أجنبي؟ لأ محلي، ربما نوكل المهمة لجوزيه بجانب الأهلي، ولو رفض فلحاول مع حسام.. لكن هل هذا الاسلوب في الاختيار يخدم مصلحة المنتخب أم فقط يهدف لإرضاء حشد جماهيري؟ دائما نسمع "القوالب الصحفية" نفسها من المسؤولين وبعض المحللين: لماذا مدرب محلي؟ لأنه يفهم طباع اللاعب المصري، متناسين إنجازات هيديكوتي وجوزيه مع الأهلي. إذن الأجنبي أفضل، لماذا؟ لأن المحلي يحب ويكره ويدخل العواطف في عمله. دون أن يعطونا تفسيرا لماذا شحاتة ومن قبله الجوهري قادا الفراعنة لأغلب الإنجازات الكروية لمصر. لكني أتمنى هذه المرة ألا تدار القصة بسطحية أو باستخدام "كليشيهات" اعتدنا سماعها منذ بدأنا نسمع. كيف نختار؟ فلنحدد أولا أهدافنا من المرحلة المقبلة، وغالبا سنجمع على أنه "الوصول لكأس العالم"، ثم نرى ماذا كان ينقصنا في الفترات الماضية ومنعنا من تحقيق هذا الهدف. نضع أسماء المدربين المتاحين حاليا ويملكون القدرة على علاج هذه النواقص، ليصبح لدينا في النهاية لائحة من المرشحين القادرين على قيادة المنتخب. بعد ذلك نصمم أسئلة تعكس قدرات المدرب المرشح للمهمة، ثم نجلس مع كل اسم في اللائحة لنحاوره ونسأله عن كيف يرتب لتحقيق هدفنا المنشود، ومن يقنعنا أكثر نختاره. هذه هي وصفتنا. ولن يكون ذلك تقليلا من شأن المدرب، بعكس ما قاله شحاتة حين طالبوه باجتماع مشابه لإثبات أحقيته بقيادة نيجيريا في كأس العالم، وظفر لارس لاجرباك مدرب السويد السابق بالمهمة. فهذا الاسلوب يتم تطبيقه في العديد من الأماكن الناجحة كرويا أندية ومنتخبات، وحدث مع كابيللو نفسه في إنجلترا وهو من هو في التدريب، بغض النظر عن النتائج التي يحققها حاليا. حسنا دعونا نبدأ في التطبيق، ولنأخذ مثالا ونرتب عليه خطواتنا، بداية دعونا نرى ما هي العيوب التي أدت لعدم تأهلنا للمونديال، لتكون منارتنا في اختيار المدرب القادم لمنتخب مصر. عيوب المعلم يقول حسن شحاتة في حوار مطول أجراه مع قناة التحرير: "كنت دائما أجيد في البطولات المجمعة، لكني أقر بأن عرضونا كانت سيئة في مباريات التصفيات". ربما يرى البعض في فريق يقارع البرازيل ويسحق كوت ديفوار ثم يخسر من النيجر أزمة نفسية، لكني أرى كذلك مشكلة خططية صاحبت مشوار مصر مع المعلم منذ تولى المسؤولية. مصر مع المعلم كانت تفوز في أغلب المباريات التي يكون فيها منافسنا قويا، وكان شحاتة يعرف كيف يحضر للقاء لابد له من منتصر، أو بمسمى أخرى مباريات الكؤوس knockout. فمباريات التصفيات تتطلب منك جمع النقاط، وبالتالي البحث عن الفوز حتى حين يكون خصمك مدافعا، وهذا مالم يكن يتحقق. وطريقة 3-5-2 ومشتقاتها تنجح دوما في المباريات التي يكون منافسك فيها فريق هجومي يفتح خطوطه ويتقدم لمهاجمتك، وهذا ما حدث أمام منتخبات من عينة كوت ديفوار والكاميرون.
كابيللو خضع لمقابلة حتى يثبت لماذا هو الأحق بقيادة إنجلترا فقد كنا ناجحين أمام الكبار، أولا في الدفاع بسبب نظامنا المحكم والعمق الذي كان يخلقه هاني سعيد، مع وجود خمسة لاعبين ملتزمين بقواعدهم في الخط الخلفي أمامهم ثنائي ارتكاز. كذلك ولأن خصمنا "القوي" يفتح خطوطه أثناء مهاجمتنا، كانت مرتدات مصر دائما ناجحة لأننا لا نحتاج فيها إلى كثافة عددية، ويكفينا أربعة لاعبين فقط من أصحاب المهارات لتنفيذها. والحق يقال، شحاتة أفضل من كان يعد الفريق المصري لتناقل الكرة في المرتدات بسرعة وثقة وإتقان، حتى لتشعر من كثرة نجاحنا في تنفيذها أن الفراعنة يقدمون عرضا هجوميا لا دفاعيا. لكن حين كان منتخب مصر يواجه فريقا دفاعيا، فإن الرباعي المصري المسؤول عن الهجمات لا يصبح كافيا لفك دفاعات الخصوم المتكتلة. ففي مباراة جنوب إفريقيا الأخيرة، كنا نلعب بثلاثة لاعبين في قلب الدفاع، وثنائي ارتكاز أمامهم، ما أثر سلبا على كثافة هجماتنا خاصة وأن الأولاد لعبوا بخطة دفاعية متقنة. كما أننا لم ندافع بشكل جيد لأن منتخب مصر كان مطالبا بالهجوم، وبالتالي لعب وائل جمعة ومحمود فتح الله