ربما تمنى البعض وصول برشلونة إلى نهائي دوري أبطال أوروبا أو حتى تواجد مانشستر يونايتد أو أرسنال لكن المؤكد أن وصول بايرن ميونيخ وإنتر ميلان يضمن استمرار المتعة لسنوات أطول. أولا : دعونا نعترف أن بطولة هذا العام اتسمت بالكلاسيكية بوصول أربعة أندية من دول مختلفة إلى الدور نصف النهائي تماما مثلما كان يحدث في الثمانينات والتسعينات عندما كانت المشاركة مقصورة على بطل الدوري فقط في كل دولة فجاءت المنافسة بين ممثلي إسبانياوفرنسا وألمانيا وإيطاليا وغاب الإنجليز. وغياب الأندية الإنجليزية تحديدا أنقذ البطولة من الرتابة بعدما احتكرت الوصول إلى الدور قبل النهائي كل عام وسنحت الفرصة لفرق أوروبية أخرى أن تحصل على عائد مالي أكبر من المشاركة في دوري أبطال أوروبا. فالمعروف أن بطولة أوروبا بشكلها الحديث جاءت لتضم أغنى أندية القارة وأعرق الأندية في مسابقة واحدة وهو ما فتح الباب لمنح أكبر فرصة للمشاركة أمام أندية إنجلتراوإسبانيا وإيطاليا وذلك لمنع شبكة "سكاي" من إنشاء مسابقة خارج مظلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يوفا) خلال التسعينات. لكن بعد سنوات من تطبيق هذا النظام ازدادت الأندية الكبرى ثراء بشكل مخيف لدرجة أنها باتت تحتكر المراكز الأولى في الدوريات المحلية بالتبادل مثل الأربعة الكبار في إنجلترا ومجموعة الأربعة في إيطاليا وثنائي إسبانيا وحتى فرنسا التي تميزت طويلا بتساوي كل الأندية في القوة احتكر فيها ليون البطولة طويلا. والمدهش أن مؤخرا بدأت فجوة أخرى تظهر داخل أندية أوروبا الكبرى بوجود فئة "سوبر" مثل ريال مدريد ومانشستر يونايتد وتشيلسي وهؤلاء لا أحد يستطيع منعهم من ضم لاعبين بأغلى الأسعار بفضل تمويلهم من إداراتهم وحصولهم على أرباح صخمة نظير الفوز بالبطولات وبيع شعاراتهم للرعاة. وما زاد الطين بله هو الشغف العالمي بالدوري الإنجليزي الذي جعل عائد نقله تلفزيونيا أعلى بكثير من نظيره الألماني أو حتى الإيطالي وهو ما جعل فريق مثل بايرن ميونيخ بمثابة فريق درجة ثانية بين الكبار وتسبب في اختفاء الأندية الهولندية من على الساحة وعلى رأسها أياكس وتراجع مرسيليا الفرنسي وبنفيكا البرتغالي ولاتسيو الإيطالي. فعلى سبيل المثال الفريق الفائز بدوري أبطال أوروبا يحصل على تسعة ملايين يورو من النهائي وحده بينما يحصل الصاعد إلى دور ال16 على ثلاثة ملايين يورو فقط، كما تحصل الفرق على مقابل مادي أعلى مقابل كل انتصار تحققه في البطولة فمثلا الفريق الصاعد من مجموعته بست انتصارات يحصد ما يقرب من 15 مليون يورو، وكل ذلك بخلاف نصيب النادي من عائد البث التلفزيوني والذي تحصل من خلاله أندية إنجلتراوإسبانياوفرنسا على أعلى عائد لارتفاع نسبة المشاهدة فيها وتوجه الإعلانات إلى جمهورها أكثر من الدول الأخرى. وبمرور سنوات صارت هناك مجموعة احتكارية من الأندية الكبرى التي تعاظمت ثرواتها بصورة مذهلة، ويكفي أن نتذكر أن عام 2003 حينما بلغ فريقا بورتو البرتغالي وموناكو الفرنسي نهائي البطولة بعد مفاجآت كبيرةتم شراء كافة نجومهم بواسطة كبار أوروبا من برشلونة والريال وتشيلسي وغيرهم.
