"كرة القدم هي 11 لاعبا يلعبون ضد 11 لاعبا، وفي النهاية يفوز الألمان" هكذا عرف جاري لينيكر هداف إنجلترا التاريخي كرة القدم، وهذا ما يؤكد الهواجس الإنجليزية. أثبتت هزيمة إنجلترا أمام ألمانيا برباعية أن الإنجليز مهما بلغت قدراتهم الفردية و قوة مسابقتهم المحلية أو امتلاكهم لأفضل المدربين، لا يمكنهم التخلص من الهواجس و "العقد" التاريخية. بالطبع لم تقدم إنجلترا الأداء المتوقع منها منذ بداية المونديال، ولكن الخسارة برباعية أمام منتخب ألماني شاب يعد أمرا قاسيا على فريق يمتلك تلك الأسماء اللامعة والمدرب المخضرم. هزيمة إنجلترا لا يتحملها فقط ضعف مستوى روني أو جيرارد وتيري أو سوء الخطط والتكتيك الذي يتبعه كابيللو، ولكنه يعود إلى هواجس تطارد الإنجليز فور الوصول للمونديال. فنجوم الإنجليز يعانون من أزمة نفسية من مباريات المونديال بسبب الضغط الإعلامي والجماهيري الكبير الذي يصاحب الأسود الثلاثة منذ التأهل للبطولة.
أين روني ؟ فمن يصدق أن روني الذي سجل ما يقرب من 150 هدفا برفقة مانشستر يونايتد، لم يحرز أي هدفا حتى الآن في كأس العالم على مدار 9 مباريات في بطولتين؟ ومن يمتلك تفسيرا لما يجري لحراس مرمى إنجلترا في مباريات المونديال رغم تألقهم غالبا في الدوري الإنجليزي؟ ولنا في ديفيد سيمان وبول روبنسون وروبرت جرين وديفيد جيمس عبرة. فالإعلام الإنجليزي الذي يمتلك القوة والتأثير الأكبر في أوروبا والعالم يضع منتخب الأسود على رأس المرشحين لأي بطولة فور الصعود إليها مما يؤثر بشدة على اللاعبين مهما كانت خبراتهم. فقد تعجبت كثيرا عندما قرأت تصريح لستيفن جيرارد عقب مباراة الجزائر قال فيه "علينا أن نتعلم كيف نلعب تحت ضغط" خاصة أنه خرج من القائد المخضرم. فالجميع يتذكر كيف تحمل قائد ليفربول ضغط التأخر بثلاثية أمام ميلان وقاد زملائه لتحويله إلى فوز في نهائي دوري أبطال أوروبا 2005، ولكن بعد مباراة ألمانيا آمنت بما قاله.
فنجوم الإنجليز يعانون من أزمة نفسية من مباريات المونديال بسبب الضغط الإعلامي والجماهيري الكبير الذي يصاحب الأسود الثلاثة منذ التأهل للبطولة. فالمنتخب الإنجليزي ظهر تائها منذ بداية المونديال رغم أنه اتبع نفس طريقة اللعب التي خاض بها التصفيات والتي لم يخسر بها سوى مباراة واحدة منذ تولي كابيللو المسؤولية. ولاعبو إنجلترا ظهروا كأشباح لم يقدم أي منهم مستواه المعهود، تحركوا بثقل شديد وكأن أرجلهم محملة بالرمال، أغلب تسديداتهم خرجت ضعيفة وأخطائهم كانت كارثية، ولا أعتقد أن هذه الأمور فنية. قد يعتقد البعض أن غياب ريو فرديناند أو ديفيد بيكام عن المونديال أثر على الفريق، ولكني أرى أنه لم يفرق كثيرا، فقد كانوا حاضرين من قبل في 2002 و2006 ويورو 2004. فالأزمات النفسية تطارد الإنجليز منذ مونديال 1986 سواء بالخسارة الدائمة أمام ألمانيا أو الأرجنتين، أو من عقدة ركلات الترجيح التي أخرجتهم من معظم البطولات الكبرى التي شاركوا فيها في آخر 20 عاما. خطأ الأسود ومدربهم الإيطالي لم يكن فني أو مهاري، ولكنه كان في فشلهم في التعامل مع تلك الضغوط والاستعداد لها بدلا من الإيمان بأنهم أقوى المرشحين للقب دون إعداد نفسي لذلك. ملحوظة أخيرة: الضغوطات النفسية هي ما حرمت مصر من المونديال لصالح الجزائر، وعندما واجهناهم دون ضغوط فزنا برباعية نظيفة.