فوز ريال مدريد "بالأمر المباشر" على برشلونة 11-1 يعكس كل ما يمثله الكلاسيكو في تاريخ صراع سياسي بين العاصمة الإسبانية ومقاطعة ترغب في الاستقلال. المعركة، الثورة وليلة الحسم، مسميات يطلقها الأسبان علي مباراة الكلاسيكو الأشهر في العالم بين برشلونة وريال مدريد.. الفريقان الأكثر نجاحا واللذان يصطدمان في لقاء جديد الأحد المقبل. وتأتي قصة مباراة عام 1943 لتعبر عن كثير من العلاقة المتشابكة بين الرياضة والسياسة في اللقاء الأشهر عالميا حاليا. في يوليو 1943 كان برشلونة متقدما علي الملكي 3-0 في مباراة الذهاب بكأس إسبانيا. وخلال مباراة العودة على أرض كتالونيا كان النظام يعد العدة للاحتفاظ بالسيادة الكروية في العاصمة الإسبانية لا في يد من يرغبون في الانفصال. وشهد اللقاء العديد من المحاولات لإجبار البلوجرانا على الخسارة، وتعددت الروايات التي خرجت للإعلام، لكنها كلها أجمعت أن هذه النوايا القادمة من مدريد ظهرت جلية على أداء حكم الكلاسيكو. قرر برشلونة الانسحاب خلال فترة الأستراحة، ليجبر ضباط الشرطة لاعبي البلوجرانا على إكمال المباراة، فانتهت بفوز ريال مدريد إجباريا بنتيجة 11-1. وهذه النتيجة ألغاها الاتحاد الإسباني لكرة القدم بعد ذلك بفترة بسبب الأحداث المريبة التي أحاطت بها وأوقف حارس برشلونة الذي وضح عليه مساهمته بشكل غير رياضي في النتيجة. هذا الفوز الإجباري لريال مدريد كان جزء مهما في سياسة الدولة، التي كانت تحكم بيد حديدية من الدكتاتور فرانكو. الدكتاتور
فرانشيسكو فرانكو الرجل الذي قاد انقلابا عسكريا في 1936 وتولي رئاسة البلاد في 1939، مما أدي لحرب أهلية بلغ عدد ضحاياها المليون، وأنتصر فيها الدكتاتور بمساعدة هتلر وموسوليني. وعاني أقليم كتالونيا وعاصمته برشلونه من الظلم والأضطهاد طوال فترة حكم الدكتاتور التي أستمرت حتي وفاته في 1975، إذ وجهت الأتهامات للأقليم بانه منبع المجرمين واللصوص، في حين كان أحد أسباب هذه الاتهامات كان تستر كتالونيا علي معارضي فرانكو ومساندتهم. وصل فٌجر فرانكو لقتل رئيس نادي برشلونة جوزيف صنيول والذي كان أيضا مستشار اقليم كتالونيا وسياسي شهير. وقام فرانكو بعدها بتعين مساعده إنريكي بينيريو رئيسا للنادي الكتالوني في 1940 وحتي 1942، وقام إنريكي بمنع نشيد برشلونة ومحي ألوان العلم الكتالوني من علي شعار النادي قبل أن تثور الجماهير الكتالونية ضده وتطرده. ومع مقتل رئيس نادي البرسا على أيدي أنصار فرانكو إشتاط الكاتالونيون غضباً وقرروا صب جام غضبهم على المدريديين، متجاهلين وقتها أن رئيس النادي الأبيض رافائيل سانشيز سُجن وعُذب أيضاً في الفترة نفسها تقريباً. وساند فرانكو الملكي بكل نفوذة ووفر له جميع الأمكانيات، بينما شن حربا علي كتالونيا وفريقها برشلونة، مما أدى لتحول العلاقة بين الفريقين منذ ذلك الوقت وأدخلها في إطار تحدي ليس له علاقه بكرة القدم. ورغم انتهاء كل ذلك بوفاة فرانكو إلا أن مباريات ريال مدريد وبرشلونة لاتزال تمثل ما يشبه بالحرب الأهلية، لأن مطالب كتالونيا بالانفصال لم تتوقف، وشعور أهل الإقليم بتمييز العاصمة عنهم لم يتوقف. ومع وصولنا لعام 2012، ترتفع هذه الأيام الحناجر من جديد في كتالونيا بمظاهرات حاشدة تطالب بالاستقلال التام يدعهما رئيس برشلونة ساندرو روسيل والمدير الفني السابق للفريق جوسيب جوارديولا. لهذا من المؤكد أن تلك الروح السياسية ستظهر مجددا في مباراة الكلاسيكو المرتقبة لتضيف إلى قوتها بعدا جديدا يضاف لقيمتها الكروية على قمة إسبانيا.