نجاحه بناه من الصفر .. رجاله يقدرون خطورة غضبه أكثر مما يخشاه خصومه .. أما عروضه فهي لا يمكن رفضها .. لا ليس إيطاليا ولا يدعى كيرليوني بل هو شخصية أكثر واقعية .. في جعبته 32 بطولة مع أبطال إنجلترا واسمه ألكسندر تشابمان فيرجسون. في مطلع العام الجاري اختارت جريدة "تايمز" البريطانية فيرجسون ضمن أهم عشرة رياضيين في بريطانيا وأطلقت عليه لقب "الأب الروحي" للكرة الإنجليزية .. ومع نهاية الموسم الجاري في إنجلترا يجني المدير الفني لمانشستر يونايتد لقب الدوري للمرة ال11 مع الرجل بالإضافة إلى كأس رابطة المحترفين الإنجليزية وبلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا .. لكن هل يستحق فيرجسون لقب الأب الروحي حقا؟ بداية متواضعة لغريب الحي عندما تولى فيرجسون مسئولية تدريب مانشستر كان الفريق وقتها متوسط المستوى يكافح لخطف لقب في عالم الكرة الإنجليزية التي سيطر عليها ليفربول ولذلك قال المدرب عقب تتويجه بلقبه الأخير مع الشياطين الحمر إن أقصى أمنياته كان الفوز ببطولة دوري واحدة فقط دون أن يدري أنه مع حلول عام 2009 سيهدي فريقه لقبه ال18 في الدوري مساويا الرقم القياسي لجبابرة أنفيلد بعد أن أبعدهم تماما من الصورة، تماما كما يفعل نظام سياسي أو عصابة منظمة تفرض هيمنتها تصفية رموز نظام سابق. ورغم فوزه بكأس الأندية الأوروبية أبطال الكئوس مع فريقه السابق أبردين الاسكتلندي عام 1983 احتاج فيرجسون لأربعة سنوات حتى يفوز بأول ألقابه مع مانشستر وهو كأس إنجلترا عام 1990، والمثير أن الفريق احتل المركز ال11 في الدوري في أول موسم له عام 1986. ويصف فيرجسون شهر ديسمبر من عام 1989 ب"أسود فترة مرت عليه مع مانشستر" إذ ساءت نتائج الفريق بشدة وطالب أنصار الفريق بإقالته ولم تكن مصادفة أن تصنع حينها الجماهير لافتة كتبت عليها "ثلاثة مواسم من الأعذار ولازلنا نشاهد هذه الرداءة ارحل يا فيرجي". ترى ماذا سيقول صاحب هذه اللافتة بعد 11 لقبا للدوري الإنجليزي وبطولتي دوري أبطال أوروبا وخمسة ألقاب في كأس إنجلترا والفوز ثلاث مرات بكأس راطة المحترفين ومرة بكأس العالم للأندية ومرة أخرى بكأس الأندية الأوروبية أبطال الكئوس وأخرى للإنتركونتننتال بخلاف كئوس السوبر الإنجليزية والأوروبية. خصوم تاريخيون على مدى تاريخ فيرجسون مع مانشستر يونايتد واجه الرجل مديرين فنيين من كل نوع ودخل في حروب نفسية لا تنتهي معهم والتي دوما ما كانت تنتهي إقالتهم أو باعترافهم بسيادته بداية من كيني دالجليش مدرب بلاكبرن مطلع التسعينات وحتى الإسباني رافاييل بنيتيث مدرب ليفربول الحالي، وفي الطريق اصطدم فيرجسون بجوزيه مورينيو مع بورتو البرتغالي وتشيلسي لكنه عاد وتفوق على الأخير في الدوري الإنجليزي ثم أوروبيا عندما أطاح فريقه إنتر ميلان من البطولة الأوروبية.