بايرن ولذلك يبقى وصول الإنتر وبايرن وهما أحد أعضاء نادي الكبار القديم إلى النهائي مكسبا لكل من يحب الكرة ويتمنى استمرار الندية والمنافسة، فالأول وصل بعد غياب 38 عاما أما الثاني فبعد غياب تسع سنوات. ولعل الكثير منا يذكر كيف كان بايرن فريقا مخيفا منذ عشر سنوات بفضل امتلاكه أبرز نجوم الكرة الألمانية من عينة أوليفر كان وستيفن إيفنبرج (برخامتهما المعهودة) بالإضافة لنجوم شرق أوروبا لكن ميزانية النادي لم تعد قادرة على مجاراة الإنجليز والاسبان في السنوات الأخيرة. وبالتالي رغم غياب مواهب مثل ميسي ورونالدو عن النهائي يبقى وصول بايرن وإنتر لنهائي البطولة في مدريد مكسبا للكرة الأوروبية ولاستمرار المتعة وإنهاء احتكار برشلونة وميلان ورباعي الأندية الإنجليزية للمربع الذهبي كل عام لأن البطولة في السنوات الأخيرة باتت أشبه بفيلم مكرر يصل فيه ذات الأبطال إلى ذات النهاية بداية من دور الثمانية مع تبادلهم المنافسين كل مرة. نسخة المدربين ثانيا : شهدت نسخة هذا الموسم تنامي الدور الذي يلعبه المدير الفني في تحديد النتائج بدون وجود نجم وحيد يصنع الفارق مثلما فعل ميسي عام 2009 مع برشلونة ورونالدو مع مانشستر عام 2008 وكاكا مع ميلان عام 2007، فالبطل هذا العام هما جوزيه مورينيو مدرب الإنتر ولويس فان جال مدرب بايرن. الأول نجح في إيجاد خليط متماسك من فريق اعتاد ضم أبرز نجوم العالم وتحقيق أسوأ نتائج في العالم وقاد الإنتر ببراعة خصوصا في أهم مبارتين أمام تشيلسي في لندن وأمام برشلونة في ميلانو. أما الثاني فقد نجح في تصحيح أخطاء التشكيل التي ارتكبها بنفسه مطلع الموسم الجاري مع بايرن فتحسنت النتائج في البوندزليجا وفي دوري الأبطال وعاد الفريق من بعيد أمام مانشستر يونايتد كما سحق يوفنتوس برباعية تاريخية. ثالثا : منذ بداية الموسم الجاري كتبت مقالا عن خسارة برشلونة الفادحة برحيل صامويل إيتو وهو ما بدا واضحا في اللقاء الأخير ليس لأن زلاتان إبراهيموفيتش متذبذب المستوى لكن لأن أسلوب لعب الأول كان يتماشى مع السرعة المذهلة للنصف الهجومي في البارسا، ومن الملحوظ أن الصخب الإعلامي الذي أحاط بالنجمين في أول لقاء للبارسا مع إنتر هذا الموسم تلاشى تماما ليلة الأربعاء وذلك لأن كلاهما لم يعد رجل فريقه الأول كما كانا منذ موسم مضى.. مازلت أراها صفقة مضرة للطرفين.
سؤال الموسم أخيرا : بعد أن صار مورينيو هو الوحيد الذي نجح في قهر برشلونة خلال العامين الماضيين .. هل تتفق معي في أن فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد على استعداد لفعل أي شيء شرعي أو غير شرعي لإقناع المدرب البرتغالي بالانضمام للنادي الملكي حتى وإن تطلب الأمر عشاء عمل مع ماسيمو موراتي ينتهي بشيك من سبعة أصفار.؟ .. يبدو أن صيفا صاخبا سيكون في انتظارنا مع موسم الانتقالات.. في انتظار تعليقاتكم. تابعوني على تويتر http://twitter.com/nasry أو على فيس بوك http://bit.ly/cW1B4r لقراءة شرح بالإنجليزية لقواعد توزيع أرباح دوري أبطال أوروبا من موقع اليوفا رجاء زيارة هذا الرابط. http://www.uefa.com/uefachampionsleague/finance/index.html