أكَّدت قوات حكومة الوفاق الليبية أن المعركة في مدينة سرت لم تنتهِ، وأنها انسحبت منها تجنبًا لتعريض المدنيين للخطر، مشيرة إلى أن وحداتها تتمركز في غرب المدينة حيث وقعت اشتباكات مع قوات حفتر. وكانت قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد أعلنت عن سيطرتها على مدينة سرت الساحلية. كيف تمكَّنت القوات الموالية لخليفة حفتر من الاستيلاء على مدينة سرت؟ وما تأثير ذلك على وضع العاصمة طرابلس؟ وما مدى قدرة قوات حكومة الوفاق على تغيير موازين القوى في ضوء الدعم التركي وإعلان الجزائر أن طرابلس خط أحمر؟ وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، تبدو حكومة الوفاق الوطني الليبية عازمة على ألّا تترك مدينة سرت الواقعة في منتصف الساحل الليبي طويلا في قبضة قوات خليفة حفتر، فقد دارت اشتباكات بين قوات الطرفين في غرب المدينة، وقد أعلنت قوات حكومة الوفاق عن تدمير مدرعة إماراتية وآلية تابعة لقوات حفتر. يأتي هذا وسط تحذيرات دولية من تصعيد وشيك للقتال حول طرابلس، تزامنًا مع بدء تركيا تحركاتها لدعم قوات حكومة الوفاق الوطني، وقد أعلنت الجزائر عن أن العاصمة الليبية طرابلس خط أحمر. جاء هذا بعد محادثات بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وفايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الليبية، الذي أجرى محادثات مع وزير الخارجية التركي في الجزائر. يستبقهم حفتر وقد بدأت أنقرة بإرسال طلائعهم. إنهم كما تقول تركيا مستشارون لا أفراد قوات ضاربة، وهو ما يسِم الأداء التركي بالبطء حسب منتقديه، بتهيئة المسرح استراتيجيًّا كما يقول مؤيدوه. حدث هذا بوصول وزير الخارجية التركي إلى الجزائر، بالتزامن مع وصول فايز السرج إليها، هناك ترسم الجزائر خطوطها الحمراء إقليميًّا، طرابلس هي الخط الأحمر المعلن، أما المسكوت عنه فتدخل أجنبي فج وخشن، ويعتقد أن المقصود هو قوات من الإقليم تناصر دولها حفتر. وبهذا فإن قوسًا رادعًا قد بدأ يتشكل، عسكري تركي وسياسي جزائري، لأي مغامرة قد يقدم عليها حفتر أو الدول الداعمة له. لكن الرجل ومن يقف وراءه يريدون فرض حقائق على الأرض تجبر الطرف الآخر على التراجع، يفعلها حفتر بحسم سرت لصالحه، حدث هذا على نحو مباغت وخاطف، لكن القوات التابعة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا، وإن أقرت بخسارة سرت، تعهدت باستعادتها لأنها انسحبت منها- وفق روايتها- تجنبًا لإراقة دماء المدنيين، والانسحاب بالنسبة لها ليس نهاية المطاف، ما يعني أن هجومًا لاستعادة المدينة التي تتمتع بموقع استراتيجي يطل على طرق الإمداد بين الشرق والغرب وإلى الجنوب، يظل واردًا في أي لحظة. يتمتع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بدعم لا تنكره مصر ولا الإمارات، وجاءت حملته الأخيرة بعيد زيارته إلى القاهرة، والتي التقى خلالها عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب، وبعيد الزيارة أقدمت طائرة إماراتية- حسب حكومة الوفاق- على ما اعتُبر جريمة حرب في طرابلس، فقد قصفت الكلية العسكرية هناك مخلفة عشرات القتلى، وهو أمر ألمح المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، إلى أن دولة في المنطقة هي التي قامت به، أي أن المنفذ ليس قوات حفتر بل دولة تناصره. ماذا يعني هذا؟ يعني أن حفتر ومن يناصره باتوا في سباق مع الوقت لتحقيق مكاسب على الأرض في سرت وطرابلس إذا أمكن، على أن ذلك قد يعود عليه بما لا يريده، وهو أن يقوم الطرف الآخر بتسريع ما خطط له، والمعني هنا تركيا وربما الجزائر أيضًا. ويعتقد أن منطقة المغرب العربي بأسرها تتهيأ لما هو أكبر من مجرد اشتباكات بين قوات حفتر وحكومة الوفاق، فقوس الصراع يتسع إقليميًّا، وتدخله أطراف جديدة، بعضها قوي في منطقته، وأخرى لديها حسابات فيما يتعلق باستخراج الغاز وطرق نقله عبر سواحل المتوسط كلها باتجاه أوروبا. ذاك تدويل قد يحرق أصابع كثيرين، من بينهم كما تقول حكومة الوفاق، حفتر ومن يناصره ويختبئ وراءه. الصراع في ليبيا يبرز اللاعبين في المنطقة تقرير: زياد بركات | #حفتر ومناصروه في سباق مع الوقت لكسب الأرض.. كيف سترد حكومة الوفاق على حسم الجنرال المتقاعد لمدينة سرت بصورة خاطفة؟ | #ما_وراء_الخبر Posted by Al Jazeera Channel – قناة الجزيرة on Tuesday, January 7, 2020