عندما يلعب توتنهام مباراة مع أي من الفرق الإنجليزية ، يتحول الجميع إلى مشجعين ، بل ويغضبون لضياع الفرص أو لدخول هدف في مرمى ال"سبيرز" ، وهذا نتاج وجود النجم الأوحد للكرة المصرية في الملاعب الأوروبية "ميدو". لقد تحول ميدو بالفعل إلى النجم الأسطوري في ملعب "وايت هارت لين" ، ملعب الفريق اللندني ، وبالفعل هذه المشاعر تجدها صادقة ورائعة من المصريين الذين يتابعون مباريات الدوري الإنجليزي ، إلا أن السبب الرئيسي لهذه المشاعر ليس تألق ميدو وحده ، ولكن سببه ندرة المحترفين المصريين في الأندية القوية. وهذا ما كان يحدث قبل سنوات مع عميد المحترفين المصريين هاني رمزي ، حيث كانت مباريات كايزر سلاوترن ومن قبله بريمن وكأنها مباراة للمنتخب المصري ، الكل ينتظرها ويتمنى فوز الفريق الذي يلعب له رمزي ، وكثير منا يتذكر الموسم الذي خسر فيه بريمن لقب البوندزليجا في الاسبوع الأخير من المسابقة ، وكيف أصيب المصريون بالحزن كما لو أن المنتخب المصري هو الذي خسر. وهذه المشاعر أيضا هي التي كان سيحظى بها محمد زيدان لولا مشاكله المستمرة مع المنتخب ، أضف إلى ذلك مغادرة البريمن والذهاب إلى ماينتس المغمور. أنا ممن يشجعون النجم المصري ميدو مع فريقه الأبيض ، ولكني عندما أرى مباريات أخرى في الدوري الإنجليزي أيضاً مثل تشيلسي والأرسنال أجد أمامي مشكلة حقيقية ، فأسأل نفسي دائما : ماذا لو كنت إيفوارياً مثلا؟ من سأشجع؟ هل أشجع دروجبا ليسجل هدفا؟ أم كولو توري ليمنع هذا الهدف؟! والشيء نفسه عندما أرى دربي كاتالونيا بين برشلونة الطامع في اللقب وإسبانيول الطامح في البقاء والمنطقة الدافئة ، وأتخيل أنني كاميروني فأسأل نفسي : هل أشجع إيتو أم مواطنه كاميني حارس إسبانيول؟!
أنا ممن يشجعون النجم المصري ميدو مع فريقه الأبيض ، ولكني عندما أرى مباريات أخرى في الدوري الإنجليزي أيضاً مثل تشيلسي والأرسنال أجد أمامي مشكلة حقيقية كلما سألت نفسي هذه الأسئلة تحسرت على لاعبينا ومواهبنا ، وتساءلت : كم نحن فقراء لا نملك إلا نجماً واحداً ، ودائما لا نريد الخروج إلى عالم الكرة الحقيقي ونريد فقط الفوز بالدوري العام واللهث وراء هذا الدرع الوهمي ، حتى ميدو هذا لم يكن صنيعة الكرة المصرية ولا الدوري المصري ، فقد سافر إلى أوروبا واحترف بمعرفة نفسه وبعد جهود مضنية مع مسئولي ناديه ليسمحوا له بذلك ، ولم يكن الزمالك يرضى بخروجه لو كان لاعبا في فريقه الأول ، ولولا خروجه للاحتراف بنفسه لبقي على دكة الاحتياطي سنوات طويةل قبل أن يحصل على فرصة ، ولربما ظل يتلقى لعنات الجميع بسبب طموحه المشروع! وسياسات وقرارات أنديتنا المصرية دائما للأسف ما تحبط اللاعبين الراغبين في الاحتراف رغم الفرص القليلة جدا التي يتلقونها ، فنحن فإما نغالي في أسعار لاعبينا مثلما يحدث حاليا مع أبو تريكة وعمرو زكي ، وإما نحبسهم بصفة نهائية لو كانوا ناشئين ، وأنا لا أتخيل أن هناك ناديا أوروبيا عاقلا يتقدم لشراء ناشيء مصري بمليون دولار ، في حين نظيره الأفريقي لا يتعدى عشر ثمنه. فقوانين الاحتراف في مصر روتينية مملة ترفض احتراف أي لاعب ، وتحتاج إلى تغيير إذا كنا ننظر إلى أي شيء أخر غير هذا الدوري المتهالك وإغاظة بعضنا البعض. وإذا قارننا أنفسنا بأي فريق سنجد أن فريقا مثل إنيمبا الذي حصل على دوري أبطال أفريقيا لموسمين متتاليين لم يفكر بهذا الأسلوب العقيم بعد أن بدأت عروض الاحتراف ترد إلى لاعبيه ، ولكنه استغل هذا الإنجاز في ضخ أربعة لاعبين جدد للدوري الأوروبي. يمكننا الاستفادة فعلياً من كأس الأمم الأفريقية ، هذا الحدث الضخم ، في تسويق لاعبينا في السوق الأوروبية ، فمنهم كثيرون قد يحترفون إذا أتيحت الفرصة لهم ، بداية من أبو تريكة إلى عمرو زكي وأحمد فتحي ومحمد شوقي ، وآخرون ، ولكن بشرط ألا تتمسك الأندية المصرية بالأرقام الباهظة التي تطلبها ، وبشرط آخر ، هو ألا يدخل اللاعبون أنفسهم مباريات البطولة وفي ذهنهم الاحتراف أصلا ، حتى لا يضيع تركيزهم فيظهروا بمستوى لا يؤهلهم للاحتراف ، فالإنجاز الجماعي هو الذي سيأتي لنا بعقود الاحتراف ، وليس "ترقيصة" أو "كوبري" أو "مرواغة"! بالفعل كم تمنيت أن أرى نجماً آخر يلعب أمام ميدو - النجم الأوحد للكرة المصرية - في الملاعب الإنجليزية حتى يقل تشجيعي الطاغي لتوتنهام ، ولكني أجد نفسي كل أسبوع أطير فرحاً مع كل هدف يأتي به ميدو أو حتى أحد رفاقه في الفريق لأن ذلك يصب في مصلحته ، لأنني أتمنى له أن يلعب في دوري أبطال أوروبا الموسم القادم. ومرة أخرى ، يا ليتني كنت كاميرونيا أو إيفواريا أو سنغاليا!