في مشهد يتنافى مع الإنسانية ويعكس مدى إجرام قادة الانقلاب العسكري، وضعت المعتقلة دهب حامد ابنة ال18 عاما مولودتها الأولى وهي مقيدة ب"الكلابشات" في أحد أسِرّة مستشفى الزيتون خلال إجرائها عملية ولادة قيصرية حتى لا تهرب وكأنها في ضعفها وحالتها الصحية هذه يمكنها الهرب. ساقتها الأقدار يوم 14من يناير الماضي والذي وافق اليوم الأول للاستفتاء على وثيقة الدم إلى السير بشارع الساحل بشبرا إذ كانت في طريقها إلى الطبيب لمتابعة حالتها الصحية ومعرفة موعد الولادة الخاص بها حيث كانت حاملا وفي شهرها التاسع. في هذا التوقيت كانت هناك تظاهرات منددة بدستور الانقلاب، فداهمتها قوات الأمن واعتدت عليها بالخرطوش، وبدأ المتظاهرون في الجري، لكن دهب لم تستطع الجري بسبب حملها فاعتقلتها قوات الشرطة. ولم يعلم زوجها عنها شيئا إلا عندما تأخرت اتصل بها ووجدها تصرخ في الهاتف، وكان شخص يضربها.. فسأل في جميع أقسام الشرطة حتى علم أنها معتقلة في قسم الساحل.
وبعد يومين تم التحقيق معها في السجن وصدر قرار بحبسها الاحتياطي لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق بعد اتهامها في المشاركة في التظاهر وتعطيل الدستور وإثارة الشغب ونقلت إلى قسم شرطة الأميرية في اليوم ذاته.
تم تجديد الاعتقال لدهب ثلاث مرات كان آخرها الأربعاء الماضي، حيث استجوبها وكيل النيابة وقال لها متى ستلدين؟ فقالت غدا، قائلا بالسلامة، وأصدر لها أمرا بتجديد الحبس 15 يوما أخرى على ذمة التحقيق! أمام كافة هذه الانتهاكات التي يمارسها الانقلابيون ضد مؤيدي الشرعية لم تتحرك المراكز والجهات الحقوقية وأدارت ظهرها لهذه الخروقات فلم نسمع لها صوتا!
أما منظمة هيومان رايتس مونيتور تقدمت بشكوى إلى الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي والمقرر الخاص بالتعذيب والمقرر الخاص بالعنف ضد المرأة، تطالب بالتدخل العاجل لدى السلطات المصرية للإفراج الفوري عنها وإعطائها ومولودها الرعاية الطبية اللازمة نظرا لتدهور حالتها الصحية الشديدة نتيجة لوضعها رهن الاعتقال التعسفي في ظروف سجن قاسية بقسم شرطة الأميرية. وناشدت المنظمة السلطات المصرية الالتزام بتعهداتها الدولية والالتزام بالقوانين الدولية الخاصة بمعاملة المساجين واتفاقية مناهضة التعذيب.
ومن جانبهم أكد العديد من الحقوقيين ل"الحرية والعدالة" أن ما حدث مع دهب يتنافى مع كافة حقوق الإنسان ويعد جريمة، وكان من المفترض أن يتم الإفراج عنها بدلا من تجديد حبسها. أمر رخيص بداية يقول هيثم أبو خليل -الناشط الحقوقي ومدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان- إن وضع "الكلبشات" في يد المعتقلة دهب قبل إجرائها عملية الولادة القيصرية وبعدها في شكل يتنافى مع الإنسانية وربطها في سرير المستشفى أمر يثير تساؤلات عدة حول وكيل النيابة الذي قام بتجديد حبسها ثلاث مرات في كل مرة 15 يوما، رغم أنه رآها حاملا وفي شهرها الأخير ولا يُعقل أنها كانت تحمل مولوتوفا وتجري به، فهي لم تتظاهر وإن كان هذا حقها.
ويتساءل كيف يؤتمن وكيل النيابة هذا على قضايا الناس؟!، مبديا أسفه على الحالة التي وصل إليها القضاء وتورطه في ذلك، قائلا "إن وضع الكلبشات في يدها عقب خروجها من غرفة العلميات وقبل إفاقتها أمر رخيص يتنافى مع كافة حقوق الإنسان أو اتفاقية جنيف لتبادل الأسرى، نقول لهم عاملونا حتى كأسرى حرب".
