أكد مراقبون أن خطاب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” استبعد ضمنًا الرد العسكري على الضربة الإيرانية، وتحدث عن عقوبات والاتفاق النووي، حيث قال ترامب: إن “واشنطن سترد على الهجوم الإيراني على قاعدتين عسكريتين في العراق، بفرض عقوبات جديدة عليها، مؤكدا عدم وقوع إصابات بين القوات الأمريكية في تلك الهجمات”، وهو ما اعتبروه تراجعًا من ترامب. وتابع ترامب، في خطاب مساء الأربعاء، أنه “لم يصب أمريكيون في هجوم الليلة الماضية الذي شنه النظام الإيراني.. قواتنا الأمريكية العظيمة مستعدة لأي شيء.. إيران تراجعت فيما يبدو”. وأضاف أن أضرارًا طفيفة وقعت في القاعدتين المستهدفتين، لافتًا إلى أن الاتفاق النووي مع إيران سينتهي قريبًا، وأنه لن يسمح بحصول إيران على السلاح النووي طالما بقي. وفي تصريح اعتبروه شروعًا نحو تخفيض عدد القوات الأمريكية قال ترامب إن بلاده ستطلب من حلف شمال الأطلسي “الناتو”، أن يصبح “أكثر انخراطًا في الشرق الأوسط”، مستدركًا: “لا نحتاج لنفط الشرق الأوسط؛ لأننا بنينا الجيش الأمريكي، وصواريخنا قوية وفتاكة وسريعة وهناك الكثير من الصواريخ التي تفوق سرعة الصوت تحت البناء”. وفي ضوء تصريحات ترامب تراجعت أسعار النفط بمعدل 3.1% وتراجعت عقود الذهب بمعدل 1%. تحليل ستراتفور وقال موقع مركز سترتفور الاستخباراتي إن الهجمات الصاروخية الباليستية التي شنت من داخل إيران ضد منشآت أمريكية متعددة تصعيد كبيرا من جانب إيران ضد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط. وقالت إن الهجمات تزيد احتمال إمكانية الدخول في دوامة تصاعدية نحو نزاع كبير، خاصة إذا امتدت الضربات القادمة من أي من الجانبين إلى ما بعد المسارح العراقية والسورية. وتوقع “ستراتفور” ارتفاع احتمالية أن يسعى الرد العسكري الأمريكي على الهجوم الإيراني الأخير إلى ضرب القواعد التي أطلقت الصواريخ الإيرانية، جزئيا على الأقل. وتوقع المركز أيضا أن يؤدي ضرب أهداف داخل الحدود الإيرانية إلى مزيد من الهجمات الانتقامية الإيرانية، بما في ذلك على الأرجح القواعد الأمريكية الموجودة في دول الخليج العربية وغيرها من المواقع.
ضربات إيران وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن القاعدتين الأمريكيتين اللتين هاجمتهما إيران، إحداها قاعدة جوية مترامية الأطراف غربي العراق، سبق أن استضافت “دونالد ترامب” خلال زيارته الأولى إلى المنطقة، وهي واحدة من منشأتين عسكريتين تتمركز فيهما القوات الأمريكية. وأضافت الصحيفة الامريكية إنه القاعدة هي “عين الأسد” الجوية، إلى جانب قاعدة جوية بالقرب من “أربيل” في شمالي العراق، ردًّا على هجوم شنته الولاياتالمتحدة بدون طيار، الجمعة، أسفر عن قتل اللواء “قاسم سليماني”، القائد العسكري الإيراني رفيع المستوى أكد “ترامب” أنه كان يخطط “لهجوم كبير وسيئ للغاية بالنسبة للولايات المتحدة”. وقارنت الصحيفة بين محاولات أمريكا التقليل من شأن الضربات ومحاولة إيران رفع قدرها؛ حيث قال “البنتاجون” إنه تم إطلاق أكثر من 10 صواريخ باليستية على القاعدتين، فيما قال رئيس تحرير “المشرق”، الموقع الإخباري الرئيسي للحرس الثوري الإيراني، إن أكثر من 30 صاروخًا باليستيًّا تم إطلاقها على قاعدة “الأسد” الأمريكية.
القوات الأمريكية واعتبارًا من شهر ديسمبر، كان هناك نحو 6 آلاف جندي أمريكي منتشرين في العراق، وهو ما يمثل جزءًا صغيرًا من العدد الأقصى البالغ 150 ألفًا من الأفراد العسكريين الذين خدموا خلال الفترة من عام 2003 إلى عام 2011، بحسب “نيويورك تايمز”. وتساعد القوات الأمريكية المتبقية في القاعدة في تدريب قوات الأمن العراقية، في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وقالت الصحيفة إنها القاعدة نفسها التي قتل من خلالها أبو بكر البغدادي، في أكتوبر الماضي؛ حيث أقلعت 8 طائرات هليوكوبتر أمريكية تقل قوات “كوماندوز دلتا”، المتمركزة في القاعدة، وحلقت منخفضة وسريعة بما يكفي لتجنب اكتشافها أثناء المهمة. وشاهد “ترامب”، إلى جانب وزير الدفاع “مارك أسبير”، ونائب الرئيس “بنس”، والجنرال “مارك ميلي”، رئيس هيئة الأركان المشتركة، مقطع فيديو للغارة، التي تم نقلها إلى غرفة خاصة بالبيت الأبيض من طائرة مراقبة تدور حول ساحة المعركة، وزار “بنس” القاعدة في نوفمبر الماضي.
المفاجأة الإيرانية وفاجأت إيران العالم، فجر الأربعاء، بإطلاق مجموعة كبيرة من الصواريخ الباليستية ضد أهداف أمريكية متعددة في العراق، بما في ذلك المنشآت العسكرية في أربيل شمالي العراق، وقاعدة “عين الأسد” الجوية غربي البلاد. وأعلن الحرس الثوري الإيراني مسئوليته عن إطلاق الصواريخ في وسائل الإعلام الحكومية، وقال إن أي انتقام من قبل الولاياتالمتحدة سوف يُقابل “برد أكبر وأشمل”، ولا توجد حتى الآن تقارير عن وقوع إصابات. وكان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قد حذر صراحةً من أن أي هجوم إيراني على القوات الأمريكية وأنه سيؤدي إلى انتقام شديد. وإذا أدى هذا الهجوم الإيراني إلى خسائر أمريكية في الأرواح، فإن ذلك سيزيد من احتمال حدوث ضربة أمريكية مضادة كبيرة. وكانت العلاقات بين الولاياتالمتحدةوإيران قد توترت بشكل مطرد على مدار الأعوام القليلة الماضية، بعد انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي، أو ما يعرف بخطة العمل الشاملة المشتركة، في مايو 2018، وما تلا ذلك من حملة “أقصى ضغط” من العقوبات ضد إيران. وازداد تهديد التصعيد بشكل كبير في أعقاب القتل المستهدف للواء “قاسم سليماني”، قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، في بغداد الأسبوع الماضي.