ماجدة خير الله: ظهور البلطجى "الكاجوال".. وتغيير نمط المجرم الضخم "المضروب بمطواة" وليد سيف: البلطجة السياسية الأخطر.. وثقافة أن الأمن "دراع" من موروث النظام السابق تسيطرشخصية البلطجى على معظم مسلسلات رمضان هذا العام؛ حيث تعتبر أشهرشخصية يتحدث عنها الشارع المصرى فى الوقت الحالى فى ظل الانفلات الأمنى الذى انتشر عقب اندلاعثورة 25 يناير، وتهريب الكثير من المساجين و"المسجلين خطر" من السجون، وعلى اعتبار أنها أصبحت الشخصية الأكثر إزعاجا لدى المواطنين؛ لما يتعرضونله من أعمال بلطجة وسرقة ونهب وقطع طرق، فلقد حرص القائمون على مسلسلاترمضان على دراسة وعرض الأسباب التى جعلت هذا الشخص يتحول من إنسان سوى إلى بلطجى يخشاه الناس ويتجنبون التعامل معه بسبب أفعاله الإجرامية. ولكن هل يؤدى عرض تلك الأعمال بكثرة، وبها كل هذه المشاهد العنيفة، والألفاظ الخارجة، والدماء المتناثرة، وحمل السلاح الآلى والأبيض، إلى معالجة الظاهرة.. أم استفحالها، وتدريب الشباب عليها؟! قائمة البلطجية من أهم الأعمال التى تناقششخصية البلطجى عن قرب مسلسل "ابنموت"، والذى يقوم ببطولته خالد النبوى ويجسد شخصيه البلطجىجابر خواجة الإسكندرانى، الذى يدافع عن حقه بعد يأسه منالحصول عليه بالطرق القانونية فيلجأ لأساليب البلطجة،على الرغم من أنه شخص متعلم وكان يتمنى أن يعيش إنسانا سويا ويحقق حلمحياته بأن يأخذ أرضا لاستصلاحها كمهندس زراعى، ولكن الظروف تحوله إلى شخصمطارد، فيضطر للسفر إلى إيطاليا سعيا خلف طموحاته ليصبح من كبار رجالالأعمال. ويظهر آسر ياسين فى تجربة تليفزيونية تعتبر خطوةجديدة فى مشواره الفنى وذلك من خلال مسلسل "البلطجى" الذى يقدم من خلالهشخصية الشاب الذى يستخدم كل الحيل والألاعيب الشيطانية فى أعمال البلطجةالتى يفرضها على جميع من حوله، وفى المسلسل لا يظهر البلطجى فى شكله المعتاد على صورة واحدةسواء فى السينما أو التليفزيون، فنرى كيف كان البلطجى يوما ما طفلا بريئا ولكنه وجد نفسه فى الشارع مع غيره من الأطفال إلى أن ضمه المعلم لصبيانه فتقوده ظروفه الصعبة إلى أن يصبح بلطجيا،وعندما يكتشف حقيقة استغلاله من قبل بعض أصحاب النفوذ وخاصة السياسيينالفاسدين فى تزوير الانتخابات قبل الثورة، يحاول الخروج من تلك الدائرة ولكن الواقع المحيط به يأبى ذلك.. المسلسل من تأليف أسامة نور الدين وإخراج خالد الحجر. ويقدم مسلسل "طرف تالت" نموذجا مختلفا تماما للبلطجية الذين يتسمون بالوسامة المفرطة والجاذبية من خلال أمير كرارة وعمرو يوسف ونبيل عيسى. ويرتدى مجدى كامل العباءة الصعيدية فى شخصية البلطجى "حامد" فى مسلسل "ابن ليل"والذى ينتقم من كل شخص وقف ضد طموحه وأحلامه ومستقبله، ومن خلال الأحداث يكتشف المشاهد كيف كانت تُحكم مصر خلال الأعوام الأخيرة عن طريق مجموعة منالمنتفعين. فتش عن المعالجة تعلق الناقدة ماجدة خير الله على هذه الظاهرة الدرامية قائلة: من الطبيعى جدا أن تتأثر الدراما والقائمون