بصرف النظر عما ستنتهي اليه ازمة الأهلي – الحضري التي فجرها حارس مرمي منتخب مصر برحيله المفاجيء لنادي "اف سي سيون" السويسري والتوابع التي نجمت عن هذا الزلزال الذي رج ارجاء النادي العريق وصدم جماهيره الكبيرة ومسئوليه, فإن توابع ما حدث ستكون وخيمة علي مستقبل الكرة المصرية, ولن يغلق الملف بعودة الحضري. رحيل الحضري – واقصد هنا كلمة الرحيل المفاجيء وليس الهروب التي اطلقتها وسائل الاعلام والمسئولين علي اللاعب لانه ليس هاربا من احكام قضائية – لم يكن في حسابات مسؤولي الأهلي عندما رفضوا عرض نادي سيون علي الإطلاق بدليل الصدمة التي شعروا بها. ولكنه لفت انظار الجميع إلي مادة هامة في لائحة الانتقالات, وهي المادة التي لم تستغل سوي مرة واحدة في تاريخ كرة القدم عندما استغلها اللاعب الاسكتلندي "أندي ويبستر" لاعب نادي هارتس الاسكتلندي عندما انتقل لنادي برمنجام الإنجليزي, أي ان الحضري هو ثاني لاعب في التاريخ حاول استغلال هذه المادة. بالغت جماهير الأهلي بعض الشيء في التعبير عن غضبها من حارس مرمي فريقهم, ومن ورائهم عدد ليس بالقليل من النقاد الرياضيين الذين لعبوا علي وتر الجماهير ومشاعرهم, رغم الاعتراف الكامل بخطأ الحضري. وانساقت الأغلبية وراء العواطف المبالغ فيها لدرجة اتهام الحارس الدولي بالخيانة وهو امر مرفوض ايضا, وكان علي العقلاء ان يتعاملوا بشيء من الهدوء بدلا من اللعب علي نغمة الجماهير التي لا يمكن ان نوقع لها شيكا علي بياض, واذا كانت جماهير الاهلي غاضبة كل هذا الغضب من الحضري فلأنها تحبه. نعم الحضري اخطأ في حق نفسه أولا وناديه وجماهيره ثانيا ولكن اذا كنا محقين حقا فلابد وان نعترف بأن مسؤولي النادي الاهلي هم اول من "حضروا العفريت" وفشلوا في صرفه عندما حاولوا ضم سيد معوض مدافع الإسماعيلي السابق خلال المادة 17 في لائحة انتقالات الفيفا, واذا كنا ندين تصرف الحضري غير المقبول, فإن الإدانة ستطول أيضا إدارة الأهلي, وهذا ليس دفاعا عن الحارس الدولي وتصرفه المشين ولكنه استكمالا للحقيقة. هناك حقائق عديدة اهملها المتسابقون في ادانة وانتقاد تصرف الحضري - المرفوض شكلا وموضوعا - أول هذه الحقائق ان واقعة الرحيل المفاجيء لحارس مرمي الاهلي لم تكن الواقعة الاولي من نوعها في النادي العريق في السنوات الاخيرة, بل سبقه إبراهيم سعيد ومحمد جودة وهشام حنفي ومحمد فاروق وقبلهم جميعا هاني سعيد وأشرف أبوزيد, وحاول الناشئان شريف أشرف ومحمد الشناوي تكرار نفس الفعل ولكنهما فشلا بعلاقات مسؤولي الأهلي.
وانساقت الأغلبية وراء العواطف المبالغ فيها لدرجة اتهام الحارس الدولي بالخيانة وهو امر مرفوض وكان علي العقلاء ان يتعاملوا بشيء من الهدوء بدلا من اللعب علي نغمة الجماهير التي لا يمكن ان نوقع لها شيكا علي بياض. الأمر ليس جديدا, ولكن لأنه مرتبط بحارس كبير مثل عصام الحضري فإن الدنيا قامت ولم تقعد, وهنا يطرح تساؤلا هاما يجب ان تجيب عليه إدارة الأهلي .. لماذا يهرب لاعبي الاهلي رغم كل الامتيازات المادية والمكانة الادبية التي يتمتعون بها في ناد كبير مثل الاهلي؟! هذا ما يجب أن يبحثه المسؤولون بهدوء لتجنب استمرار رحيل اللاعبين المفاجئ, ثاني الحقائق أن الأهلي أخطأ في معالجة طلب الحضري بالاحتراف عندما تفاوض بشكل غير جاد مع مسؤولي نادي سيون السويسري ورفض تحديد المبلغ الذي يرضيه مقابل الاستغناء عن الحارس الدولي مما أوحي للاعب بأن النادي لن يفرط فيه مهما حدث. ثالث الحقائق أن الأهلي أهمل في متابعة الأزمة حينما تجاهل مسؤوليه طلب نادي سيون بالحصول علي البطاقة الدولية للاعب قبل سفره بأربعة ايام كاملة وتعاملوا مع الامر وكأنه محسوم وغير قابل للنقاش حتي فوجئوا برحيل الحضري, وهو ما جرح كرامة مسؤولي النادي الكبير الذين لم يعتادوا علي ذلك. إذا كان الاهلي خسر حارسا كبيرا بحجم الحضري فإن الخسارة الأفدح للحضري نفسه الذي فقد كثيرا من حب وتعاطف جماهير الاهلي وضع مستقبله في محك صعب وهو ما لا يستحقه حارس بإمكانياته, ولم يكن يليق بأفضل حارس مرمي في إفريقيا مرتين متتاليتن ان يحترف بهذا الاسلوب المرفوض ولا في هذا النادي الصغير. أما خاطبي ود ادارة الاهلي وجماهيره فقد تحدثوا طوال الاسبوع الماضي عن ان الاهلي هو الذي صنع الحضري وغيره, وهذا حقيقي ولا يمكن إنكاره, ولكن هؤلاء ذكروا نصف الحقيقة فقط, لأن النجوم الكبار علي مدي 100 عام ساهموا في صنع اسم وشعبية النادي الاهلي ايضا, أي ان المعادلة لها طرفين وليس طرفا واحدا, ولاداعي للمزايدة من اجل ارضاء غرور جماهير وإدارة الأهلي. نقطة أخيرة: اتحاد كرة القدم كان المستفيد الاول من الزوبعة التي احدثها عصام الحضري لأنه شغل الرأي العام عن مواصلة الانتقادات للاتحاد بسبب سفرية العلب في دبي, لذا فإن اتحاد الجبلاية مدين للحضري بمكافأة جديدة بخلاف مكافأة بطولة الامم الافريقية!