بدأ موسم أرسنال أمام نيوكاسل بنقطة يتيمة من تعادل سلبي أمام عدد لا بأس به من مشجعيهم انطلق شمالا خلف المدفعجية إلى ملعب سان جيمس بارك العريق. وبسبب أداء الفريق، وإعلان سمير نصري رغبته في الرحيل، تعرض الجناح الفرنسي إلى هتافات معادية من جمهور فريقه، الذي اتهمه بالجشع والأنانية، على الرغم من غيابه عن اللقاء أصلا بسبب المرض. صب اللعنات على نصري تواصل عبر الإنترنت سواء في أكثر من بلوج يهتم بأخبار النادي، أو عبر Facebook وTwitter وهو سلوك ليس غريبا على مواطني استاد الإمارات، وتعرض له أكثر من لاعب سابق في مواقف مشابهة، ولم يفلت منه سوى عظماء الفريق لأسباب سيتم توضيحها لاحقا. فمعظم مشجعي أرسنال يفكرون في لاعبيهم الذين انضموا خلال السنوات الست الأخيرة بطريقة مصرية إلى حد ما، فتجد كثيرا منهم يصفون من يطلبون الرحيل بما يشبه التالي: أحضرناه لناد لم يكن يحلم به، أعطيناه راتبا لم يحصل يوما على نصفه، أخذ شهرة عالمية لم يتخيلها، والآن يريد الرحيل ... "صحيح لاعيبة زي القطط تاكل وتنكر". الوصف السابق ينطبق على إيمانويل أديبايور (سجل 18 هدفا في 79 مباراة مع موناكو، منهم هدف واحد فقط في أخر موسم قبل الانضمام إلى أرسنال) وعلى ماثيو فلاميني (لعب 17 مباراة فقط مع الفريق الأول في مرسيليا قبل أن يصبح نجما في لندن) وألكسندر هليب (انضم من شتوتجارت حيث لم يكن معروفا سوى لمتابعي الدوري الألماني، وفشل مع برشلونة بعدما صمم على مغادرة الفريق) وحتى نصري نفسه، رغم حضوره من مارسيليا نجما ولاعبا دوليا. هذا الغضب لم يتكرر تجاه تييري هنري أو باتريك فييرا، على الرغم من أن أسباب الثنائي للرحيل لا تختلف كثيرا في مجملها عما دفع نصري وفلاميني وأديبايور وهليب إلى طلب الرحيل. فهنري قرر الذهاب عن موطنه أرسنال (بحسب كلماته) لأن النادي لم يلب رغباته في التعاقد مع مزيد من اللاعبين الكبار كي يتمكن من اعتلاء منصات التتويج، فيما كانت أبرز سنوات مشواره على وشك الانتهاء. وبالفعل حقق في ثلاث سنوات مع برشلونة ألقابا للدوري الإسباني ودوري الأبطال ووضع بصمة لم يكن سيتمكن من تركها في حال البقاء مع مجموعة الناشئين التي قادها بمعجزة إلى نهائي أوروبا في 2006. أما فييرا، فلم يرض بالحصول على عقد قصير براتب زهيد، وانطلق إلى إيطاليا حيث فاز مع يوفنتوس بعقد أعلى قيمة، وبطولة للدوري الإيطالي (تم سحبها لاحقا) ثم عقد ممتاز مع إنتر ميلان وثلاث بطولات اسكوديتو أخرى أضيفت إلى تاريخه العامر بميداليات الشرف. ولكن الثنائي السابق ذكره كان من أعمدة انتصارات نهاية التسعينات وبداية الألفية الثالثة، خاصة الفوز بالثنائية المحلية وانتزاع لقب الدوري بلا هزيمة في إنجاز تاريخي، وهو ما شفع لهما طلب الرحيل. ولكن المشجعين لا يتورعون عن ذبح الأجيال الجديدة من لاعبيهم الراغبين في المغادرة كونهم لم يتركوا رصيدا من الذهب مع أرسنال، رغم أنهم ليسوا مسؤولين عن فترة الجفاف التي يمر بها النادي منذ 2005. مدرب بلا طموح إذن فمن أسباب طلب الرحيل جمهور أرسنال، المتحفز ضد لاعبيه دائما على الرغم من وداعته الواضحة في ملعب الإمارات أمام المنافسين (سيسك فابريجاس قائد الفريق حتى أيام قليلة ماضية قال إن الملعب أحيانا يشبه المكتبة في هدوئه!) .. ولكنه ليس السبب الأقوى، الذي يتمثل في ضعف طموح أرسين فينجر، ومن خلفه إدارة النادي.