عليها بما يتأثر به المجتمع، وهذه الشخصية أصبحت مطروحة بشدة بعد الثورة، ومع ذلك لا أحد يعرف خلفيات البلطجى، كل ما نعرفه هو أنه ذلك الشخص الذى يسرق أو يقتل أو يقطع الطريق، أما الدراما فهى تحاول أن تتعمق فى حياتهم الإنسانية لأن لكل منهم تركيبة نفسية مختلفة يحاول كل مؤلف وفقا لخياله فك طلاسمها لنعرف ما الذى يحول الشخص العادى لخارج على القانون؟!. وتستدرك خير الله قائلة: الملفت للنظر أنه فى دراما هذا العام لم يتم تجسيد شخصية البلطجى بالصورة المتعارف عليها كشخص عملاق البنية وبوجهه علامات ضرب بالمطواة كما كان يحدث فى الأفلام قديما، وأصبحنا نرى بلطجيا قصير القامة، لكنه يستخدم أسلحة بيضاء تمكنه من المجنى عليه، وهذا الأمر تم تجسيده بواقعية شديدة فى دراما رمضان، خاصة فى مسلسلى "البلطجى" و"طرف تالت" التى قالت الناقدة الفنية إنهما من أفضل مسلسلات هذا العام. فالأول كتب له السيناريو بحرفية عالية، وقدم آسر ياسين الشخصية فى تركيبة إنسانية أعجبتنى جدا لأنها لم تصوره على أنه شيطان مطلق. أما مسلسل طرف تالت فهو يركز على حكايات ثلاثة بلطجية مختلفين تماما ينجح المؤلف فى تضفيرهم معا فى خلطة درامية مشوقة نشعر من خلالها بنبض حياة هؤلاء. واختتمت الناقدة الفنية قائلة: أنا كمواطنة ومشاهدة قبل أن أكون ناقدة لا يزعجنى مطلقا تقديم عمل فنى عن البلطجية أو أى فئة أخرى موجودة فى المجتمع؛ فنحن لا نحكم على العمل الفنى من خلال مهنة البطل فإذا ما كان البطل طبيبا مثلا اعتبرنا العمل جيدا، وإذا كان بلطجيا فأصبح العمل سيئا.. فهذا الأمر خاطئ تماما لأن الحكم على أى عمل فنى يكون وفقا لأسلوب تقديمه ومعالجته. بلطجة سياسية ويذهب الناقد الفنى وليد سيف إلى أن شخصية البلطجى كانت موجودة فى مجتمعنا منذ عقود مضت، ولكن تجلى دورها بعد الثورة، لذلك اهتمت دراما هذا العام بها بعدما اتضح للجميع كيف كان نظام الحكم السياسى فى مصر يحكمنا من خلال البلطجية ليس فقط فى تزوير الانتخابات، بل فى أمور أخرى كثيرة، لكن ما أتمنى أن تجسده الدراما بحق هو أن البلطجة أصبحت للأسف الشديد ظاهرة فكرية موجودة فى أغلب مؤسسات الدولة العميقة التى مت زالت تؤمن بأن الأمن "دراع" لا يفرض إلا بالقوة، لذلك تبنى أسلاكا بين الوزارات السيادية والمواطنين، وهذا أيضا نوع من أنواع البلطجة التى تجسدها الدراما لتحارب مفهوم البلطجة فى كل حياتنا ولندرك جميعا أن الأمن ثقافة وعدل قبل أى شىء آخر. وفيما يتعلق بمشاهد العنف وبعض الألفاظ الخارجة التى تضمها مشاهد مثل هذه المسلسلات رد قائلا: تقديم هذه التيمة الدرامية أمر فى غاية الحساسية؛ فهناك من يقدمها بصبغة تجارية خالصة هدفها جذب المشاهد فقط، وهناك من يعالجها بطريقة تبرز لنا سلوكيات وألفاظ هؤلاء دون مبالغة أو مزايدة على المشاهد كما نرى فى حلقات مسلسل "ابن موت" الذى يقدم لنا وجبة درامية متكاملة تؤكد أن البلطجى فى أحيان كثيرة لا يكون نبتا شيطانيا وإنما نتاج لمجتمع ظالم.