رغم تراجع أسعار اللحوم في الفترة الأخيرة إلى ما يتراوح بين 70 و100 جنيه للكيلو، إلا أن هذا التراجع- بحسب تأكيدات الخبراء- مؤقت ومجرد “فقاعة”، وأن الأسعار ستعاود الارتفاع مرة أخرى خلال شهور عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب الدموى، حاول ركوب الموجة وزعم- خلال كلمته في حفل افتتاح مشروعات فنكوشية في مجال الإنتاج الحيواني بالفيوم أمس- أنّ “أسعار اللحوم استقرت، والأمور ماشية زي ما خططنا”، مشيرا إلى أن مشروعات الإنتاج الحيواني تهدف إلى إحداث التوازن بين العرض والطلب؛ للسيطرة على ارتفاع الأسعار، على حد تعبيره. كانت وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب، ممثلة في الهيئة العامة للخدمات البيطرية، قد قررت رسميًّا، في فبراير الماضي، تطبيق تنفيذ قرار ذبح «البتلو» رقم 1930 لسنة 2013 الخاص بحظر ذبح عجول البتلو، ومنع التصدير، وتشكيل لجان رقابية مشددة بمجازر البساتين والوراق والمنيب وحلون لتطبيق القرار، وتحويل المخالفات إلى النيابة العامة؛ بزعم الحفاظ على الثروة الحيوانية. خسائر كبيرة من جانبه اعترف رائف تمراز، عضو لجنة الزراعة ببرلمان العسكر، بخطأ حكومة الانقلاب التى اضطرت لوقف استيراد اللحوم، بعد أن تسببت سياستها المفرطة بالاستيراد فى خسائر كبيرة للفلاحين من مربى الماشية. وأكد تمراز، فى تصريحات صحفية، أن أسعار اللحوم البلدى والماشية سترتفع مرة أخرى خلال 3 إلى 4 شهور، عندما تقل اللحوم المستوردة من الأسواق، موضحا أن تراجع الأسعار كان بسبب إغراق السوق المحلية باللحوم المستوردة من الخارج، ما أدى إلى زيادة المعروض من اللحوم البلدي والمستوردة بالأسواق. وقال إن غلاء الأعلاف مع زيادة اللحوم المستوردة بالأسواق أثّر سلبيَّا على مُربي الماشية من الفلاحين، وأصبحوا يقبلون على البيع الجماعي للماشية هربا من غلاء تكلفة تربيتها، ما أدى إلى مضاعفة كميات اللحوم البلدي والمستوردة في الأسواق مع ركود عمليات البيع والشراء. ذبح البتلو وأرجع محمود العسقلاني، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، انخفاض أسعار اللحوم الحمراء إلى قرار حظر ذبح البتلو، مؤكدا أنّ عدم ذبح البتلو جزء من الحكاية؛ لأننا “كنا بندبح البتلو عند 60 كيلو، النهاردة بيقعد زى ما هو بحالته يزيد عند المربى بمعدلات كبيرة”. وقال العسقلاني، فى تصريحات صحفية: رغم أن انخفاض أسعار اللحوم يُعد مكسبًا بالنسبة للمستهلكين، لكن ستكون له أبعاد ليست إيجابية تمامًا «الموضوع وسع جدًا بالنسبة للمربين، لأنه أصبح عندهم كميات مش عارفين يعلفوها لأن إمكانياتهم ضعيفة». وبالتالى يزخر سوق اللحوم الحمراء بحالة من الذبح الكثيف، معبرًا عن رغبة لدى المربين فى التخلُص من العجول بخسارة أقل. وأضاف: «المربى مافيش قدامه غير الذبح، بيقول بدل ما اتخلص منه بتلو، أتخلص منه شاب، بيكون وصل لوزن حوالى 200 كيلو، وبالتالى مابقاش بتلو، فأصبح مفيش حرج الذبح». وأشار العسقلانى إلى أنه نتيجة الذبح الكثيف الجائر، تراجعت الأسعار بدرجة كبيرة فى أسواق الأقاليم، موضحا أن “البهوات فى القاهرة مش عاوزين ينزلوا الأسعار عشان