هيثم أبو خليل: ما حدث مع دهب أمر رخيص يتنافى مع كافة حقوق الإنسان ويضيف أبو خليل "الأمر مؤسف وهؤلاء الانقلابيون يسجلون أرقاما قياسية تدخل في موسوعة جينيس في الأعمال القذرة التي تمارس ضد مؤيدي الشرعية"، موضحا أن هناك تباينا في التعامل مع مبارك وهو في السجن حيث لم توضع الكلبشات في يده وكان مرفها.. في حين يتم وضعها في يد المعتقلة هذه وبظروفها الصحية تلك. ويتابع قائلا "كنت أربأ بالأطباء الذين وافقوا على استقبالها في المستشفى في حالتها هذه أن يسجلوا اعتراضهم على وضع الكلبشات في يدها أثناء وبعد العملية". سكوت القومي للمرأة ومن جانبه يوضح الدكتور حاتم صديق -الخبير القانوني- أنه لا يجوز وضع الكلبشات في يد المعتقلة دهب لأنه لم يتم الحكم عليها فهي بريئة وفقا للقاعدة التي تقول "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، مشيرا إلى أنه حتى وإن كانت التهم الموجهة إليها مخالفة قانون التظاهر لا يكون هناك سبب لحبسها احتياطيا وتجديده 3 مرات. ويقول" هي في وضع صحي لا يحتمل تجديد حبسها، وكان من المفترض أن يتم الإفراج عنها"، مؤكدا أن عدم الإفراج عنها دلالة قاطعة على مخالفة الانقلابيين الصريحة لكافة القوانين، ومشددا على أن وضع الكلبشات في يدها خوفا من هروبها من المستشفى جريمة، حيث يمنع القانون الحبس إلا في الأماكن المخصصة للحبس، لذا فالمستشفى ليست مكانا للاحتجاز. ويتابع صديق قائلا "الظروف الصحية لدهب تمنع وجودها في الحبس فكيف تكون "مكلبشة" في المستشفى"، مشددا أن القانون يجيز الإفراج عمن تكون حالته الصحية لا تتلاءم مع مكان احتجازه وهذا ما يُعرف بالعفو الصحي أو الإفراج الصحي، مستنكرا موقف المجلس القومي للمرأة المتخاذل تجاهها. انتهاكات صارخة وبدورها تقول هدى عبد المنعم –المحامية ومنسقة حركة نساء ضد الانقلاب-: "لو لم يتحرك كافة الحقوقيين في مصر والعالم العربي والخارجي تجاه ما يحدث لنساء مصر في السجون لنقول على حقوق الإنسان السلام".
هدى عبد المنعم: إذا لم يتحرك الحقوقيون في مصر والخارج فعلى حقوق الإنسان السلام وتشير إلى أن تدخل الشرطة في عملية ولادة دهب ووضعها الكلبشات في يدها بهذا الشكل يمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والتعبير، لافتة إلى أنه كان أقل شيء كان يجب أن يفعله وكيل النيابة هو الإفراج عنها وليس حبسها. وتوضح عبد المنعم أن الحركة تسعى إلى فضح جرائم الانقلاب وإيصال هذه الرسالة إلى الجميع حتى يتم محاكمتهم عاجلا أم آجلا، مؤكدة أنه منذ 3 يوليو وحتى الآن لم يترك الانقلابيون قانونا ولا حقوق الإنسان إلا انتهكوه. وتقول: "هناك خروقات صارخة، فبعد أن كنا نقول نساء مصر خط أحمر ولا يجوز حبسهن أصبح الآن وهو خط أسود وأصبحت الفتيات وقود الثورة بصمودهن".
وبدوره يُلقى الناشط الحقوقى أحمد زكريا باللوم على النيابة العامة التي قُدم إليها تظلمات عدة حتى يتم الإفراج عن المعتقلة دهب ولكنها لم تقبله، موضحا أن الكتاب الدولي للنائب العام رقم 10 لسنة 2006 يُلزم بمراعاة الحالة الصحية للمتهم والإفراج عنه إذا كانت حالته الصحية تستلزم ذلك.