برغم ضعف رواندا، إلا أن هناك عيوبا ظهرت في منتخب مصر يحتاج الجهاز الفني لعلاجها قبل مواجهة زامبيا التي تعد البوابة الحقيقية لمونديال 2010. بلا شك خرج الفراعنة بمكاسب من مباراة رواندا بخلاف النقاط الثلاث، مثل دخول السيد حمدي ودودي الجباس المعترك الدولي، وعودة محمد بركات للمنتخب. والأهم ظهور دفاع مصر بثبات، حتى لو كان فريق رواندا منازلا ضعيفا. فحسن شحاتة المدير الفني لمنتخب مصر أدرك أهمية هاني سعيد وراء خط الدفاع، وليس أمامه مثلما حدث أمام أمريكا بالقارات وغينيا وديا، وهو ما يبشر بالخير. فمن الضروري ألا يحاول المعلم إجراء أي تعديلات على طريقة لعب خماسي الدفاع، سواء بوضع سعيد كليبرو مقلوب أو تحريك أحد قلبي الدفاع للطرف مع منح الظهير حريته. فكل تلك الطرق لن تنجح مع القائمة المصرية الحالية، لأنها تحتاج إلى ليبرو سريع يجيد الوصول للثغرات بخفة حتى يغلقها، ويبدو أن هاني سعيد لن يعود بدنيا لحالة 2008. بالعودة للقاء رواندا، الفوز لم يكن هدفا بذاته في عيوننا، فنحن نبحث عن كأس العالم، ولذا شاهدنا المباراة لرصد الهفوات البسيطة التي يجب تفاديها، للاطمئنان على مستوى الفريق. وهناك العديد من النقاط التي يجب تعديلها قبل مواجهتي زامبيا والجزائر، مثل غياب رأس الحربة، وبديل محمد شوقي، وأزمة الظهير الأيمن ودعم مقاعد البدلاء. الظهير الأيمن سأبدأ بالحديث عن مشكلة الجانب الأيمن في منتخب مصر، لأنها مترابطة بشكل كبير مع ما حدث أمام رواندا. وجدت العديد من الهجوم الجماهيري على مستوى أحمد فتحي كظهير أيمن المنتخب كونه لم يرسل عرضية واحدة صحيحة طوال اللقاء، وأفشل الكثير من هجمات مصر. لكني أعتقد أن شحاتة اختار الحل الصحيح بالإبقاء على أحمد المحمدي بديلا، لأن الأخير ضعيف جدا دفاعيا، والمنتخب لم يكن حمل أي هفوة، والأمر نفسه ينطبق على لقاء زامبيا. بينما ألوم على المعلم في أن حساباته افتقدت مراعاة التوازن، فربما لا نملك لاعبا متكاملا دفاعا وهجوما في الناحية اليمنى، ولذا كان علينا تعويض ذلك في اليسار مع سيد معوض. فمصر تملك في معوض ظهيرا يجيد الدفاع والهجوم بشكل مقبول جدا، طالما لم نطلب منه اللعب بالرأس أو الانضمام للعمق. ولذا كان علينا تركيز الهجوم على الناحية اليسرى، بوضع السيد حمدي أو غيره كمحطة تساعد معوض في الوصول لأقصى الطرف، وإنتاج عرضيات جيدة. ودليل أن هذا الحل كان مهما ظهر مع مشاركة محمد بركات الذي مال يسارا، فقد دفع معوض للأمام، وفتح جبهة قوية للفريق، ولم يكن هناك قلق يذكر على المستوى الدفاعي. ووجود جبهة هجومية قوية لمصر في الناحية اليسرى خدم المعلم في كشف ثغرات رواندا كون دفاع أصحاب الأرض انفتح بعرض الملعب. وكانت تحركات الجباس يمينا في المرتدات عاملا مساعدا لمنح رواندا إحساسا بأنهم غير آمنين، ولا يمكنهم الهجوم بكثافة حتى لا يستقبل مرماهم هدفا ثانيا ينهي اللقاء. النقطة الأخيرة في هذا الشق لاحظتها في معظم مباريات مصر، أن الأداء الهجومي يموت فجأة في منتصف الشوط الأول، وذلك لأن ظهيري الجنب يقفان عن دعم الفريق. والسبب في ذلك يعود لمستوى محمد شوقي لاعب الارتكاز، والذي يحتاج المعلم لمراجعة حسابات المنتخب فيما يخصه. بديل شوقي لا أحد ينكر على شحاتة حقه في وضع الثقة بأعمدة الفريق مثلما يحدث مع ستيفان أبياه في منتخب غانا، وكذلك أن محمد شوقي لاعب قوي دفاعيا ويفيد الفراعنة بما لا يقاس. لكن وضع شوقي صعب وتحول لسلاح سينفجر في وجه المعلم مع أول خسارة، لأن اللاعب لا يشارك مع ميدلسبره أبدا، ويبدو أن هذا لن يتغير قريبا. نحن الآن في بداية موسم، وكل اللاعبين لم يصلوا لأعلى حالاتهم البدنية بعد، ولذا لم يظهر الفارق كبيرا بين شوقي وأي من زملائه اللذين يشاركون بانتظام مع فرقهم. بينما مع موعد لقاء الجزائر، سيكون مر على الموسم ثلاثة أشهر، فهل سيكون شوقي لائقا لمواجهة الجزائر المصيرية في كل الأحوال؟ بالطبع لا، ولذا يجب تجهيز بديل. حسام عاشور ومعتز إينو وأحمد عبد الرؤوف لا يصلحون لدخول المنتخب، لأنهم لا يمتلكون شخصية اللاعب الدولي، وأحمد خيري موقعه الحقيقي على مقاعد البدلاء لنقص خبرته. كما أن توظيف فتحي في هذا المركز سيكلف مصر خسارة ظهير يجيد الدفاع، وأمام زامبيا والجزائر نحتاج لقوته الكبيرة في الجبهة اليمنى. وقد يكمن الحل في محمد حمص مع عودته من الإصابة، وقد حان الوقت ليحصل على فرصة كاملة، خاصة أنه يجيد اللعب مع حسني عبد ربه. الثنائي شعبان في بتروجيت حل جيد، لكن إضافة لاعب جديد في توليفة دفاعية مع هذه المرحلة صعب للغاية نجاحه، ومغامرة لا يقدر عليها أحد حتى المعلم. أما الحل الأفضل يصعب تنفيذه، وهو تجهيز حسن لأداء دور شوقي مثل أمم إفريقيا 2008، والمشكلة أن المعلم لن يملك وقتا قبل لقاء زامبيا لتعديل موقع الصقر في ذهن اللاعب. ولذا عليه العمل مع حسن في جلسات خاصة قبل معسكر المباراة، وهو ما كان يجيده الجوهري حين كان يرى دورا معينا للاعب، يختلف عما يؤديه مع ناديه. بل وأحيانا وصل الحال بالجنرال لتدريب حازم إمام وعبد الستار صبري بنادي الدفاع الجوي لرفع لياقة الثنائي البدنية. وهنا يأتي الحديث عن ميدو فبخلاف وضع عمرو زكي ومحمد زيدان الذي لا ذنب لشحاتة فيه، يمكنني اتهام المعلم في جزء من غياب لاعب مهم مثل أحمد حسام "ميدو" عن المنتخب. ربما لم يصنع ميدو الكثير للمنتخب، لكن ناره في كفة، وجنة أحمد رؤوف وأحمد سلامة أمام زامبيا والجزائر في الكفة الثانية. دخول عماد متعب في لياقة المباريات قبل نهاية التصفيات محل شك، وعودة محمد زيدان مستحيلة، ولذا وجود ميدو وعمرو زكي ضرورة لدعم خط الهجوم في المباراتين المقبلتين. ولو كان المعلم مهتم بميدو على المستوى الشخصي وعلاقتهما قوية مثلما يجب أن يكون حال بين مدرب وقائمة مترابطة تسعى لحلم المونديال، لما وصل اللاعب لهذا الوزن. بمعنى، أن ميدو لو كان شعر بالمسؤولية تجاه منتخب مصر، وأنه فرد مهم في حسابات المعلم – فعلا وليس قولا- لاهتم بنفسه أكثر. لكن ميدو اعتبر فترة التوقف راحة تامة له، فزاد وزنه لأنه تعامل مع إجازته على أن قواعد الاحتراف من نوم وأكل غير موجودة. ميدو حتى لو لم يكن من الموثوقين في موهبتهم من قبل المعلم، فجلوسه على مقاعد البدلاء يعطينا ثقلا لا شك فيه. وانظروا إلى حال مقاعد بدلاء مصر أمام رواندا، تجد العديد من الثغرات في بعض المراكز الحيوية، وهو أيضا ما يجب تعديله سريعا. البدلاء فلازلنا بلا بديل لمعوض، وقد يكون الحل في صبري رحيل - لو لعب بانتظام مع الزمالك - لأن أحمد سمير فرج لم يعد يلعب كظهير، ولأن أسامة محمد لم يقنع المعلم بأنه دولي. وهاني سعيد بلا بديل في مركز الليبرو، والمشكلة تتفاقم لأن معظم فرق الدوري الكبار حاليا تحاول تطبيق 4-4-2، مثل الأهلي والحرس وإنبي. طبعا هناك مسلمات يجب على المعلم اتباعها مثل إعادة عبد الواحد السيد لقائمة المنتخب لأن الحضري أعطى الجمهور لحظة رعب حينما سقط مصابا لدقائق. أخيرا، الفوز على رواندا كان مهما، لكنه قد لا يكون ثمينا لأنه تم بهدف واحد، وضعف هجومنا خلال تلك المباراة قد يوجه السباق ناحية منتخب الجزائر لو فاز على زامبيا.