عاوزين يحتفظوا بالسعر العالى؛ لأنه بيترجم القيمة عند الزبون، هو كمان عارف إن السعر هيزيد تانى والحاصل ده فقاعة مش هتقعد كتير، فالأفضل ماينزلش السعر”. وعن خسائر المزارع والمربين، أكد أن الخسارة فى هذه المرحلة ستقع على المُربى الصغير فقط، فيما تُعتبر فرصة ذهبية للمزارع الكبرى، والتى تستغل الأمر فى الفترة الحالية ويقوم أصحابها بنوبة شراء كثيفة استغلالا لانخفاض الأسعار؛ “لأن السوق واقع”. فقاعة وأشار إلى أنها ظاهرة مؤقتة أو «فقاعة»، موضحا أن “الوضع الحالى مش منطقى طبعا، اللحم البلدى هيرتفع سعره، بعد ما نكون خلصنا على القطيع، فى ناس بتدبح إناث عشان سعر العلف، سعر العلف رغم نزوله نتيجة عدم الإقبال بيتخلّص من اللى عنده عشان مايصرفش”. وطالب العسقلاني بدعم الفلاحين وصغار المُربين؛ لأن عدم دعمهم فى الفترة الحالية سيدفعهم للتخلص من القطعان، ويعطى أمثلة لهذا الدعم بأن يأتى فى صورة قروض ميسرة: «البنك المركزى لو يقدم قروض للفلاحين، زى بداية مشروع البتلو، صعبان عليا الناس دلوقتى بيتخلصوا من الماشية وهم خسرانين”. ولفت إلى أن «التجار عندهم مصطلح “كده، العجل بياكل فلوس”؛ لأن فى عجول بعد فترة بتبقى بتاكل بدون ما ترمى لحم، وممكن تخس، فبيقول أتخلص منها أحسن». مزارع مرخصة وأرجع محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، أسباب الانخفاض في أسعار اللحوم في المحافظات خلال الفترة الأخيرة، والتي وصلت في بعضها إلى حوالي 70 جنيهًا، إلى قرار وزارة الصحة الذي ألزم مصانع الأجبان بشراء الألبان من المزارع المرخصة، مما جعل الكثير من المربين الصغار لا يستطيعون بيع إنتاج مواشيهم من اللبن. وقال وهبة، فى تصريحات صحفية: إن هذا القرار دفع الكثير من المربين إلى بيع المواشي “المدرة” للحليب لعدم قدرتهم على تصريفه، مما زاد من المعروض بالمحافظات، الأمر الذي أسهم في هذا الانخفاض الكبير. وأضاف أن تفاوت أسعار اللحوم في القاهرة الكبرى جاء نتيجة لبيع لحوم سلالات مختلفة من المواشي، حيث يختلف سعر كيلو اللحم الكندوز البلدي، المربى بالكامل في مصر عن غيره المستورد، ويتراوح سعره بين 120 و140 جنيها، مقابل 140 و160 جنيها من قبل. وأشار وهبة إلى أن “هناك عجولا أسترالية وأوكرانية تستورد حية، ويتم علفها في مزارع مصرية لمدة شهرين، ويتم ذبحها ودبغها داخل المذابح، وتباع على أنها بلدية، وهي لا تفرق كثيرا عن اللحوم البلدي، ولا يمكن أن يفرقها الزبون عن اللحوم المحلية، ولكن يتراوح سعرها بين 100 و110 جنيهات”. وأكد أن هناك زيادة من المعروض من اللحوم السودانية والإثيوبية، التي تباع في المنافذ التموينية، ويتراوح سعرها بين 80 و85 جنيها، وهي أسهمت أيضا في انخفاض وتفاوت الأسعار. وشدد وهبة على أن تراجع أسعار اللحوم هو “انخفاض مؤقت”، وأن الأسعار ستعود لمستواها من جديد، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها صغار المربين في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف وبيع المواشي بأقل من تكلفتها، “الأمر الذي لن يشجعهم على الدخول في دورة تربية جديدة، مما سيقلل من المعروض وبالتالي ترتفع الأسعار.