مع بداية عمل وزارة الإعلام بحكومة الانقلاب بدأت المشاكل تتفجر من كل جانب، ويبدو أن هناك رفضًا لعودة هذه الوزارة التي تولاها المدعو أسامة هيكل والذي ينظر إليه على أنه “صفوت شريف جديد” وزير المخلوع مبارك الذي أفسد الحياة الإعلامية والعاملين فيها من أجل التطبيل للمخلوع. وبالنسبة ل”هيكل” حتى المؤيدين للسيسي يرون أنه لن يستطيع تحقيق أي شيء؛ لأن التحديات أكبر بكثير من شخصه ومن إمكانياته، وهو بهذا مجرد “شرابة خرج”. كانت وزارة الإعلام قد ألغيت رسميًّا في 16 يونيو 2014، لتعود مرّة أخرى في نهاية عام 2019 أى بعد 5 سنوات من إلغائها. تضارب اختصاصات من جانبه أكد جمال عبد الرحيم وكيل أوّل نقابة الصحفيّين أنّ الوزارة من دون اختصاصات، وقال عبدالرحيم، في تدوينة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعيّ، أنّه طبقًا للنصوص الدستوريّة، أرقام 211، 212، و213، وكذلك القوانين 178، 179، و180 لسنة 2018، فإنّ الهيئات الإعلاميّة والصحفيّة هي المختصّة بكلّ أمور الصحافة والإعلام في مصر، فضلاً عن أنّها هيئات مستقلّة. وبالتّالي، ليس من حقّ الوزير التدخّل في عملها. وقال مكرم محمّد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أنّ الدستور الانقلابي والقوانين حدّدت اختصاصات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئات، وجعلتها مستقلّة غير خاضعة للسلطة التنفيذيّة. مشيرًا إلى أنّ وزير الإعلام هو جزء من السلطة التنفيذيّة، وهي من تحدّد اختصاصاته والهدف من وجوده. وعن تضارب الاختصاصات، أوضح إنّ قوّة المجلس الأعلى والهيئتين الوطنيّة للصحافة والإعلام مستمدّة من نصوص الدستور والقوانين المنظّمة لعملها. وأكد مكرم محمد أحمد، في تصريحات صحفية، أن تعيين أسامة هيكل وزير الدولة لشؤون الإعلام بحكومة الانقلاب يعنى أنه وزير بلا وزارة تتعلق بشؤون الإعلام. وأضاف: حتى الآن القانون لم يوضح اختصاصاته، ولا علاقته بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، لكن الدستور أكد وضع المجلس الأعلى والهيئتين، ونريد أن نفهم طبيعة العلاقات والاختصاصات والتشابكات بين هيكل والمجلس والهيئتين حتى تسير الأمور بسلاسة. مجرد واجهة ويرى محمّد سعد عبد الحفيظ عضو مجلس نقابة الصحفيّين أنّه وفق المتاح من معلومات حتّى الآن، فإنّ اختصاصات وزير الدولة لشؤون الإعلام لم تحدّد، وإن كان المتحدّث باسم برلمان العسكر صلاح حسب الله قد أشار في تصريحات صحفيّة إلى أنّ دور وزير الإعلام سيقتصر على التنسيق بين الهيئات الإعلاميّة الثلاث، إضافة إلى ضبط السياسة التحريريّة للمنصّات الصحفيّة القوميّة، وزعم أنّه سيلعب دور الواجهة الإعلاميّة لدولة العسكر، وبالتّالي، لا يوجد تضارب صلاحيّات لأنّه لا يملك صلاحيّات وفق موادّ الدستور، أو قوانين تنظيم الصحافة والإعلام التي حدّدت اختصاصات الهيئات الإعلاميّة والمجلس الأعلى للإعلام”. واوضح عبد الحفيظ في تصريحات صحفية أنّ استحداث ذلك المنصب، بعد ما حدث للإعلام خلال الفترة الأخيرة من فشل ظاهر للعامّة قبل متابعي المشهد الإعلاميّ، عقب هيمنة السلطة وأجهزتها التنفيذيّة، رغم ضخّ الملايين، هو ما استدعى إعادة التفكير في العمل على استحداث المنصب، وهو السؤال الذي يأتي بعد حالة الفشل. وما حدث أن من يديرون المشهد الإعلاميّ في السلطة، بدلاً من التفكير في تغيير السياسات الإعلاميّة من خلال عودة الإعلام إلى دوره في إخبار الرأي العام والتحليل، تمّ التفكير في إعادة إنتاج طريقة توجيه المشهد الإعلاميّ من خلال شخص له خبرة إعلاميّة، متخيّلين أنّ ذلك يمكن أن ينجح بمجرّد تغيير قناة الاتصال بين السلطة والإعلام. ومن الوارد أن يعود الإعلام إلى احتواء الرأي العام، لكن طريقة التفكير بهذا الشكل لن تنجح. بدون صلاحيات وقال الدكتور ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى: يسود اعتقاد خاطئ وبالغ الخطورة بين مسؤولين وبرلمانيين بمجلس نواب العسكر وبعض الخبراء والمهنيين، مفاده أنه يمكن حل مشكلة الإعلام في مصر عبر تعيين وزير إعلام، إذ يرى هؤلاء أن وجود هذا الوزير سيحل الإشكال ويضبط المشهد.. الذين يقولون بهذا الحل لم يقرأوا الدستور. وأضاف عبد العزيز في تصريحات صحفية: “دستور 2014 الانقلابي لا يمنع تعيين وزير إعلام، وهذه حقيقة، لكن في حال وجود مثل هذا الوزير، فإن الدستور لا يبقى له سوى صلاحيات محدودة جدًا مثل اقتراح سياسات الدولة الإعلامية، أو التحدث باسمها، أو تمثيلها في المؤتمرات والمحافل ذات الصلة، أو الإشراف على هيئة الاستعلامات، أو ترشيح أسماء للرئاسة والبرلمان للتعيين في الهيئات الإعلامية الدستورية الثلاث”. وقال الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بإعلام القاهرة: “نحن أمام حالتين حاليًا؛ أولاهما الوضع الراهن بشكله الحالي؛ حيث تتبع هيئة الاستعلامات رئاسة الجمهورية، والمجلس الأعلى للإعلام كيان مستقل ويتولى المتابعة والمحاسبة، والهيئة الوطنية للصحافة تشرف على المؤسسات الصحفية القومية، والوطنية للإعلام تشرف على ماسبيرو والإعلام الحكومي، وهذه الهيئات تمارس صلاحياتها ورؤساؤها يعملون بدرجة وزير”. وتساءل علم الدين في تصريحات صحفية: في هذا الوضع لن يمتلك وزير الإعلام صلاحيات، لكن دوره سيرتكز على التنسيق بين الهيئات الإعلامية، وأن يكون متحدثًا رسميًا، أما لو تم تعديل القانون- وهذا أمر مستبعد وقد يتطلب تعديلا دستوريا أيضًا- فسيتحول منصب الوزير لمنصب تنفيذى بصلاحيات أوسع. وتابع: من وجهة نظرى، أرى ضرورة أن يكون من ضمن صلاحيات وزير الإعلام التنسيق بين كل المؤسسات المسئولة عن صناعة الوعي في المجتمع، مثل الثقافة والإعلام والتعليم والشباب والأوقاف، بما يصب في صالح بناء وعي المواطن والتنشئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وفق تعبيره.