فمعظم مشجعي أرسنال يفكرون في لاعبيهم الذين انضموا خلال السنوات الست الأخيرة بطريقة مصرية إلى حد ما، فتجد كثيرا منهم يصفون من يطلبون الرحيل بما يشبه التالي: أحضرناه لناد لم يكن يحلم به، أعطيناه راتبا لم يحصل يوما على نصفه، أخذ شهرة عالمية لم يتخيلها، والآن يريد الرحيل ... "صحيح لاعيبة زي القطط تاكل وتنكر". وفيما خصصت مساحة الحلقة الأولى كاملة للحديث عن رومانسية أرسين فينجر وعدم جدواها، فإن جانبا أخر من شخصيته هو ما يتسبب في دفع أبرز لاعبيه لطلب الرحيل عاما بعد عام، ما يحرم أرسنال من جني ثمار مواهب ظل يرعاها طويلا وهي مجرد بذور. فقبل نهاية الموسم الماضي، وتحديدا في أبريل 2011، وبعد انتهاء منافسة أرسنال على ثلاثة ألقاب من أصل أربعة في غضون أسبوعين فقط، فاجأ فينجر المشجعين بالتصريح التالي: "إذا كان هناك من يشعر بالإحباط من إنهاء الدوري في المركز الثاني، فأقول ليتنا نكون على نفس هذا المستوى ل20 عاما مقبلة. أنا فخور بالفريق، وسأكون سعيدا إذا أنهينا البطولة في المركز الثاني لمدة عشرين سنة!" حسنا، فينجر هو أنجح مدربي أرسنال عبر التاريخ (حقيقة علمية برغم الخسارة بالثمانية) ولكن ما ذنب سيسك فابريجاس مثلا أن يقضي كل ما تبقى من عمره في الملاعب ليحصل على المركز الثاني فيما يطلبه برشلونة صاحب الألقاب السنوية؟ لماذا يقبل نصري اللعب على المركز الثاني ومجرد التأهل إلى دوري الأبطال إذا كان روبرتو مانشيني يبني فريقا للمنافسة على الدوري بعدما تمكن بالفعل من انتزاع كأس إنجلترا الموسم الماضي؟ إضافة إلى ذلك، يمكن للجميع أن يكون أكثر صراحة: لماذا سيقبل لاعبو أرسنال بمبالغ تقل عن نصف ما يعرض عليهم في أندية أخرى؟ فإذا كان فينجر لا يهتم بزيادة عقده (يحصل على ستة ملايين استرليني في الموسم)، فذلك لأنه يستطيع الاستمرار في عمله لعشرين عاما أو أكثر (أمضى بالفعل 15 مع أرسنال حتى الآن) ولكن لماذا يرضى لاعب براتب زهيد وعمره في الملاعب أقل من عمر المدرب؟ بل أن قيمة اللاعب تقل عاما بعد عام مع تقدمه في السن بعكس المدير الفني الذي قد يحصل على أموال أكثر كلما زاد عدد بطولاته. ربما كان هؤلاء الملعونين الآن مجرد لاعبين واعدين قبل سنوات، ولكنهم الآن - بفضل أرسنال وفينجر – أصبحوا نجوما، فلماذا لا يسعون إلى إكمال نجوميتهم بمزيد من الألقاب خارج النادي إذا كان طموح النادي يتوقف عن هذا الحد؟ ولماذا يتعرضون الآن لاتهامات بالطمع بسبب رغبتهم في الاستزادة المالية، على الرغم من أن نصري وأديبايور تركا مرسيليا وموناكو بعدما لوح لهما أرسنال بضعف الراتب الذي كان كل منهم يتقاضاه في فرنسا؟ أم كان ذلك طموح وهو الآن جشع؟ إذا ظلت الأوضاع على ما هي عليه: انتظروا رحيل تيو والكوت بعد موسمين، توماس فيرمايلين قد يسبقه، وروبن فان بيرسي لولا الإصابات المتتالية لكان رحل بالفعل، أما جاك ويلشير فسيكون هدفا للعنات ربما بعد كأس العالم 2014! -- ولكن لماذا لا يتدخل مجلس الإدارة؟ لماذا يترك فينجر يمنح الأموال من يشاء ويمنعها عمن يشاء؟ لماذا لا يحاسبه على سنوات بلا ألقاب بل ويسترضيه ويستبقيه بعقد جديد أعلى قيمة على الرغم من غياب البطولات؟ كيف يدار أرسنال سيكون موضوع الحلقة الثالثة والأخيرة من "زلزال أرسنال" بعد أيام.