لا تقتصر متعة متابعة كأس الأمم الأفريقية في مصر على مشاهدة النجوم المحترفين في أوروبا أو المباريات المثيرة التي تجمع القوى الكبرى للقارة ، لكنها تمتد أيضا إلى المشجعين الأفارقة القادمين وراء منتخبات بلادهم لمؤازرة اللاعبين وللتعبير عن ثقافة بلادهم في أهم محفل أفريقي تشهده القارة كل عامين. وشهد استاد الكلية الحربية خلال أيام الماضية مسابقة أفريقية بين مشجعي منتخبات الكاميرون وتوجو والكونجو الديمقراطية وأنجولا على تقديم فقرات فنية ، وتم تقسيم مدرجات الملعب إلى أربع مناطق ، تضم كل منها أنصار أحد المنتخبات الأربعة برفقة آلاتهم الموسيقية الصاخبة. وفي المكان المخصص لهم على يسار مقصورة ملعب الكلية الحربية تجمع أنصار المنتخب الكاميروني المتحمسون لتشجيع منتخب بلادهم بلا توقف ، وعلى رأسهم كان إنجاندو بيكيت - كبير مشجعي منتخب "الأسود" - الذي كان يرقص مرتديا عباءة كبيرة تلف جسده الضخم بألوان العلم الكاميروني ، وفي يده دمية كبيرة لأسد بني اللون ، وعلى وجهه ابتسامة عريضة لا تزول إلا مع كل فرصة ضائعة من صامويل إيتو أو أتشيلي ويبو. ولدى سؤاله عن شخصيته ، يرد بيكيت - 45 عاما - قائلا : "أنا تميمة الكاميرون ، وأذهب وراء الفريق في كل مكان". ويعمل بيكيت منذ 12 عاما كمشجع محترف مع المنتخب الكاميروني وسافر وراء الفريق في كل البطولات التي خاضها مؤخرا بما فيها نهائيات كأس العالم في فرنسا عام 1998 وفي كوريا الجنوبية واليابان عام 2002 على نفقة الاتحاد الكاميروني لكرة القدم. ويضيف بيكيت : "التشجيع هو عملي ، واكسب رزقي منه ، لأنفق على أسرتي المكونة من زوجة وثلاثة أبناء في ياوندي".
مشجع كونجولي ولا يحتاج عمل بيكيت سوى دهان وجهه بألوان "الجواش" قبل المباريات وارتداء ملابس كاميرونية محلية ، ليصبح أكثر جاذبية من صامويل إيتو شخصيا ، حيث التف حوله عدد كبير من الجمهور المصري الموجود في ملعب الكلية الحربية لالتقاط الصور التذكارية قبل أن يعود مع رفاقه إلى حيث يقيمون بأحد فنادق منطقة الهرم. ولم يسرق الأضواء من بيكيت في ذات المدرج سوى خمس راقصات استعراضيات يتمايلن على أنغام الطبول الكاميرونية التي كان يضرب عليها خمسة عازفين أشداء. وبرفقة المجموعة السابقة جلس جان كوام تواديجي الفنان التشكيلي والمدرس بجامعة ياوندي الذي كشف لFilGoal.com : "هذا العرض الراقص ما هو إلا وفد من 14 فردا بعثت بهم وزارة الثقافة الكاميرونية لتشجيع الأسود التي لا تقهر في كأس الأمم الأفريقية". ويرافق تواديجي سيدة في الأربعينيات من عمرها تعمل كمدربة للفتيات وفي يديها آلة موسيقية أشبة ب"شخشيخة" الأطفال ، ورغم بساطتها ، كانت تتحكم في إيقاع الرقص والطبول في آن واحد. ويقول تواديجي الذي يجيد اللغتين الإنجليزية والصينية بالإضافة للفرنسية : "جئنا خلف منتخب بلادنا إلى مصر لتقديم ثقافتنا للعالم ، كل الملابس والآلات الموسيقية بصحبتنا هي صناعة كاميرونية". ولا تقل الجماهير التوجولية عن نظيرتها الكاميرونية حماسا ، حيث توافدت على الملعب بأعداد كبيرة ، وارتدى الرجال والنساء عباءات فضفاضة باللونين الأصفر والأخضر المميزين لعلم توجو ، كما حرص بعضهم على اكتمال أناقته ب"طرطور" بذات الألوان.
وشهد استاد الكلية الحربية خلال أيام الماضية مسابقة أفريقية بين مشجعي منتخبات الكاميرون وتوجو والكونجو الديمقراطية وأنجولا على تقديم فقرات فنية ومن بين المشجعين التوجوليين بدت الحماسة على وجه بوكاري أوما - 32 عاما - الذي وقف وسط المدرجات عاريا تماما إلا من قطعة قماش أحاطت بوسطه فيما دهن جسده كاملا بألوان صارخة ، وقال : "نعم ، أشعر بالبرد ، لكن لا خيار لدي ، لأنني أحب بلادي جدا وأفعل ما يرضيني". ويعتبر أوما بطولة "مصر 2006" أفضل مسابقة لكأس الأمم الأفريقية يشارك فيها من بين أربع بطولات شجع فيها منتخب توجو بعد بطولات 1998 و2000 و2002 ، وقال : "الناس هنا كرماء للغاية ولا يعرفون العنصرية". أما زميله دوبيه دانجي - 25 عاما - فقد انشغل بالفرار من المتفرجين المصريين الذين اصطفوا للتصوير معه بين شوطي مباراة الكاميرون وتوجو. وقال دانجي : "عندما كنت صغيرا كنت أحلم بأن أكون لاعبا محترفا دون أن تواتيني الفرصة ، فوجدت أن التشجيع مجال مناسب لي تماما". ويتحمل الاتحاد التوجولي لكرة القدم كافة التكاليف الخاصة برحلة أوما ودانجي و30 مشجعا حضروا من بلادهم لمناصرة توجو. وبعيدا عن انطباعات المشجعين الذين توافدوا على ملعب الكلية الحربية ، لا تخطيء العين ذلك التباين في أنواع الآلات الموسيقية التي يستخدمها المشجعون حسب المنطقة الجغرافية التي ينتمون إليها. فبينما كانت الطبول الطويلة و"الشخاشيخ" هي النمط المميز لمشجعي توجو والكاميرون باعتبارهما ينتميان إلى غرب أفريقيا ، استخدمت جاهير أنجولا الآلات النحاسية الشبيهة بألة "الترومبيت" والتي يتم إطلاقها