كشف أعضاء بالحزب الديمقراطي الأمريكي، المناهض للرئيس الجمهوري دونالد ترامب، عن تغريدة سابقة نشرها ترامب سنة 2012، توضح الأسباب الحقيقية وراء قراره باغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدسالإيراني. وقتها غرَّد ترامب قبل عام كامل من انتخابات الرئاسة سنة 2012، محذًّرا من أن الرئيس الديمقراطي باراك أوباما “من أجل أن يُعاد انتخابه سيشن حربًا ضد إيران”. ويتداول الديمقراطيون تغريدة ترامب لتوظيفها سياسيًا باعتبارها دليلًا على أن ترامب أقدم على اغتيال سليماني وشن حرب على إيران لأهداف سياسية وانتخابية بحتة، لا علاقة لها بالمصالح الأمريكية؛ لأن الضربة تأتي في توقيت حساس قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية بأقل من عام. ويربط الديمقراطيون بين اغتيال سليماني وانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة في نوفمبر 2020م. إضافة إلى ذلك، ينتظر الرئيس ترامب محاكمة أمام مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، في حين وصلت نسبة الرضا عن سياسات الرئيس بين الأمريكيين 43% مقابل نسبة رفض بلغت 53%، طبقًا لاستطلاع أجرته “سي.إن.إن” قبل نهاية الشهر الماضي. ولم يسفر اغتيال سليماني في رأب الصدع والانقسام غير المسبوق بين الحزبين الكبيرين في أمريكا، بل أدى ذلك إلى زيادة الانقسام، حيث عبّر كبار المرشحين الديمقراطيين الساعين لنيل بطاقة الحزب لمواجهة الرئيس ترامب، عن رفضهم للخطوة التي أقدم عليها الرئيس الأمريكي. وأجمع السيناتور بيرني ساندرز، والسيناتورة إليزابيث وارين، وجو بايدن نائب الرئيس السابق على إدانة خطوة ترامب التي لن تؤدي إلا إلى التصعيد مع إيران، وربما تنتج عنها حرب شرق أوسطية جديدة. كما أجمع المرشحون على إدانة سجل الجنرال قاسم سليماني العنيف الذي لم يتوقف داخل الحدود الإيرانية، بل امتد إلى سوريا ولبنان واليمن والعراق. وشكك الديمقراطيون في امتلاك الرئيس ترامب استراتيجية للتعامل مع تطورات الأحداث الناتجة عن قتل سليماني. وقالت الخبيرة كاليه توماس، بمعهد الأمن القومي الأمريكي الجديد: إن “إدارة ترامب أرادت أن تُظهر مقدرتها وقوتها عقب تطورات الأحداث في العراق خلال الأيام الأخيرة”. ورأت “كاليه” أن “القيام بمثل هذه الخطوة يتطلب التخطيط الجيد لما يأتي بعدها من ردود أفعال إيرانية، غالبًا ستأتي في إطار التصعيد، وستظهر الأيام والأسابيع القادمة إن كانت إدارة ترامب مستعدة لردود الفعل الإيرانية أم لا”. وربط البعض بين تأزم موقف ترامب الداخلي والإقدام على مغامرة قتل سليماني، وأقر عدد من كبار أعضاء الكونجرس بأن الرئيس ترامب اتخذ قرار تصفية سليماني دون التشاور المسبق أو إبلاغ الكونجرس. وكتب السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، في تغريدة على حسابه: إن سليماني كان عدوًا للولايات المتحدة، لكنه تساءل عن السبب الذي دفع بالقوات الأمريكية إلى قتله “دون إذن مجلس الشيوخ”. كما تساءل قائلا: “هل اغتالت الولاياتالمتحدة- وبدون تفويض من الكونغرس- ثاني أقوى شخص في إيران، مع العلم أن ذلك قد يعني اندلاع حرب إقليمية ضخمة محتملة؟”. وأعلن السيناتور الديمقراطي “تيم كين”، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، عن عزمه طرح مشروع تفويض لاستخدام القوة للحد من قدرة الإدارة الأمريكية على شن هجمات عسكرية دون العودة إلى الكونجرس. وعلى النقيض، دعم الجمهوريون خطوة قتل سليماني، حيث عبَّر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور “جيم ريتش” عن دعمه لخطوة الرئيس، وقال: “إن مقتل سليماني يشكل فرصة للعراق من أجل تحديد مستقبله بعيدًا عن سيطرة إيران”. وهنأ ريتش ترامب على نجاح العملية، مؤكدًا أن سليماني كان مسئولا عن برنامج الأسلحة الذي أدى إلى قتلى وجرحى وإن العدالة تحققت اليوم. خلال لقاء تلفزيوني مع شبكة “سي.إن.إن”، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: إن الولاياتالمتحدة “ملتزمة بخفض التصعيد بعد مقتل سليماني”، وأكد أن “قائد فيلق القدس كان يخطط لعمل كبير يهدد مواطنين أمريكيين”. وطالب بعض الخبراء في واشنطن بضرورة الإفصاح عن طبيعة التهديدات التي تذكرها إدارة ترامب لتبرير قتل سليماني؛ وذلك لإقناع الرأي العام الأمريكي والدولي بالخطوة الكبيرة التي أقدمت عليها واشنطن دون تنسيق مع أي جهة خارجية. من ناحيته أوضح مارتن إنديك، المسئول السابق والخبير حاليا في مجلس العلاقات الخارجية، أن “الادعاء بأن سليماني كان يخطط لعمليات عسكرية ضد أمريكيين في العراق كان هدفه دفع الأمريكيين إلى الانسحاب من هناك.. وبما أن هذا ما يريده ترامب، فأي انسحاب الآن سيعد نصرا كبيرا لإيران يعوضها عن خسارة قاسم سليماني”. وكان ترامب قد اكتفى بعد الضربة بتغريدة تتضمن صورة العلم الأمريكي، وغرد لاحقا بالقول إن “إيران لم تفز يوما بحرب، لكنّها لم تخسر مفاوضات”. ورأى البعض في تغريدة الرئيس دعوة لتجديد التفاوض مع إيران، خاصة أنه أكد في عدة مناسبات أنه لا يريد “الحرب مع إيران”. لكن الخبيرة كاليه أكدت أنه “إذا لم تستطع إدارة ترامب إدارة التصعيد القادم والتعامل معه، فربما يؤدي ذلك إلى صراع كبير ومباشر ومكلف بين إيرانوالولاياتالمتحدة”.