياسية رخيصة تخطف فيها السياسة الدين وليست مسألة علمية، كما بين بعض الوقائع التي تؤكد أن المكلفين بالهجوم لا يدرون شيئا عن تاريخهم ولا دينهم. وعلَّق قائلا: "شيخ الأزهر بعد أن وقف في مشهد الانقلاب مؤيدا للسيسي الآن صار يقف وحيدا في مواجهة ألاديش الانقلاب والقنوات الصهيونية وشتائم اللجان الإلكترونية لشغل الناس والرأي العام بقضايا معروفة بعيدا عن قضية القرن، قضية فلسطين وصفعة ترامب لأتباعه من الحكام المستبدين". وبين الموقفين قال المحلل ياسر الزعاترة: "كلام مُقدّر لشيخ الأزهر.. هل تترجمه السياسة الرسمية أم لا؟.. الموقف المصري من "صفقة ترامب" هو عصب الموقف العربي، وإذا تسامح النظام معها، فسيُسهّل على الغزاة مهمتهم؛ أقله في تمرير ترتيبات تفضي إليها دون توقيع.. ستتبدى ملامح الموقف في لقاء السبت للجامعة العربية. شيخ الأزهر: شخصيتنا انتهت شيخ الأزهر يقول أنه يشعر بالخزي عندما يرى ترمب مع إسرائيل يخططون لنا ويتحكمون فينا Posted by الجزيرة – مصر on Tuesday, January 28, 2020