روي كين من أهم صفقات ورمز مرحلة وعلى المستوى الأوروبي عاش فيرجسون سنوات من التحدي مع أوتمار هيتزفيلد زعيم عصابة البايرن بنهاية التسعينات ومطلع القرن الجديد وتبادل الرجلان الإطاحة ببعضهما من بطولة أوروبا. أما أبرز خصوم فيرجسون فهو الفرنسي أرسين فينجر الذي تسبب قدومه إلى الدوري الإنجليزي عام 1996 إلى كسر احتكار يونايتد للقب، ويشكل المدربان الثنائي التنافسي الأهم في تاريخ الكرة الأوروبية بفضل حروبهما الكلامية التي لا تنتهي ومواجهتهما في الملعب التي تصب رقميا في مصلحة الفرنسي برصيد 14 فوز وفي مصلحة الاسكتلندي على مستوى الألقاب. عروض لا يستطيعون رفضها اتسمت فترة حكم فيرجسون في مانشستر يونايتد بإجراء مجموعة من أهم الصفقات في تاريخ كرة القدم الحديثة من أبرزها التعاقد مع الفرنسي إريك كانتونا الذي جاء للفريق بأول ألقاب الدوري في عهد مدربه، ثم الأيرلندي روي كين والمهاجمين دوايت يورك وأندي كول والهولنديين رود فان نيستلروي وياب ستام والمدافع ريو فرديناند الذي يعد أغلى مدافع في العالم حتى يومنا هذا، ومن الجيل الجديد تعاقد مع البرتغالي كريستيانو رونالدو عندما كان مغمورا مع سبورتينج لشبونة وواين روني الذي كان دجاجة إيفرتون التي تبيض ذهبا. وتميز مانشستر في عهد فيرجسون بقوة اقتصادية كاسحة جعلته يحتل صدارة قائمة أغنى ناد في العالم أو حتى الثاني بالتبادل مع ريال مدريد وذلك بفضل البطولات التي جلبها فيرجسون وجاءت بعقود الرعاية الإعلانية وضاعفت من مقابل النقل التلفزيوني مما ساعد النادي في تمويل صفقاته الضخمة. يونايتد اشتهر تقديم عروض لا يمكن رفضها بتقديم الشهرة والألقاب للاعب والمال للنادي الذي يملكه وهو ما جعل الفريق مكروها في أنحاء إنجلترا ولكنه يتمتع أكبر جماهيرية خارج بريطانيا من جميع أنحاء العالم. جيل وراء جيل قدم فيرجسون جيل التسعينات من اللاعبين وعلى رأسهم نجمه الأشهر ديفيد بيكام والويلزي ريان جيجز والأخوين نيفيل وبول سكولز ونيكي بات والمهاجم النرويجي أول يجونار سولشاير وروي كين وقد ساهم هذا الجيل في الفوز بثلاثة الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا مدعومين بخبرة مخضرمين من نوعية الحارس بيتر شمايكل والمدافع دينيس إروين. وبعد تفكك هذا الجيل عام 2004 فقد مانشستر غالبية ألقابه أمام تصاعد قوة أرسنال وتشيلسي وتصور الجميع أن مسيرة الرجل في طريقها للنهاية بعد أن رحل معظم أفراد الجيل الذهبي لكن المدهش أن الجيل الحالي الذي وصفه فيرجي ب"الأفضل في تاريخ مانشستر" والذي ضم رونالدو أفضل لاعب في العالم وروني والمدافعين إيفراوفيديتش وكاريك نجح في الفوز مجددا بدوري أبطال أوروبا عام 2008 بالإضافة إلى بطولة الدوري وكأس العالم للأندية.
السجل الذهبي : الدوري 11 مرة الكأس 5 مرات أبطال أوروبا مرتين أبطال الكئوس مرة واحدة رابطة المحترفين 3 مرات كأس العالم للأندية مرة واحدة الدرع الخيرية 8 مرات الانتركونتننتال مرة واحدة السوبر الأوربي مرة واحدة وجاء ذلك بعد عملية إحلال وتبديل دامت لما يقرب من ثلاثة أعوام حتى ارتفعت كيمياء الفريق إلى ذروتها عام 2008. والمثير أن فيرجسون سبق له تدريب العديد من مدربي الأندية الإنجليزية حاليا الذين كانوا لاعبين في صفوف يونايتد ومن بينهم ستيف بروس في ويجان ومارك هيوز في مانشستر سيتي وبول إينس وروي كين وبريان روبسون وغيرهم. لا تسامح شهدت الفترة التي قاد فيها فيرجسون مانشستر عددا من الخلافات بينه ومجموعة من أبرز نجوم فريقه كانت تنتهي دائما برحيلهم دون أن يستسلم رجل أولد ترافورد القوي. ورحل فان نيستلروي أحد أبرز هدافي الفريق بسبب خلافاته مع فيرجسون في وقت كان الفريق فيه في حاجة ماسة لجهوده، كما رحل روي كين بالطريقة ذاتها رغم كونه أهم رجال فيرجسون خلال التسعينات، أما الحالة الأبرز والأشهر فكانت رحيل بيكام عام 2003 إلى ريال مدريد بعد خلافات كبيرة مع مدربه بسبب انغماسه في عالم الشهرة بعد الزواج من فيكتوريا آدامز مطربة البوب. ولعل هذا الرصيد هو ما جعل المتابعون يحذرن من تكراره مع رونالدو المعترض على تغييره في مباريات مانشستر خصوصا أن الجميع يعرف أن مسرح الأحلام المعروف باسم أولد ترافورد يقدم عروضه من بطولة نجم أوحد ولا يقبل سوى أبا روحيا واحدا. شاهد فيديو فيرجسون الأب الروحي مع صور لمسيرته من عام 1984 حتى مايو 2009
