منذ أن قام الشعب المصرى العظيم بثورته المباركة فى الخامس والعشرين من يناير -وعندما أحس العسكر بقرب نجاحها- بدأت المؤامرة على هذا الشعب المسكين التواق للحرية والعيش الكريم خطوة تلو أخرى. هذه المؤامرة كانت بدايتها من خطاب التنحى للمخلوع مبارك الذى صيغ بلغة تعنى (نحن عائدون إن لم نكن باقين أصلًا)، مرورًا بفترة الحكم العسكرى الأول الذى مهد لإفلات الجناة من العدالة بتمكينهم من فرم الأدلة والمستندات وتهريب الأموال والأشخاص ومرورًا أيضًا بخدعة الانتخابات وتمكين الشعب من اختيار حكامه ومن ثم التآمر على من اختارهم الشعب حتى وصلنا للمرحلة النهائية والخديعة الكبرى المسماة (ثورة؟؟؟!!!) 30 يونيو. هذه الخديعة الكبرى التى من خلالها عاد العسكر ليجثم على صدور المصريين بانقلابهم الدموى على الرئيس الشرعى المنتخب وخطفه واعتقاله وكل مساعديه وحكومته وما صحب ذلك من مجازر وحشية للآلاف من مؤيدى الشرعية وإصابة واعتقال عشرات الآلاف وتلفيق للتهم واقتحام لحرمات البيوت وترويع الآمنين ومطاردة النساء والفتيات والأطفال والمحاكمات السريعة الهزلية المصحوبة بأحكام جائرة جنونية وتكميم لكل الأفواه المعارضة وإقصاء لكل الآراء الحرة وذلك لفرض أمر واقع على الأرض بإلغاء الشرعية المتمثلة فى الرئيس المنتخب ومجلس الشورى والدستور المستفتى عليه الذى تم تعطيله وعمل دستور مسخ من لجنة باطلة معينة من سلطة باطلة كل ما فعلته هو إعادة صياغة لدستور المصريين المستفتى عليه عام 2012 بعد أن حذفت منه ما لا يعجبهم وأضافت إليه ما يريدون. هذه الخديعة الكبرى يراد لها أن تصبح واقعًا بالدعوة إلى الاستفتاء على هذا الدستور المسخ لتحقيق شرعية لباطلهم فكما افتعلوا حشد 30 يونيو والتقطوا له صورة مفبركة اعتمدوا عليها فى تبرير انقلابهم، يريدون افتعال حشد آخر لهذا الاستفتاء ليلتقطوا صورة أخرى مفبركة يخرجون بها نتيجة مزورة يخدعون بها الناس بأن الشرعية التى يطالبون بها أصبحت من الماضى وأن انقلابهم أصبح حقيقة مشروعة وينتهجون فى ذلك نفس وسائل التضليل المعروفة التى يمارسونها دائمًا ومنها: 1- خداع الناس بأن هذا الدستور المسخ الباطل سيتم عرضه على الشعب، فى حين أن قيادات القوى الشعبية المعارضة لهذا الانقلاب ونتائجه وعلى رأسهم الرئيس المنتخب كلها مغيبة عن المشهد إما بالخطف والاعتقال وإما بالقتل أو المطاردة. 2- محاولة الحشد لهذا الاستفتاء الباطل ولو بالرفض وقول لا المهم أن تظهر طوابير الناخبين أمام اللجان لتصدير هذه الصورة للداخل والخارج لإضفاء الشرعية عليه ومن ثم التصرف فى النتيجة بالتزوير على طريقة نظام المخلوع مبارك. 3- الزخم الإعلامى الضخم الذى يصرف عليه الملايين من أموال الشعب ويستخدمون فيه جيوش عملائهم فى جهاز الإعلام الذين لا يتورعون عن إفتراء الكذب وتحريه. 4- خداع الجمهور بمناقشة التفاصيل وكأن أمر إنكار هذا الدستور الباطل الناتج عن الانقلاب الدموى الباطل قد تم تخطيه. 5- استخدام الخطاب الدينى الذى أنكروه على غيرهم فى أسوأ صورة عن طريق شيوخ الانقلاب وعلماء السلطة. إنهم يعتمدون فى كل ذلك على القوة الباطشة التى تستطيع -فى ظنهم- الإنفاق الفاحش والحشد المضلل والتأمين المبالغ فيه ثم التزوير والكذب بعد تغييب من يستطيعون الرد ولا سبيل فى مواجهة ذلك بعد الاعتماد على قدرة الله فى تغيير هذا الواقع المرير إلا بالمقاطعة التامة لهذه المهزلة التى يراد لنا الانجرار إليها والمشاركة فى صنعها فاعتبروا يا أولى الأبصار.