جلس مرتضى منصور أمام شاشة تليفزيون "دريم" لاستعراض برنامجه باعتباره واحدا من مرشحي رئاسة الزمالك. وطوال نحو الساعة، تحدث عن جميع الشخصيات الفاعلة في انتخابات النادي الأبيض باستثناء شخص واحد: مرتضى منصور نفسه! ولكنها لم تكن مفاجأة لأنصاره أو لمعارضيه. فحتى مع اقتراب ميعاد الانتخابات، فإن منصور يخصص جزءا هامشيا من جميع أحاديثه والتي جاء من ضمنها ندوته الرئيسية في النادي عن نفسه، ويخصص الباقي لتفنيد الحملات الانتخابية لمنافسيه الرئيسيين ممدوح عباس وكمال درويش. وعادة ما يلوح منصور بأوراق ومستندات يدين بها الجميع، ليس فقط المنافسين بل والمختلفين معه أيضا إلى حد لم يسلم فيه أحد من اتهاماته المختلفة سوى المؤيدين له أو بعض الرموز غير القابلة لللمس – حتى الآن – مثل حازم إمام وحسن شحاتة. هذا التوجه ساعد منصور كثيرا على النجاح في عام 2005 أمام درويش وكسب له تعاطفا كبيرا وتأييدا ضخما في الأعوام التي أعقبتها والتي شهدت شطبه وتجميد عضويته ثم سجنه فيما بعد، وهي الفترة التي يفضل منصور في الإشارة إليها ب"فترة الأسر". ولكن مع التسليم بوجود قاعدة شعبية لا يستهان بها لمنصور داخل نادي الزمالك وخبرات انتخابية اكتسبها عبر النجاح في أربع دورات انتخابية سابقة، فإن سلاح "فرق تسد" لم يعد بالقوة نفسها. الكل مدان و"فرق تسد" هي سياسة مفادها تفتيت الأصوات والتأييد الذي يحظى به المنافسون سواء عبر الهجوم عليهم أو الوقيعة بينهم وبالتالي يظل منفذ هذه السياسة هو الوحيد المحتفظ بقوته كاملة ويعطيه أفضلية بعد تفرق الجميع في اتجاهات مختلفة. التكتيك الانتخابي لمنصور لم يعد مؤثرا لسببين: الأول أن الهجوم على شخص، أو اثنين، أو حتى قائمة كاملة من الأشخاص أصحاب المصالح المشتركة يكون مقبولا في حال وجود أدلة مناسبة والسمعة الحسنة لمن يشن الهجوم، وهما أمران يتمتع بهما منصور. إلا أن الهجوم على الجميع تقريبا يثير سؤالا وجيها: هل جميع معارضي منصور فاسدين فيما يمتلك هو وأنصاره فقط الضمير الحي وطهارة اليد؟ الإجابة الوحيدة هي أن كل هذه الاتهامات يتم توظيفها لأغراض انتخابية بحتة لاسيما حينما ينقلب "الفاسد" إلى "رجل محترم" من وجهة نظر منصور أيضا، وهو ما حدث في حالة درويش.
السبب الثاني هو تقصير منصور الواضح في نشر برنامج انتخابي واضح ينوي تنفيذه تاركا الأعضاء ينتظرون قطف ثمار "قطع أيدي الفاسدين وتطهير الزمالك من المنتفعين" من دون تحديد نوع هذه الثمار تحديدا. فمنصور دائما ما يعتمد على الكاريزما التي يحظى بها وسط أنصاره داخل النادي وتعاطف الكثيرين نتيجة شعورهم بتعرض الرجل لقدر كبير من الظلم طوال السنوات الأربع الماضية، إلا أن هؤلاء الأنصار يفشلون في تحديد نقاط واضحة يلتزم منصور بتنفيذها في حال نجاحه. فكلما يبدأ منصور في الحديث عن أحد المشاريع التي يريد إنجازها، ما هي إلا ثوان ويحول مسار الحديث إلى "المخالفات" التي ارتكبها الآخرون حينما حاولوا تنفيذ أمر مماثل. فالحديث عن المبني الاجتماعي الذي كان ينتوي بنائه يتحول إلى هجوم على الأماكن التي قام بها أسلافه بالحفر فيها، واستعراض أفكاره عن كيفية استغلال أرض النادي في السادس من اكتوبر ينتهي إلى كيفية ضياعها بإهمال أسلافه وكيف استعادها بعلاقاته في وزارة الإسكان، والإفصاح عن اللاعبين الذين يرغب في التعاقد معهم يجعله يتطرق إلى صفقات أخرى فاشلة عقدها غيره ... إلخ. القائمة الأضعف وفضلا على البرنامج الانتخابي غير واضح المعالم، فإن منصور يواجه أزمة أخرى تتمثل في أن قائمته هي الأضعف بين قوائم المرشحين الثلاث الكبار. وتضم قائمة منصور خلطة لا تشعر فيها بانسجام كبير وفي نفس الوقت تضم بعض الأشخاص بلا شعبية حقيقية بين الأعضاء .. على الأقل حتى الآن. فأحمد مرتضى – نجل مرشح الرئاسة – وضياء عبد الهادي لا يملكان تاريخا يستندان عليه في هذا الصراع، أو إنجازات رياضية توفر لهما شعبية وسط الجماهير، ولا برنامجا واضحا يحصلان به على التأييد. الأسماء الثلاثة الأخرى تحظى بدرجات مختلفة من الشعبية في صفوف الأعضاء والجماهير والتي يأتي على رأسها إبراهيم يوسف نجم الزمالك ومنتخب مصر في الثمانينات وجورج سعد كبير مشجعي الزمالك والمليونير الأبرز في النادي طوال سنوات طويلة إضافة إلى خالد لطيف، حفيد أسطورة التعليق الكروي محمد لطيف.
قائمة مرتضى منصور: • إبراهيم يوسف • جورج سعد • خالد لطيف • ضياء عبد الهادي • أحمد مرتضى ويحظى يوسف بمساندة واضحة في النادي ويأمل كثيرون ان يستطيع توفير تواجد كروي في قائمة منصور في حال نجاحها وتولي ملف كرة القدم سواء مع لجنة الكرة أو مع الفريق نفسه. لطيف يحظى بنسبة تأييد معقولة ولكنه ليس من المرشحين الستة الأوائل على مقعد العضوية من بين كل المتقدمين فيما قد تقف سن سعد الكبيرة وحالته الصحية عائقا أمام انتخابه من جديد عضوا في مجلس إدارة الزمالك. ويرجع بعضهم في الزمالك الضعف النسبي لقائمة منصور إلى رغبته الشخصية في إحكام سيطرته على قاعة اجتماعات مجلس إدارة النادي في محاولة للتخلص من الكابوس الذي طارده في الأشهر الأربعة التي تولى فيها المسؤولية بعد انتخابات 2005. فكونه الأبرز والأقوى والأكثر خبرة بين الخماسي السابق يجعل كلمته لا راد لها داخل مجلس الإدارة، بعكس الوضع قبل أربع سنوات حينما كان رئيسا بلا أغلبية ما عطل كل قرارته حينئذ حتى تاريخ حل المجلس. ولكن القائمة قد تكون سببا في عدم نجاح منصور ولو بصورة غير مباشرة في ظل مناداة جميع المرشحين بانتخاب قائمة كاملة حتى يحصلوا على الانسجام والتوافق الكافي للنجاح. اقرأ أيضا عزلة واستعراض عباس يعوضهما فكر استثماري وقائمة شعبية درويش .. أكاديمي كلاسيكي يخطط لغزو المستقبل بإحياء الماضي