شوبير يهاجم مرتضى .. مرتضى يرد على شوبير .. رائحة الصراع تزكم الأنوف وتجذب ضباع الغابة الإعلامية التي راحت تحوم حول الطرفين .. لكن ما ذنب المشاهد؟ لا أفهم ولا أدري ما هي قيمة الصراع أو المشكلة القائمة بين الإعلامي أحمد شوبير والمستشار مرتضى منصور فالخلاف بينهما قديم ومبني على صراعات متبادلة يستخدم فيها كل طرف أسلحته. لكن ما يعنيني بشدة هو أني كمشاهد من بين عشرات المشاهدين لا ذنب لي في مشاهدة الصراع بينهما ينتقل من شاشة إلى شاشة أخرى وكأنما قضايا الرياضة المصرية انتهت وتوقفت عندهما. فلا شوبير ولا مرتضى يمارسان الرياضة حاليا ولا هما بمدربين أو من رؤساء الأندية أو الاتحادات لكن للأسف الشديد تعاملت القنوات الفضائية بمختلف توجهاتها مع المشكلة بمنطق تجاري بحت .. فالمذيع الشهير و المستشار المثير للجدل كلاهما نجم شباك، وبعقلية المنتج التجاري لا يمكنك أن تقنع اثنين من هذا الطراز بالظهور في فيلم واحد كل يوم .. إذن فهي فرصة لإقامة حفلة يومية على شرفهما. وبالفعل حدث ذلك عبر مختلف الشاشات فكل برنامج يستضيف شوبير يقوم بالاتفاق مع مرتضى على الدخول على الهواء تحت شعار الحيادية والموضوعية .. و"يا كابتن لازم نسمع الطرف الآخر" و"هو ده الإعلام الموضوعي". بل أن بعض البرامج تمادت في الموضوع وبدأت في الترويج لفكرة المصالحة بين الطرفين .. وكأنما المصالحات من هذا النوع تنتهي على الهواء وأمام عدسات الكاميرات وداخل ستديوهات الوهم، وكأن المشاهدين قادمين من كوكب آخر. ما حدث ببساطة لا علاقة له بالإعلام الموضوعي ويعيدنا إلى منطق الغابة حيث تلتف الضباع حول صراع بين وحشين شرسين لثقتها التامة في أن أحدهما سيثخن جراح الآخر حتى يسقط كفريسة جاهزة لها. وبالطبع من الواضح للغاية أن الهدف هو جذب المشاهدين وتحقيق "شو إعلامي" بينما الموضوعية والمنطق يقولان أن في مثل هذه الحالات يمكن للقناة الواحدة أن تستضيف الطرفين كل في وقت مختلف أو أن تطرح ذات الأسئلة على الطرفين وتعرض الإجابات من هنا وهناك على كل سؤال والحكم للمشاهد.
كفاكم متاجرة بمشاعر البسطاء لكن بالطبع لابد من وضع الطرفين في مواجهة بعضهما البعض كالعادة المصرية في وضع النار بجوار البنزين .. ثم فجأة يحدث حريق !!! .. لنتساءل طويلا لماذا اندلعت النيران؟ وليت الأمر توقف عند التمثيليات التلفزيونية بل امتد إلى تصفية الحسابات فكل برنامج مختلف مع شوبير أو مرتضى لابد أن يتشفى في أحد الطرفين .. بالطبع بعدما ينفث سمومه على المشاهدين لابد أن يختم تعليقه بمقولة "نحن لسنا طرفا في القضية". وما زاد على ذلك قيام مرتضى بمداخلة في برنامج "الرياضة اليوم" للاعتراض على الهجوم عليه بواسطة أحد المشاهدين في قناة "دريم" .. فهذا هو حق الرد. ببساطة شديدة .. الساعات التي خصصت لمتابعة هذه القضية كشفت الحال الذي وصل إليه الإعلام الرياضي خصوصا التلفزيوني وهو المستوى الذي بلغ ذروته مع كأس الأمم الإفريقية الأخيرة حينما تفرغ البعض لتحريض الجماهير ضد قناة الجزيرة لمجرد قيامها باستخدام حقها في إذاعة البطولات الكبرى عبر شاشتها .. ومع قيام مخرج شهير بتحدي الجزيرة على "أن تنزل له في مواجهة ستدويو لستوديو" على طريقة "اطلع لي بره". ووبات المشاهد مطالبا بصورة يومية بمشاهدة برنامج المذيع صاحب الإشارة النابية بإصبعه والمذيع الذي يتفنن في سب الحكام والمذيع المنحاز لنادي بعينه ردا على إنحياز الإعلام لناد آخر، هذا بخلاف مسلسلات الجاهل والبغبغان .. وحتى في برامج أحمد شوبير نفسه على المشاهد أن يتقبل فكرة انحياز الأخير إلى أشخاص بعينهم أو أراء محددة، وحتى في قناة الأهلي كان التعصب لغة سائدة قبل انصلاح الحال قليلا بداية الموسم الجاري. ولا يتوقف الأمر على ذلك بل أن المشاهد العادي لا يفهم أحيانا لماذا تستضيف قناة معينة رئيس ناد معين لاتخاذ موقف ضد باقي أعضاء مجلس الإدارة ولماذا يتم الاتفاق مع بعض الأشخاص لتصوير مظاهرات شعبية مزعومة من الواضح تماما أن من يقوم بها من المأجورين. ولماذا تشاهد تقريرا في منتهى الجدية عن واقعة فساد في ناد ما ينتهي بتعليق لطفل في الخامسة من عمره يستنكر ما يحدث داخل النادي بعدما تم تلقينه هذه الكلمات؟؟ وكأنما القناة تؤكد أنها "بتهرج"، ولا مانع من أن يتم استضافة نجل المخرج أو مقدم البرنامج وسماع رأيه على الهواء في ما يقدمه بابا أو يخرجه. وحتى التقارير الخارجية التي يتم إجرائها ولا تجد من يراجعها ليسمع المشاهدون شتائم وألفاظ للشماتة في جماهير الفريق المنافس.
الإعلام الرياضي يحتاج إلى إعلاميين أصحاب مصداقية بعدما سقطت الأقنعة عن غالبية الوجوه الموجودة حاليا. انفتحت أبواب القنوات أمام جميع اللاعبين المعتزلين لتقديم البرامج والنقد والتحليل والتقطيع وتصفية الحسابات بحق أحيانا وبغير حق في أحيان أكثر. وبعد ذلك كله تسيطر على الإعلاميين حالة من الغضب ضد قناة الجزيرة لأنها تستضيف "نجوما متواضعين" من نوعية جورج ويا وأرسين فينجر وسيزار مالديني لتحليل المباريات وتساهم في الاحتكار ويجب أن يتم رجم مسئوليها لأنهم "باصين في السبوبة"، ولأنها قناة معادية لمصر. الإعلام الرياضي يحتاج إلى تطوير وإلى إعلاميين أصحاب مصداقية بعدما سقطت الأقنعة عن غالبية الوجوه الموجودة حاليا. للتواصل مع كاتب المقال على موقع التدوين المصغر twitter يمكنكم الضغط على الرابط التالي http://twitter.com/nasry وعلى facebook عبر الصفحة التالية http://www.facebook.com/people/Nasry-Esmat/529965924