عندما قاد أرسين فينجر أول تدريب للاعبي أرسنال عام 1996 ، قال عنه المدافع لي ديكسون إنه شبيه بمدرس الجغرافيا ، بينما سخر راي بارلور من مظهره الشبيه بال"مفتش جاك كلوزو" بطل سلسلة الفهد القرمزي الهزلية ، أما توني ادامز فتساءل : "هل يعرف هذا الرجل شيئا عن كرة القدم"؟ وبعد مضي 10 سنوات كاملة على أول لقاء رسمي لفينجر ضد بلاكبرن يوم 12 أكتوبر 1996 ، لم تتردد اليوم إدارة "المدفعجية" في عرض تجديد تعاقدها مع المدرب لعشر سنوات أخرى ، فيما لم يتردد من سخروا منه للوهلة الأولى في وصفه بأنه "أعظم مدرب قاد الفريق طوال تاريخه". ولا عجب في العرض الذي أعلنه ديفيد دين نائب رئيس نادي أرسنال على فينجر بعدما نجح المدرب الفرنسي في الفوز بالدوري الإنجليزي ثلاث مرات وبكأس إنجلترا أربعة مرات وبكأس الدرع الخيرية أربعة مرات ، وقاد الفريق للمرة الأولى في تاريخه إلى نهائي دوري أبطال أوروبا العام الماضي. "أرسنال .. الممل الممل" ونجح فينجر في تغيير الصورة السلبية لأرسنال خلال السنوات العشر التي قضاها بين جنبات النادي ، فبدلا من صيحة "أرسنال الممل الممل" التي اعتادت الجماهير وصف طريقة لعب الفريق بها إبان عقد الثمانينيات ومطلع التسعينينات ، فاز المدفعجية تحت قيادته ب366 مباراة من أصل 565 وأحرز لاعبوه 1020 هدف. وامتد تأثير المدرب إلى الكرة الإنجليزية كلها ، ففتح الباب للمدربين الأجانب مثل جوزيه مورينيو ورافاييل بنيتيث وحتى السويدي زفين جوران إريكسون لتولي مناصب تدريبية كانت مقصورة على البريطانيين ، وصار المدير الفني الأجنبي الأطول عمرا في وظيفته. وانقلبت سخرية لي ديكسون من فينجر إلى مديح حيث فوجيء لاعبو أرسنال المنتمون إلى جيل 96 باهتمام فينجر بأدق التفاصيل بخصوص الطعام وألوان مقاعد المقصف ومدة التدريبات وتمارين العضلات مما ساهم في إطالة عمر ديكسون في الملاعب مع باقي أعضاء رباعي خط ظهر أرسنال الذي كان يتكون في ذلك الوقت من توني أدامز ولي وينتربرن ومارتين كيون وجميعهم كانوا قد تعدوا سن الثلاثين. صفقات رابحة ولعل أبرز بصمات فينجر مع أرسنال قدرته على الكشف عن المواهب الصغيرة واستقدامها للعب لصالح الفريق قبل أن تعلن عن نفسها أمام الجميع ، فصارت ثقافته تساوي ذهبا ، لأنها وفرت على الفريق ملايين الدولارات. وتعاقد فينجر مع نجمه الأهم تييري هنري من يوفنتوس مقابل 18 مليون دولار ، ومع باتريك فييرا من ميلان مقابل 7،5 مليون دولار ، ومع كولو توري من أسيك أبيدجان مقابل 900 ألف دولار ، ومع فرانسيسك فابريجاس من برشلونة باتفاق الطرفين ، وجميعهم ارتفعت أسعارهم عدة مرات خلال وجودهم ضمن صفوف أرسنال.
فينجر وفيرجسون .. صراع لا ينتهي بل أن موهبة ثمينة مثل الفرنسي نيكولاس أنيلكا تم بيعها من أرسنال إلى ريال مدريد عام 1999 مقابل 40 مليون دولار وهو ما يساوي 100 ضعف قيمة اللاعب عندما تم شرائه من باريس سان جيرمان. والمثير أن لاعبين مثل فييرا وهنري ومواطنهم روبرت بيرس والسويدي فريدريك ليونبرج اعادوا اكتشاف أنفسهم تحت قيادة فينجر بعدما صاروا غير مرغوبين في أنديتهم السابقة. ويقول هنري أبرز نجوم أرسنال وصاحب الرقم القياسي بين هدافيه عن فينجر : "لقد غير حياتي بالكامل ، المرة الأولى عندما كنت ناشئا في صفوف موناكو وكان هو مدربا للفريق والمرة الثانية عندما حرص على التعاقد معي من يوفنتوس". مدرسة المستقبل ويضم أرسنال بين تشكيلته اليوم مجموعة من الأسماء تعد نتاجا لسياسة الاعتماد على الوجوه الشابة من بينهم فابريجاس وروبن فان بيرسي وإيمانويل إيبوي وثيو والكوت وفيليب سندروز وجيل كليتشي وماثيو فلاميني. ويحتوي قطاع الناشئين حاليا على مجموعة من أبرز الواعدين في أوروبا من أبرزهم الإسباني فران ميريدا والبرازيلي دينلسون قائد منتخب السامبا تحت 17 عاما ، بعد أن صار الجميع يعرف أن النادي يمنح الفرصة للصغار للتعلم بعكس أندية أوروبا الكبرى الباحثة عن النتائج قبل أي شيء. ورغم فوز أرسنال بثنائية الدوري والكأس تحت قيادة فينجر مرتين عامي 1998 و2002 لكن الكثير من المتابعين يعتبرون موسم 2003-2004 الأبرز في تاريخه إذ فاز بالدوري الإنجليزي دون هزيمة محققا إنجاز لم يتكرر منذ فعلها نادي بريستون نورث إند موسم 1888-1889 ، ولعب أجمل كرة قدم عرفها الإنجليز منذ عقود طويلة بالاعتماد على السرعة الفائقة واللعب من لمسة واحدة والتمريرات الأرضية وهو أسلوب فينجر المفضل حتى الأن. لعبة القط والفأر وأضفى وجود فينجر على الدوري الإنجليزي مذاقا مختلفا بعد أن صا