وحسام غالي متقدمين وبينهم مساحات شاسعة، فخسرنا كل شيء. إذن ما نستخلصه من هذا، أن منتخب مصر يحتاج لينجح في التصفيات إلى مدرب يجيد استخدام خطط فيها كثافة هجومية، ويعرف أيضا كيف يستخدمها بتحصين دفاعي. وقد حاول المعلم تطبيق 4-4-2 أكثر من مرة، لكنه لم ينجح في ذلك ربما لأن هذه الأساليب معقدة نوعا. فمثلا اسلوب الدفاع والتغطية والرقابة يختلف لو كنت تلعب أمام خصم يستخدم مهاجما واحدا عنه لو كان يستخدم ثنائي هجوم. لائحة المرشحين الآن دعونا نضع لائحة بالمرشحين القادرين – ولو نظريا – على استخدام مشتقات 4-4-2، سنجد: حسام حسن، طلعت يوسف، طارق العشري، طارق يحيى، ولنستبعد مختار مختار وطه بصري من الأسماء المطروحة فعليا في وسائل الإعلام. وطبعا قد نضيف اسم مانويل جوزيه لو كان فعلا يمكن تصنيفه كخيار للمنتخب، وذلك بالنظر لسجله الضخم وخبرته الكبيرة، ما "قد" يجعله قادرا على تطبيق مشتقات 4-4-2. الخطوة الثالثة تكون تصميم ما يشبه جلسة عمل فيها أسئلة عن بعض أفكاره الخططية والتدريبية، ولنختار بعد ذلك من يقنعنا أكثر. وبالمناسبة هذه الخطوة هامة جدا لتقييم بعض الأسماء المطروحة مثل طلعت يوسف المدير الفني لاتحاد الشرطة والذي يقدم مستويات كبيرة مع الفرق التي يقودها دائما. يوسف دائما يتهم بأن كرته دفاعية، برغم أن بإمكاننا تبرير ذلك نظريا بأنه لم يٌختبر من قبل ومعه فريق قوي يملك لاعبين قادرين على تطبيق خطط تزيد فيها النزعة الهجومية. ومن يعلم ربما لو استمعنا لتفسير منه، نمنحه الفرصة ويتضح في النهاية أنه مثل مورينيو، يدافع حين يكون هذا أنسب، لكنه أيضا يعرف كيف يهاجم بكثافة عددية، وبأمان أيضا. الأسئلة ومديرها من سيسأل المدير الفني المقبل عن خططه ليقيم إجاباته؟ سنجد أننا لا نملك شخصا للعب هذا الدور، حتى المدير الفني لاتحاد الكرة فتحي نصير تم تحييده وإبعاده عن المنتخب الأول.
كرويف "الخبراء" الذين يحددون المتطلبات الموجودة في المدير الفني قبل التعاقد معه ودائما ما تحاول اتحادات الدول المتقدمة كرويا الاستفادة من الخبرات التي تخطت مرحلة التدريب في مناصب إدارية فنية، فتجد أن ساكي يعاون ألبرتيني في إيطاليا على سبيل المثال. ويوهان كرويف اسطورة أياكس يحدد سياسات النادي الهولندي وكان له دور في التعاقد مع فرانك دي بور مديرا فنيا وبيع لويس سواريز والاعتماد على قطاع الناشئين، لدرجة أن الجهاز الإداري استقال بالكامل لأن أفكارهم مختلفة عن "ملهم الكرة الشاملة". لكن سمير زاهر ومجدي عبد الغني وأيمن يونس يلعبون هذا الدور "بفهلوة" أكثر منها علم، وبالتالي ربما قلل ذلك من جودة النتائج النهائية، برغم امتلاك مصر لخبرة وقدر الجوهري. أخيرا، أقدم لكم بعض الأسئلة التي وٌجهت للمدربين الذين خضعوا لمقابلات مع اتحاد الكرة الإنجليزي حين كان يبحث عن خليفة لستيف مكلارين. لاحظوا هنا أن الإجابات المثالية أحيانا تكون حاضرة لدى من يسأل، فمثلا يكون المنتخب بحاجة لمدير فني يكثر من حديثه مع اللاعبين، ويكون السؤال: كيف تتواصل مع لاعبيك؟ هل تتحدث كثيرا أم تترك بينك والنجوم مسافة لحفظ هيبتك؟ أمثلة أخرى 1. كيف يمكنك تحضير فريق بدنيا وذهنيا في فترة تجمع قصيرة؟ 2. هل تسعى للتنسيق مع مدربي فرق الدوري بشأن لاعبي المنتخب؟ وكيف؟ 3. كم يوم تحتاجه وكم مباراة ودية ستطلب قبل كل مباراة في التصفيات؟ 4. في تعاملك مع الصحافة، هل سيكون لدى الجهاز متحدث رسمي أم الجميع سيتحدث؟ 5. أنت شخص عصبي (مثلا)، ويجب أن نضع معك مساعدا أهدأ منك، فهل تقبل بذلك؟ 6. هل تنوي ضم لاعبين من منتخبات قطاع الناشئين والشباب؟ كيف ستغير دماء الفريق؟ 7. هل لديك سياسة معينة بشأن اللاعبين الكبار؟ كيف ستختار قائد الفريق؟ 8. ما الخطة التي تفضلها؟ وما هو الاسلوب الذي تراه مناسبا للدفاع أو الهجوم؟ 9. كيف تختار جهازك المساعد وماذا يميز كل منهم وما الذي سيضيفونه؟ 10. كيف تتغلب على عامل اللغة (لو كان المدرب أجنبيا)؟ وهكذا.....